امتحانات الشهادة الثانوية في حماة .. تهديدات ومخالفات

tag icon ع ع ع

محمد صافي – حماة

شهد التعليم في سوريا تراجعًا كبيرًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة بسبب الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، إضافة إلى التبدلات الاجتماعية والمعيشية التي أنتجتها الظروف الأمنية، وقد ساعد ذلك على انتشار الفساد والمحسوبيات أضعاف ما كانت عليه قبل الثورة، وهذا ما ظهر جليًا في امتحانات الشهادة الثانوية الجارية في مدينة حماة.

إذ انطلقت الامتحانات في 1 حزيران الجاري، ضمن عشرات المراكز التي امتلأت بالطلاب الحمويين والنازحين من باقي المناطق كحمص وإدلب وريف دمشق، وبدأت معها سلسلة من التجاوزات والمخالفات والتهديدات جعلت الامتحانات «مهزلة» بحسب بعض أعضاء الكادر التدريسي في المدينة.

الأستاذ نائل، أحد مراقبي الامتحانات في حماة، يقول لعنب بلدي «هُدّدت بقتل ولدي لو لم أسهل عمليات الغش لأبناء الشبيحة والمسؤولين الأمنيين وذويهم، فضلًا عن الطالبات التي تصلهم بعناصر الأسد علاقات حب وغرام»، مضيفًا «أصبح أمر غض البصر عن الغش فضيلة في هذه الأيام، وإلا تعرضت للضرب والخطف أنا وأفراد عائلتي».

تعددت طرق الغش ونقل المعلومات وذلك بحسب إمكانيات الطلاب المالية، وقد شهدت أبواب المراكز الامتحانية تجمعات للأهالي يتوسطون لدى جنود الأسد، «أخي وصل الورقة للقاعة رقم 4 للطالب الفلاني وخود 2000 ليرة». الورقة التي تحوي حلّ الأسئلة كاملة من قبل أحد الأساتذة المتواجدين أيضًا على باب المركز، ينقلها موظفون في المراكز الامتحانية إما مجبرين أو مبتغين مبالغ مالية تصل إلى 15 ألف ليرة للمادة الواحدة.

وقد أفاد الأستاذ أيمن لعنب بلدي، وهو أحد الذين أجبروا على حلّ الأسئلة «هددوني بالقتل لو لم أتواجد على باب المركز داخل الميكرو، حيث تأتينا ورقة الأسئلة فور توزيعها ونقوم بالإجابة عليها ونقلها إلى داخل المراكز، لينسخها الطلاب المدعومون إلى أوراقهم».

وفي حالات أخرى استخدم الطلاب الموبايلات (التي يمنع دخولها إلى قاعات الامتحانات) في عمليات الغش، وقد أجرى بعض الطلاب مكالمات مع الأساتذة أو محادثات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أثناء تقديم الامتحانات بشكل غير معلن، بينما أصبح التفاوض مع الأساتذة بشكل علني أمرًا ملحوظًا، فقد كشف أحد الأساتذة لعنب بلدي (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية)، عن قائمة العروض التي قدمت له من الطلاب في امتحان اللغة العربية المفترض تقديمه الأسبوع الجاري، «قُدمت لي مجموعة من العروض للحصول على أجوبة امتحان اللغة العربية تراوحت بين 12 ألف و18 ألف ليرة، وذلك مقابل درجة تنقص عن العلامة التامة بعلامتين».

اللافت في الأمر أن عددًا من جنود الأسد في المدينة كانوا أيضًا بين الطلاب المتقدمين للامتحانات، وعلى رأسهم الملازم أول «طلال دقاق» المشهور بخدماته للنظام في المدينة، وقد شوهد في أول أيام الامتحان بمدرسة محدثة حي جنوب الملعب وفي اليوم الثاني في مدرسة فاطمة السقا بحي الكرامة، إذ لم يلتزم بمركز واحد «خوفًا من اغتياله من قبل الثوار» وفق عددٍ من الطلاب؛ وقد قال معاذ، أحد الطلاب، لعنب بلدي «دهشت عند مشاهدة طلال دقاق مع بعض عناصره وهم يقدمون الامتحان معنا، لكن حين وزعت ورقة الامتحان كانت ورقته محلولة واكتفى بكتابة اسمه على الورقة».

تجاوزات كبيرة سيكون لها بالتأكيد أثرٌ على الهرم التعليمي في سوريا، وستقلل من قيمة الشهادة الثانوية ودرجة قبولها في الجامعات العربية والدولية، وذلك بالتزامن مع مخاوف الطلاب الذين يقدمون امتحاناتهم في المناطق المحررة وفق المناهج المعدلة من عدم الاعتراف بشهاداتهم أيضًا.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة