مفاتيح "باب السلامة" بيد "أبو حطب"

متنفس للحكومة السورية المؤقتة من أزماتها المالية

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

تحرك جديد للحكومة السورية المؤقتة، وصفه كثيرون بـ “الإيجابي”، بدأته بتسلم معبر “باب السلامة” الحدودي مع تركيا في ريف حلب الشمالي، في 10 تشرين الأول.

تسلم المعبر بكافة أموره المالية والإدارية بشكل كامل من فصيل “الجبهة الشامية” الذي كان يديره، جاء بعد تسعة أشهر من إعلان رئيس الحكومة، جواد أبو حطب، عن وجود مباحثات مع الحكومة التركية، من أجل عملية تسيير المعابر وفق الأصول الدولية، عن طريق الحكومة المؤقتة ممثلة بوزارة الداخلية وإدارة الهجرة والجوازات.

وأكد معاون رئيس الحكومة المؤقتة للشؤون المالية، عبد الله حمادي، لعنب بلدي، أن محادثات تدور فيما يخص المعابر الحدودية الأخرى التي تربط الشمال مع تركيا.

إيرادات لصندوق الحكومة

ترتبط الحدود السورية مع تركيا بنحو عشرة معابر حدودية، ثلاثة منها فقط بقيت تعمل بشكل جزئي، وهي “باب الهوى” بريف إدلب، و“باب السلامة” قرب اعزاز بريف حلب الشمالي، إلى جانب “جرابلس” في ريف حلب الشرقي، و“الراعي”، الذي لم يعلن عن افتتاحه بشكل رسمي حتى الآن.

ويعتبر “باب السلامة” من أهم المعابر الموجودة في المنطقة لاعتباره معبرًا تجاريًا تدخل عن طريقه شاحنات يومية محملة بالمواد الأساسية والغذائية إضافة إلى مواد أخرى كالبناء.

وتفرض على الشاحنات رسوم جمركية، بحسب نوع المواد المحملة، بحسب ما قاله مدير المعبر، قاسم قاسم.

وأوضح قاسم، في حديث إلى عنب بلدي، أن المعبر أعلن عن رسوم دخول كل مادة عبره وتكلفتها، إضافة إلى إمكانية معرفة عدد الشاحنات التي تدخل يوميًا، وبالتالي بحسبة بسيطة يمكن معرفة إيراداته التي لا تتجاوز 40 ألف دولار يوميًا.

وهو ما أكده الناطق الرسمي في “الجبهة الشامية”، براء الشامي، الذي أكد أن إيرادات المعبر سابقًا كانت متعلقة بمرور الشاحنات، تزيد وتنقص، وأي شخص يريد الاطلاع عليها يمكنه مراجعة إدارة المعبر، التي تقدرها بناء على قائمة رسوم محددة.

الشامي أوضح أن الإيرادات كانت تخدّم المعبر بشكل كامل من الموظفين، والفائض كان يذهب إلى حملة “أهلنا نحن معكم”، وهي حملة مدنية تقوم على تخديم الأهالي في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حلب، من مخيمات ومدارس وجامعات وطرق، إضافة إلى أمور أخرى تصب في هذا الاتجاه.

أما عقب تسلم الحكومة فإن الإيرادات كاملة ستذهب إلى صندوقها، بحسب قاسم، الذي أكد أن موظفًا ماليًا تابعًا للحكومة تُسلم له كافة الأموال وهي تتصرف بها، بموجب الاستحقاقات الكثيرة التي تقع على عاتقها، معربًا عن أمله بأن يكون هذا إيجابيًا ويصب في مصلحة الشعب السوري.

عنب بلدي تواصلت مع معاون رئيس الحكومة، عبد الله حمادي، للوقوف على الأمور المالية للمعبر بعد تسلم الحكومة لكنه رفض التعليق واكتفى بالقول “حتى الآن لا يوجد أي معلومات غير توقيع مذكرة بين الحكومة والجبهة الشامية حول استلام إدارة المعبر فقط”.

متنفس من أزمات مالية

وكانت الحكومة تعاني من أزمة في الموارد، خاصة بعد تجميد دعمها من قبل الصندوق الائتماني المنبثق عن دول “أصدقاء سوريا”، فقد أوقفت رواتب الموظفين فيها واعتبرت عملهم تطوعيًا، دون أي مستحقات مالية، بدءًا من مطلع آب الماضي، على أن تصرف لهم مكافأة شهرية حسب الإمكانيات المتوفرة، ونسبة دوام كل موظف.

وأوضح معاون وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة، عبد الحكيم المصري، حينها أن “دعم الحكومة محدود أساسًا لغياب الموارد الذاتية، وأحيانًا يكفي الرواتب، وفي فترات أخرى لا يستطيع توفيرها”.

ومن المتوقع أن يكون مورد المعبر الثابت متنفسًا للحكومة من هذه الأزمات، ويعيد تشغيل عدد من المشاريع التي توقفت أو كانت مهددة بسبب توقف الدعم، كما أن له أهمية في إبعاد الحكومة عن شبح الضغوط السياسية الدولية التي تحكمت بها وأثرت في قراراتها منذ تشكيلها في آذار 2013.

إيجابيات تسلم الحكومة للمعبر

تكهن البعض بتغيير رسوم الدخول للشاحنات بعد تسلم الحكومة للمعبر، وهو ما توقعه قاسم كون الرسوم الحالية “خدمية وقليلة وغير متناسبة مع أسعار المواد”، قائلًا إن الرسوم قليلة، كونها كانت تتلاءم مع رسوم المعبرين الآخرَين (باب الهوى وجرابلس) المنخفضة، “لكن في حال وجود هيئة حكومية تتسلم كافة المعابر، أتوقع أن تكون الرسوم أعلى لأنها حاليًا قليلة لا تتجاوز 1% أو 2% على كل مادة”، مستشهدًا بمثال السيارات، إذ كانت تدفع 2.5% من قيمتها، ما يعني أن أغلى سيارة كانت ترسيمها 200 أو 300 دولار، وبالتالي “لا بد من رفع الرسوم من أجل جلب إيرادات لتخديم المنطقة”.

كما توقع قاسم أن يكون هناك رقابة تموينية من قبل الحكومة داخل “المناطق المحررة” لمراقبة الأسعار تخوفًا من تلاعب التجار، الذين يربحون سواء خفضت الرسوم أم لم تخفض، موضحًا “التاجر إن خفضت الرسوم عليه سيستفاد لجيبه، أما إذا رُفعت فإن الأموال تذهب إلى جهة عامة تصرفها على المواطنين”.

من جهته أوضح الشامي أن الدول المجاورة كانت متحفظة على التعامل مع المعبر بسبب تسلم أموره من قبل فصيل عسكري سابقًا، أما الآن فالوضع مختلف مع الحكومة الجديدة، مؤكدًا أن تسليم المعبر سينعكس إيجابًا من عدة نواح، من حيث حركة المرور والوثائق وفتح الباب تجاه الدولة الثانية، إضافة إلى التجارة ودخول البضائع بسهولة، والأمر الثالث متعلق بالإيردات، فمع تسلم الحكومة للمعبر، يتوقع أن تنعكس الإيرادات على مشاريع دعم القطاعات العامة، “وبالمجمل سيعود هذا بالنفع على المواطن السوري”.

ما حقيقة الضغوط التركية؟

وعقب تسلم الحكومة للمعبر تداول ناشطون أنباء عن وجود ضغوط تركية على “الجبهة الشامية” لتسليمه إلى الحكومة، لكن مدير المعبر، قاسم قاسم، نفى ذلك، وأكد أن الحديث عن عملية التسليم تدور منذ أشهر وتم تجهيز أختام لكن بسبب بعض الإجراءات تم التأجيل حتى الآن.

وأكد قاسم أنه بعد تشكيل وزارة الدفاع وهيئة الأركان التابعة للحكومة المؤقتة، أصبحت هناك قوة لحماية المعبر وبالتالي تم التسليم، وسط وعود من رئيس الحكومة أنه خلال ثلاثة أشهر سيتم تطوير وتصحيح أي خلل في المعبر.

أما الناطق باسم الجبهة، براء الشامي، فأكد أن قرار التسليم هو قرار داخلي ولم يتدخل أحد لا من قريب ولا بعيد، وأن “الجبهة سلمت المعبر انطلاقًا من الإيمان بثوابت الثورة، إضافة إلى أن تطلعات الشعب السوري الحر تصب في أن تكون هناك واجهة أساسية تجمعنا تحت مظلة جسم معترف به وهو الحكومة المؤقتة”، لافتًا إلى أن الحكومة مخولة بتسلم المعبر كونه معبرًا سياديًا ودوليًا.

لكن ناشطين في المنطقة تحدثوا عن تجاوزات مالية وإدارية في المعبر، وطالبوا أكثر من مرة بتسليمه لهيئة مدنية، في وقت تسعى فيه تركيا لفرض عددٍ من المؤسسات المدنية ودعمها في المنطقة على غرار الشرطة الوطنية.

ودارت مباحثات في الأيام الماضية حول تسليم معابر بريف حلب الشمالي لـ “هيئة الأركان”، التي أعلن عن تشكيلها في 18 أيلول 2017، من قبل الحكومة السورية المؤقتة، وسط ترحيب من قبل المسؤولين العسكريين والمدنيين في المنطقة.

وهو ما أكده الشامي بالقول إن هناك توجهًا من الحكومة لاستلام المعابر، معبرًا عن أمله في تسريع خطوات التسليم من قبل الأطراف، لأن المخرج الوحيد هو الانتقال من الحالة العشوائية إلى الحالة التنظيمية، و”لا بد من وجود كيان منظم معترف به دوليًا يقوم بمناهضة النظام لإزاحته عن الحكم، والحكومة هي مؤهلة للأمر وهي الواجهة الأساسية للشعب السوري”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة