tag icon ع ع ع

إبراهيم العلوش

  • من أنتم؟

قالها معمر القذافي بشكل عفوي وصريح.

  • من أنتم؟

رددها شاوشيسكو عندما حاصره الرومان.

  • من أنتم؟

يرددها بشار الأسد ضد الشعب السوري الذي اقتحم مزرعة أبيه مطالبًا بالحرية.

ويرددها شبيحته على الحواجز، وفي المعتقلات، وهم يمارسون مهام بناء الوطن وحمايته من الشعب المطالب بحريته وبكرامته.

  • من أنتم؟

يرددها الإيرانيون وهم يسوقون قطعان الميليشيات الطائفية ضد السوريين ليزعقوا من أنتم.. أمام إمام الزمان، الإمام الخامنئي.. من أنتم أمام صواريخ إيران وحرسها الثوري.

  • من انتم؟

يجعر بها حسن نصر الله مخاطبًا الشعب السوري المخدوع والمهزوم بفعل النصر الإلهي الذي يزعم احتكاره.

  • من أنتم؟

يرددها الإعلام الروسي وقادته الذين أطلقوا الطائرات والصواريخ إلى كل صوب واتجاه في سوريا، ودمروا المدن والقرى لتعقيمها من الشعب الذي يعتدي على النظام، وعلى مصالح روسيا، وساحات الرمي لأسلحتها المتطورة، ويشوه هيبة روسيا العظمى وسمعتها التاريخية في الانتصار على البشر، واحتقار إرادتهم، بدءًا من الغولاغ وليس انتهاء بأوروبا الشرقية التي ذاقت الذل والهوان على أيدي جيشها الجرار.

  • من أنتم أيها الكفار؟

يصيح بها الدواعش على أصحاب البيوت، وعلى أبناء القرى والمدن التي استولوا عليها، واعتبروها منحة إلهية مزعومة ريثما ينالون الجنان الخالدة، لأنهم ينصرون الله ودينه ضد الكفار والمرتدين والجبناء الذين لا يفجرون أنفسهم بجحافل العدو، الذي يعرقل الفتح الداعشي، اعتبارًا من دابق ومرورًا باسطنبول (القسطنطينية) وعبورًا  بالبلمات إلى روما!

  • من أنتم أيها العرب الهربجية؟

يصيح بها مقاتلو جبال قنديل وحلفاؤهم من اللصوص والمعفشين، على أبناء القرى والمدن الفراتية ويرمونهم في مخيمات تشبه المعتقلات ويخضعون فيها للابتزاز والتدرب على حمل صور عبد الله أوجلان، كأيقونات للخلاص من العذاب والجوع والتشرد في البراري.

  • من أنتم؟

يصيح بها علينا حرس الحدود الذين يحمون أعلامهم المختلفة الألوان والأشكال، ويزعقون بنا، ونحن نفر من الموت الذي يطاردنا، ويطلقون النار علينا ويبربرون بكلام غير مفهوم.. وكأنهم يأمروننا بالعودة إلى الموت والاختفاء في أعطافه ليتخلصوا منا.

من أنتم يصيح بنا الجنود والموظفون على أبواب المخيمات، وهم غاضبون من ازدحامنا، ومن مظاهر التحشد التي تحاصرهم، وتمنعهم من الانصراف إلى بيوتهم الهانئة، وإلى أطفالهم المرتبين والمرتاحين، كما كان أطفالنا ذات يوم.

  • من أنتم؟

يصيح بها علينا موظفو الكملك، وموظفو التحقق من اللاجئين وهوياتهم التي فروا منها، أو تساقطت على الدروب الطويلة التي قطعوها وهم يمشون ليل نهار.

  • من أنتم أيها الغجر؟

يصيح بها المهربون علينا ونحن نتزاحم في البلم المخصص لعشرة ركاب، وينقل خمسين إنسانًا تحت تهديد السلاح، وتحاصرنا وجوههم التي تنز احتقارًا وعدوانية على الشاطئ التركي، وفي صباح لم تخرج شمسه إلى الوجود بعد، وقد لا نراها ونحن نغرق في البحر الهائج.

والبحر أيضا يصيح بنا بدوره من أنتم؟ ولا يتمهل ولو قليلًا لنعبر صفحته إلى الضفة الأخرى.

  • من أنتم؟

يصيح بها علينا موظفو المطارات الذين لا يثقون بما نحمل من أوراق، وبما نروي من قصص وتبريرات لعبور الحواجز التي تقف بوجوهنا، ونحن نحاول أن نجد مكانًا لنا في هذه الكرة الأرضية، علّه يؤوينا، ولو كان عند القطب الشمالي أو في عمق الصحارى البعيدة.

  • من أنتم؟

نسمعها في كل مكان وفي كل وقت، ويتردد صداها في آذاننا دائمًا من أنتم أيها السوريون.. من أنتم أيها اللاجئون.. من أنتم أيها الكفار.. من أنتم أيها الخونة.. من أنتم أيها الإرهابيون.. من أنتم… من أنتم؟

لكن ثمة امرأة عجوز ناولتنا رغيف خبز، وزجاجة ماء، ومعطفًا، ولم تسألنا من أنتم!

ثمة رجل فقير أشعل لنا نارًا ونحن نتحضر لعبور الجبل المثلج، بعد أن نعبر الطريق إليه، وساعدنا بشرب سائل ساخن لم نشعر بطعمه ولا بحلاوته، لأن العلقم كان يملأ أفواهنا.. شربناه قبل أن نخرج إلى هدفنا أو إلى حتفنا.

ثمة أحبة يهاتفوننا، ويتذكروننا، ويطمئنون علينا، ونحن ضائعون في الطرقات، وفي الغابات، وفي البحار.. ويسمِعوننا كلمات تشجعنا على البقاء.

ثمة شرطي كنا خائفين منه تشاغل عنا، وجعلنا نعبر الحاجز الذي كان خلفه، ثمة طفل أومأ لنا بهز كفه، وهو يشجعنا على المضي في قطع الطرقات الطويلة، ثمة موظفة رفعت رأسها عن أوراقنا الرثة، والمبتلة بالماء، ولم تسألنا من أنتم.

قالت لنا اطمئنوا قليلًا، لن نجعلكم ترجعون إلى الموت!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة