tag icon ع ع ع

اخترق اسم “حكومة الإنقاذ السورية” أخبار محافظة إدلب، خلال الأسبوع الماضي، بعدما أعلنت نفسها “الوصية” على محافظة إدلب، بغطاء السعي لإنقاذها من تبعات التجاذبات الإقليمية وتهديد أكثر من دولة بضربها عسكريًا.

وخلطت بذلك أوراق المنطقة، سياسيًا وإداريًا، ما هدد بسحب البساط من الحكومة السورية المؤقتة، وزيادة تشتتها، وتجميد عمل أشهر حاولت فيها “المؤقتة” ترسيخ مؤسساتها وكينونتها في المنطقة.

لم تكتسب “الإنقاذ السورية” الشرعية لقيادة الدفة، بل اكتفت بمبادرة ومؤتمرين حضرهما المقربون من أصحاب المبادرة، لكنها نجحت بفرض نفسها وسمت وزراء وبدأت بتسلم زمام المنطقة إداريًا وخدميًا، ما فتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل المنطقة، وما إذا كانت مناطق المعارضة تحتمل وجود “حكومتين” أو هل هناك أي مساع للتقارب بينهما.

فريق التحقيقات في عنب بلدي

في استطلاع للرأي أجرته عنب بلدي داخل سوريا، أقر مواطنون بوجود ثلاث حكومات في سوريا هي: حكومة النظام السوري، والحكومة السورية المؤقتة، وحكومة الإنقاذ.

أجمع معظم المستطلع رأيهم، في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، على أن حكومته “فاقدة للشرعية”، في حين تباينت الآراء حول شرعية الحكومة السورية المؤقتة وحكومة الإنقاذ، اللتين تمثلان المعارضة السورية، وسط دعوات لتوحدهما.

في ريف حلب الشمالي دعا مواطنون إلى ضرورة تمثيل المعارضة في حكومة واحدة تخدم مصالح الشعب السوري، مؤكدين على “أحقية” الحكومة السورية المؤقتة بذلك.

وقال مواطن من ريف حلب الشمالي إن “تشتت الحكومات يضيع الدعم ويضيع الفائدة على السوريين”، وتابع “يجب أن يكون الدعم لصالح الحكومة السورية المؤقتة كونها الأقدم، ويجب أن تتكاتف الأيادي لدعمها”.

وقال آخر “نحن مع الحكومة السورية المؤقتة، شرط أن يكون لديها برنامج عمل واضح تطلعنا عليه”.

في ريف إدلب بدا تشاؤم بعض المواطنين واضحًا خلال الاستطلاع، إذ رفض جميع الذين التقتهم عنب بلدي الاعتراف بأي حكومة، معتبرين ألا أحد من تلك الحكومات خدم أو سيخدم الشعب السوري، الذي عانى خلال سبع سنوات من الحرب والحصار.

وقال أحد المستطلع رأيهم “لا أحد يمثلني، لا نعرف شيئًا عن تلك الحكومات لأننا لم نر منها أي شيء على أرض الواقع”.

أما في مدينة إدلب شاع، بصورة عامة، طابع التفاؤل بأعمال “حكومة الإنقاذ”، التي تشكلت مؤخرًا، على اعتبار أنها تشكلت داخل سوريا، وعلى دراية أكبر بمعاناة المواطنين، وفق الاستطلاع.

وقال أحد المواطنين “الحكومة المؤقتة لم يستفد منها الشعب السوري منذ تأسيسها، وتابع “أملنا بالحكومة الحالية (حكومة الإنقاذ) التي تشكلت من النخب في محافظة إدلب”.

من يدير العسكر يحكم

كانت الأشهر الثلاثة الأخيرة “مفصلية”، بتاريخ الحكومة السورية المؤقتة منذ تشكيلها عام 2013، استنادًا إلى الإجراءات والخطوات التي نفذتها، متمثلة بهيكلية عسكرية تديرها لأول مرة، تحت مسمى “هيئة الأركان” بقيادة رئيس الحكومة ووزير الدفاع جواد أبو حطب.

جسم عسكري لـالمؤقتةبعد أربع سنوات

فشلت الحكومة “المؤقتة” بالسيطرة على أي من الفصائل، والحصول على ركيزة تعتمد عليها عسكريًا وأمنيًا في المناطق التي تنشط فيها، فاقتصرت أعمالها وخططها على الأمور الخدمية والجانب المدني، سواء عن طريق المجالس المحلية، أو الوزارات التي تنشط في تركيا.

لكنها بدأت بتدارك هذا الغياب مؤخرًا، لتتضمن هيكليتها الجديدة قيادة عسكرية موحدة لجميع الفصائل في منطقة “درع الفرات”، ضمن ثلاثة فيالق تحمل مسميات: “الجيش الوطني”، “فيلق السلطان مراد”، فيلق “الجبهة الشامية”.

وعقب الانتهاء من تشكيل الفيالق تُجرّد الفصائل من المسميات وتتعامل مع الجيش الواحد، على أساس ثلاث فرق في كل فيلق، وثلاثة ألوية ضمن كل فرقة، إضافةً إلى ضم كل لواء لثلاث كتائب من المقاتلين، وفق بيان لهيئة الأركان الجديدة.

في المرحلة التي تليها تسلم الأسلحة والسيارات والمعدات والمقرات بشكل كامل لوزارة الدفاع التي شكلتها “الحكومة المؤقتة”، لتكتمل فيما بعد القوى العسكرية لريف حلب الشمالي بإدارة وقيادة أساسية من “الحكومة المؤقتة”.

حتى اللحظة، أدرجت في “هيكلية الحكومة العسكرية” ثلاث كليات، كانت أولها كلية “عبد القادر الصالح” التي تسلمتها من فصيل “الجبهة الشامية” في 11 تشرين الأول 2017، إضافةً إلى الكلية التي وضعت حجر الأساس لها، في 4 تشرين الأول الماضي، على أن ينشئها “لواء المعتصم”، المنضوي في “الجيش الحر”، بينما تسلمت في مطلع تشرين الثاني الجاري كلية في مدينة الباب من قبل “فرقة الحمزة”، بعد حوالي شهر ونصف من إنشائها في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، وتضم حوالي 2200 مقاتل يتلقون الخبرات العسكرية في قاعات مخصصة وساحات تدريب تم تجهيزها بعد السيطرة على مدينة الباب مطلع 2017 الجاري.

كما ضمت “هيئة الأركان” مئات المقاتلين من “حركة أحرار الشام” في قطاع حلب، تزامنًا مع التنسيق بين كبرى فصائل الشمال السوري.

وتحدث نائب قائد الأركان، العقيد هيثم العفيسي، عن “خطوات إيجابية” يتم القيام بها شمالي حلب، مشيرًا، في حديث إلى عنب بلدي، إلى أن المرحلة الثانية من العمل تبدأ بعد شهر بالانتهاء من تشكيل الفيالق، مقدرًا أعداد المقاتلين في منطقة “درع الفرات”، بحوالي 25 ألف مقاتل.

وضع حجر الأساس لأكاديمية المعتصم العسكرية بحضور رئيس الحكومة المؤقتة جواد أبو حطب في ريف حلب الشمالي – 6 تشرين الأول 2017 (عنب بلدي)

اعتراف جزئيوغير فاعل سياسيًا

سياسيًا، رغم اعتراف بعض دول “أصدقاء سوريا” بالحكومة المؤقتة، إلا أنها لم تمنحها الاعتراف القانوني، ما حد من دورها وقيّدها كـ “مراقب” وليس “فاعل ومتصرف”. وبحسب ما قاله معاون رئيس الحكومة للشؤون المالية والاقتصادية، عبد الله حمادي، فإن الائتلاف السوري المعارض هو المعني بالأمور السياسية، ولا يوجد أي تدخل للحكومة المؤقتة في ذلك.

وتعتبر الوثائق القانونية والقيد المدني أحد أهم الملفات الشائكة في مسيرة الحكومة، إذ لم تعترف الدول بشكل فعلي وواقعي بها، كون هذا الاعتراف يترتب عليه تبعات كثيرة، منها الاعتراف بكل الوثائق التي تصدر عنها، سواءً جوازات سفر أو شهادات وفاة وزواج وميلاد وغيرها.

كما لم تعترف مواثيق الأمم المتحدة بالحكومة المؤقتة، على عكس حكومة النظام التي اعتبرتها تمثل “الدولة السورية” وماتزال تحتفظ بمقعدها في مجلس الأمن والأمم المتحدة.

وفي حديث سابق، في نيسان 2016، مع مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية (طلب عدم ذكر اسمه) قال لعنب بلدي إن “الحكومة المؤقتة أضاعت فرصتها الأخيرة في إثبات نفسها على الساحة السورية، واتخذت سياسات بيروقراطية خاطئة أفقدتها الحاضنة الشعبية”.

وأوضح أن بلاده لم تدعم فكرة إنشاء الحكومة منذ البداية، وأضاف “قلنا لدول أصدقاء سوريا إن إنشاء مثل هذا الكيان سيكون مربكًا ويؤدي إلى التشويش بدلًا من تحقيق الغرض منه، لكن الائتلاف وبعض الدول الصديقة أصرّوا”.

وتلقت الحكومة المؤقتة وعودًا بالدعم منذ بداية تأسيسها، لكنه اقتصر على دولة قطر وبعض الجهات الداعمة الأخرى، إلا أنه لم يكن يتناسب مع المتطلبات وحجم الإنفاق.

حكومة إنقاذمكتومة القيد

عشرة أيام مضت على تشكيل “حكومة الإنقاذ السورية” في إدلب، ورغم حداثة الإعلان عنها والحديث عن الاعتراف السياسي والدولي بها، إلا أن مؤشرات تؤكد غياب أي اعتراف سياسي بها، سواء القوى الإقليمية الكبرى أو على النطاق الضيق بالدول المحيطة، أو “البيت الداخلي” في إدلب.

تحديات “كبيرة” تقف في وجه عمل “الحكومة”، ويعتقد محللون أنها “مشكّلة من قبل القائد العامل لهيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، لحماية تنظيمه وبسط نفوذه بشكل خفي في المنطقة”.

بينما يذهب البعض إلى أن أيادي تركية أسهمت في تأسيسها، خاصةً وأن الإعلان عنها تزامن مع التدخل التركي في محافظة إدلب وريف حلب الغربي ضمن اتفاق “تخفيف التوتر”، وما رافقه من نية تركيا فرض الهيمنة على محافظة إدلب بالكامل، في خطوات تشابه تلك التي اتبعتها في ريف حلب الشمالي.

وأمام “الحكومة” فرصة واحدة يمكن أن تحظى من خلالها باعتراف “جزئي”، وذلك عن طريق البحث عن خطوات كفيلة بالاقتراب من الأتراك، ودراسة الشروط اللازمة لذلك، خاصةً المتعلقة باتفاقي “أستانة 6 و7″، اللذين ينصان على نشر القوات التركية في 11 نقطة مراقبة داخل محافظة إدلب، وريفي حماة الشمالي والشرقي.

عضو “الهيئة التأسيسية” ومؤسس “الجيش الحر”، رياض الأسعد، حضر تشكيل “الحكومة”، وقال إنها ستدير المنطقة “بشكل صحيح عسكريًا وخدميًا باعتبار أن الملفات متشابكة”.

وأضاف لعنب بلدي أن ذلك “يجري من خلال كفاءات باختصاصات محددة”، معتبرًا أن “الحكومة مشروع لسوريا وليس لإدلب وسينقذ المنطقة، في ظل انفصال التبعية للمنظمات والمجالس المحلية”.

وبحسب الأسعد، فإن تشكيل “الحكومة” يأتي في ظل المؤتمرات والمصالحات مع النظام، و”هي ستنقذ الثورة”، مؤكدًا “سنتواصل مع كل الشخصيات لدفع المشروع إلى النجاح وتحقيق آمال الشعب وتحصيل حقوقهم، وتأمين فرص عمل للمهجرين والشباب”.

تحرير الشامتقود عسكريًا بشكل غير رسمي

سمت “الحكومة” 11 حقيبة وزارية: الداخلية، العدل، الأوقاف، التعليم العالي، التربية والتعليم، الصحة، الزراعة، الاقتصاد، الشؤون الاجتماعية والمهجرين، الإسكان والإعمار، والإدارة المحلية.

لا إعلان رسمي عن الكيان العسكري الذي يتبع لـ “الحكومة”، والذي من المفترض تأسيسه بشكل فوري، إلا أن الوقائع تشير إلى قيادة عسكرية تحت مظلة “الإنقاذ” ولكن بقيادة “تحرير الشام”، وربما ترسم المواجهات العسكرية حاليًا بين “حركة نور الدين الزنكي” و”الهيئة” الخريطة العسكرية للمنطقة والقائمين عليها.

في حديث مع رئيس “الحكومة”، محمد الشيخ، قال إن خطة وزارة الداخلية في الأيام المقبلة ستقوم على تعيين معاونين للوزير، الأول للأمور المدنية، والآخر لجهاز الشرطة.

وأضاف أنه سيعين مدراء مناطق ومدراء نواح في معظم المدن والبلدات في إدلب، مشيرًا إلى أن مخافر “الحكومة” منتشرة في محافظة إدلب وحماة، والعاملون فيها جادون بتأمين حق وسلامة المواطن، حتى تعود ثقته بجهاز الشرطة التي فقدها منذ زمن بعيد.

ويرى مراقبون أن “تحرير الشام” لن تتخلى عن قيادة إدلب عسكريًا، خاصةً بعد سلسلة المعارك التي خاضتها مع فصائل “الجيش الحر” والفصائل الإسلامية الأخيرة، الأمر الذي يؤكد تجهزها لاستلام “القيادة العسكرية” بزي جديد وتحت غطاء “الحكومة المدنية”.

وكانت مصادر متطابقة ذكرت أن حل “الهيئة” نفسها طرح مجددًا في سياقين، فنقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر معارضة وصفتها بـ “الرفيعة”، قولها إن “الجناح المعتدل في الهيئة موافق على ذلك (حل الفصيل) وعلى تبني علم الثورة في الفترة المقبلة”، وهو السياق الأول.

أما السياق الثاني، فيتحدث عن مفاوضات جرت وبحثت إيجاد مخرج لمنح دور لـ “حكومة الإنقاذ ” لتكون الواجهة المدنية لـ “تحرير الشام”، ويتحول الجسم العسكري لها إلى “وزارة دفاع”.

موارد إدلب بيد حكومة الإنقاذ“.. المعابر شراكة

الصراع بين الحكومتين في إدلب وبقية مناطق المعارضة في الشمال السوري، وإن كان ظاهره سياسيًا فإن له خلفيات اقتصادية، إذ تحاول كل حكومة السيطرة على الموارد الاقتصادية الضامنة لها بالاستمرار، كون الاقتصاد هو الوجه الآخر للسياسة، ولا يمكن الفصل بين السياسة والاقتصاد في أي منطقة.

“حكومة الإنقاذ”، وعقب تشكلها مباشرة عملت على البحث عن موارد اقتصادية تستطيع من خلالها تثبيت أركان حكمها من خلال الخدمات المدنية والإدارية في إدلب، فتسلمت من “الإدارة المدنية للخدمات” التابعة لـ “هيئة تحرير الشام” في إدلب، الثلاثاء الماضي، مديريات وملفات مؤسسات المياه والكهرباء والسجل العقاري والسجل المدني والإدارة المحلية والزراعة.

وقال رئيس “حكومة الإنقاذ”، محمد الشيخ، إن الحكومة اجتمعت مع الإدارة المدنية بجميع مدرائها وفروعها، وتسلمت كافة الخدمات التي تديرها من مياه وكهرباء ومواصلات وغيرها، مضيفًا لعنب بلدي أن الحكومة أمامها أعمال كبيرة بعد عملية التسليم، كون الإدارة المدنية السابقة “قطعت شوطًا كبيرًا في التأسيس والعمل التنظيمي في خدمة الأهالي”.

“هيئة تحرير الشام”، التي تتبع لها الإدارة المدنية، عملت خلال العام الماضي على وضع يدها على كامل الموارد الاقتصادية في المنطقة، ما أدّى في مرات عديدة إلى صدامات واشتباكات بينها وبين الفصائل العسكرية الموجودة، لأن من يستولي على اقتصاد المحافظة يبسط سيطرته العسكرية فيها.

وسيطرت الهيئة على عمليات الصرافة في المنطقة، إذ أصدرت بيانًا، في أيار الماضي، أعلنت فيه تأسيس ما يُسمى بـ “المؤسسة العامة لإدارة النقد وحماية المستهلك”، هدفها تنظيم عمليات الصرافة ومنع الاحتكار والتلاعب بأسعار العملات، الأمر الذي اعتبره محللون هدفًا للسيطرة على إدارة سوق الحوالات والتحكم بحركة الأموال والتحكّم بمكاتب الصرافة تحت حجج متعددة، خاصة وأن الإعلان عن تشكيل المؤسسة جاء بعد مداهمة لعدد من مكاتب الصرافة ومصادرة الأموال.

وإلى جانب ذلك، فرضت الإدارة المدنية نفسها في قطاع الكهرباء وعملت، في تموز الماضي، على دمج مؤسستها الكهربائية مع المؤسسة التابعة لـ”حركة أحرار الشام”، في محاولة من الهيئة التهام أي أجسام خدمية تقف في وجه سيطرتها على خدمات المنطقة، وخاصة في ملف الكهرباء إذ إن من يمسك خطوط الكهرباء يمسك اقتصاد المنطقة، لأن كل شيء يعتمد عليها، مثل المخابز ومضخات آبار المياه، خاصة وأن اقتصاد إدلب قائم على الزراعة بشكل أساسي، وبالتالي تحتاج إلى الماء والكهرباء، اللذين يعتبران عصب الحياة لأي مجتمع، بحسب ما قاله الباحث الاقتصادي أيمن الدسوقي، لعنب بلدي في وقت سابق.

رئيس “حكومة الإنقاذ السورية” محمد الشيخ، خلال إعلان تشكيل الحكومة في إدلب – 2 تشرين الثاني 2017 (عنب بلدي)

فعاليات اقتصادية

إلى جانب تسلم مهام الإدارة المدنية، بدأت الحكومة بالاجتماع مع فعاليات اقتصادية، إذ حضرت اجتماعًا لنقابة الاقتصاديين، التي نظمت مؤتمرًا تحت عنوان “من مواردنا نبني اقتصادنا” في مدينة إدلب، لتفعيل وتنظيم العمل الاقتصادي في المحافظة.

وقال عميد كلية العلوم الإدارية، الدكتور حسام الأحمد، لعنب بلدي، إن “النقابة الاقتصادية دورها الأساسي هو حشد الطاقات الاقتصادية المهنية والأكاديمية، لتقدم كل ما لديها من إمكانيات بحثية لدراسة المشاكل الاقتصادية، وهي مصدر أساسي تمد كل الجهات بالدراسات والخبرات”.

وأضاف الأحمد أن النقابة ستسهم في بناء الاقتصاد الوطني من خلال الرؤية العامة، والاعتماد على الموارد الذاتية “بعيدًا عن إملاءات أو سياسات تدخلية”، مشيرًا إلى أن الموارد كثيرة وتحتاج إلى إعادة إحياء و”استغلال أمثل”، إذ إن “هناك الكثير من مصادر التمويل الذي نلجأ إليها لاحقًا في ظل الرؤية العامة للحكومة الجديدة”.

حرب المعابر مع الحكومة المؤقتة

الحكومة الجديدة قد تدخل في صراع مع الحكومة السورية المؤقتة حول تسلم المعابر الحدودية مع تركيا، بسبب الموارد المالية الكبيرة التي يمكن أن تجنيها الجهة المسيطرة على المعابر جراء الحركة التجارية.

وتعاني “الحكومة المؤقتة” من أزمة في الموارد، خاصة بعد تجميد دعمها من قبل الصندوق الائتماني المنبثق عن دول “أصدقاء سوريا”، فقد أوقفت رواتب الموظفين فيها واعتبرت عملهم تطوعيًا، دون أي مستحقات مالية، بدءًا من مطلع آب الماضي، على أن تصرف لهم مكافأة شهرية حسب الإمكانيات المتوفرة، ونسبة دوام كل موظف.

وأوضح معاون وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة، عبد الحكيم المصري، أن “دعم الحكومة محدود أساسًا لغياب الموارد الذاتية، وأحيانًا يكفي الرواتب، وفي فترات أخرى لا يستطيع توفيرها”.

ونتيجة لذلك، اتجهت الحكومة المؤقتة إلى البحث عن موارد ذاتية لتجد غايتها في المعابر الحدودية، فبدأت النقاش مع الحكومة التركية لتسليمها وإشرافها على المعابر، وبالفعل تسلمت معبر “باب السلامة” في ريف حلب الشمالي، في 10 تشرين الأول، لتتحول إيراداته التي لا تتجاوز 40 ألف دولار يوميًا، بحسب ما قاله مدير المعبر قاسم قاسم لعنب بلدي، إلى خزينة الحكومة.

وعقب تسلم الحكومة إدارة باب السلامة، بدأ الحديث عن تسلمها كافة المعابر الحدودية، وخاصة معبر باب الهوى الاستراتيجي للمنطقة الشمالية، والذي يخضع لإدارة مدنية تابعة “لهيئة تحرير الشام”.

لكن بعد تشكيل حكومة الإنقاذ وتسلمها كافة الخدمات في إدلب لم يبق أمامها سوى “باب الهوى”، ما قد يفتح صراعًا مع الحكومة المؤقتة لتكون كلمة الفصل في ذلك إلى الحكومة التركية.

سباق خدمات بينالإنقاذوالمؤقتة

برزت محاولات السيطرة على إدارة الواقع الخدمي من قبل كيان جديد، تزامنًا مع عقد “المؤتمر السوري العام”، نهاية آب الماضي، والذي تمخضت عنه هيئة سياسية، شكّلت قبل أيام ذلك الكيان المرتقب، تحت مسمى “حكومة الإنقاذ السورية”، ما هدد بسحب الملف الخدمي والمدني من منظومة الحكومة المؤقتة.

وبسطت “حكومة الإنقاذ” يدها على مفاصل القطاعات الخدمية والمدنية في محافظة إدلب سعيًا لإدارتها، بعد تسلمها المنشآت من “الإدارة المدنية للخدمات” التابعة لـ “هيئة تحرير الشام”، مطلع تشرين الثاني، بعدما أعلنت تشكيل 11 وزارة سعيًا لبدء العمل، إحداها الإدارة المحلية.

تضم محافظة إدلب أكثر من 2.9 مليون مدني، كثيرٌ منهم هُجّروا من مناطق أخرى، بحسب إحصائيات الحكومة المؤقتة.

وعيّنت “الحكومة” المهندس فاضل عبد القادر طالب، من مواليد حفسرجة في إدلب 1967، وزيرًا للإدارة المحلية، ويحمل إجازة في الهندسة المدنية، كما يعمل لدى إدارة شؤون المهجرين في مجال الإشراف والدراسات لمشاريع الخدمات.

وهنا توجهت الأنظار إلى الحكومة المؤقتة، الجهة المسؤولة عن إدارة معظم المجالس المحلية في المحافظة، والتي تعتبر أن “أي جهة جديدة تنتج عن تغيير عسكري في أي مدينة، لن يكون لها سلطة أو علاقة بالحالة المدنية أو المجالس”، لكنها تسعى في الوقت نفسه، لإيجاد مخرج لهذه المسألة، كما قال وزراء فيها.

حكومة الإنقاذتدير خدمات إدلب

اجتمعت “حكومة الإنقاذ” مع الإدارة المدنية في إدلب، التابعة في وقت سابق لـ “تحرير الشام”، بجميع مدرائها وفروعها، وتسلمت الخدمات التي تديرها من مياه وكهرباء ومواصلات وغيرها، وفق رئيسها، محمد الشيخ، وقال لعنب بلدي إن أمامها “أعمالًا كبيرة” بعد عملية التسليم، كون الإدارة المدنية السابقة “قطعت شوطًا كبيرًا في التأسيس والعمل التنظيمي في خدمة الأهالي”.

وبحسب الشيخ فإن “كل وزارة ستعمل على دراسة المؤسسات التابعة لها وهيكليتها والعمل بعد ذلك على تطويرها”، مؤكدًا أن “المرجعية للمجالس المحلية ومجالس المحافظات هي الحكومة في عملها بجميع المجالات: الزراعة والإحصاء والنفوس والخدمات”.

ووصف رئيس “حكومة الإنقاذ” مؤسسته بأنها “المرجعية الوحيدة ولا يحق لأي جهة العمل دون الرجوع لها، وإلا وقعنا بما وقعت به الفصائل”، معتبرًا أنها “ستنجح في التخفيف من معاناة الأهالي”.

جواد أبو الحطب رئيس الحكومة المؤقتة في مدرسة ابتدائية ضمن زيارته لبلدة صوران بريف حلب- 5 شباط 2017 (عنب بلدي)

الحكومة المؤقتة منذ التشكيل

– فشل غسان هيتو في تشكيل حكومة بين آذار وأيلول 2013.

– تأسست الحكومة المؤقتة للمعارضة السورية في أيلول 2013، برئاسة أحمد طعمة، الذي بقي لولايتين حتى أيار 2016.

  • تولى جواد أبو حطب قيادة الحكومة في تموز 2016، بعد طي ملف حكومة طعمة، وغدا معظم وزرائها في الداخل السوري.

خطوات تأسيس حكومة الإنقاذ

– عقدت “مبادرة الإدارة المدنية” من قبل أكاديميين في إدلب، في 24 آب 2017.

– كُلف رئيس جامعة إدلب، محمد الشيخ، بتشكيل “حكومة” تدير المناطق “المحررة”، بعد عقد “المؤتمر السوري العام”، في 17 أيلول 2017.

– سمّت الهيئة التأسيسية الناتجة عن المؤتمر، “حكومة الإنقاذ السورية”، في 2 تشرين الثاني 2017.

المؤقتةتبحث عن مخرج

وزارة الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة، اعتبرت أن تشكيل “الإنقاذ السورية” ترسيخ لتقسيم سوريا، ووصف وزير الإدارة المحلية، محمد المذيب، في حديث إلى عنب بلدي، “الحكومة” المشكلة حديثًا بأنها “حكومة ضرار وجدت في منطقة تسعى الجهة الداعمة لها لتقسيم سوريا إلى دويلات”.

ووفق المذيب فإن الحكومة المؤقتة “الممثل الوحيد والشرعي للشعب السوري”، ترفض التشكيل الجديد “لأنه تشتيت للعمل الجماعي”، مؤكدًا أن “المؤتمر التأسيسي لها اقتصر على فئة معينة من الناس بدعم من تحرير الشام، بعد استيلائها على المنطقة بشكل كامل”.

يقتصر عمل “حكومة الإنقاذ” على محافظة إدلب، وليس لها تمثيل في مناطق أخرى من سوريا، وبحسب وزير الإدارة المحلية فإن “كل مجلس محلي رفض التعامل معها أقصي ووضع بديل عنه”، مضيفًا “لكننا متماسكون مع المجالس المحلية وقائمون على عملنا بشكل كامل”.

“نسعى إلى تفاهم مع الحكومة المزعومة”، وفق المذيب، الذي تحدث عن لقاءات من قبل الوزراء المقيمين في المنطقة، مع رئيسها محمد الشيخ، ولكن جميعها باءت بالفشل نتيجة “عدم تفهمهم بموجب الضغط الذي يمارس عليهم”، بحسب تعبير الوزير، لافتًا إلى أن “التواصل مستمر لإيجاد مخرج لهذه المسألة، وليكون هناك جسم واحد ممثل بحكومة واحدة، وممثلون للشعب السوري قانونيًا”.

وحاولت “حكومة الإنقاذ” التواصل مع الجنوب السوري ودير الزور والرقة، “لكنهم رفضوا التعامل معها”، كما قال وزير الإدارة المحلية، مشددًا “مازالت هناك مجالس محلية خاضعة لسيطرتها تتواصل معنا حتى اليوم، وننسق بشكل حذر خوفًا من الاعتداءات التي ينفذها عسكريو تحرير الشام”.

حجّمت سيطرة “الإنقاذ السورية” على الخدمات من عمل المجالس المحلية، ولكن وزير الخدمات في “المؤقتة” عبد الله رزوق، قال لعنب بلدي إن العملية تسير كما كانت عليه قبل تشكيل الكيان الجديد، في جميع المجالس المعتمدة من قبلنا.

“أي مجلس يريد أن يخرج ويقول أنا أتبع لحكومة الإنقاذ فهذا خياره”، وفق رزوق، الذي أضاف أن “الجميع اليوم يسهم بإيصال الخدمات إلى المواطنين بأسرع وأسهل طريقة ممكنة، وهناك جهات تعمل في إدلب مصنفة دوليًا، وفي حال تبين أن هناك أي تعامل لها مع الحكومة الجديدة ستتغير سياسة دعمها”.

وفق رؤية وزير الخدمات، فإن “حكومة الإنقاذ تجمع أكاديميين شكلوا كيانًا خارج الشرعية الوطنية، من خلال مؤتمر لا يعلم الأهالي من حضره”، موضحًا “دعوا الناس إلى المؤتمر وعينوا أنفسهم في الحكومة، وهذا يخالف بروتوكولات المؤتمرات في العالم، الذي يضمن خروج أي مُنظّم بعيدًا عن المناصب”.

الجهات الشرعية في سوريا هي المجالس المحلية، وفق رزوق، واعتبر أن الحصول على الشرعية، يكمن بحضور ممثلين عن هيئات رسمية وشرعية، “وهذا لم يحدث في المؤتمر العام، الذي أسهم بشكل كبير بتقسيم الجبهات المدنية، كما فعل النظام والروس بتقسيم الجبهات العسكرية”.

ورغم أخطاء “الائتلاف” المعارض والحكومة المؤقتة إلا أن هذه المؤسسات كانت ترسخ دائمًا فكرة الوحدة الوطنية الكاملة في سوريا دون أي حكم محلي، بحسب وزير الخدمات، الذي أكد أن “الحكومة المؤقتة تحترم بعض الأشخاص في الجسم، لكنها تخالفهم الرأي بالتوجه، وستبقى ساعية بكل ما أوتيت لحماية المدنيين وخاصة في إدلب، باعتبارهم يمثلون جميع الشرائح السورية”.

رجل في الأخبار.. محمد الشيخ أمام مهمة إنقاذ إدلب

يتردد اسم محمد الشيخ، الذي تسلم رئاسة “حكومة الإنقاذ السورية” منذ تعيينه لتأسيس حكومة يقول إنها “مشروع لإنقاذ سوريا وليس إدلب فقط”.

وتواجه “الحكومة”، التي يرأسها الشيخ المولود في قرية بقليد بريف إدلب عام 1960، اتهامات بالتبعية لـ”هيئة تحرير الشام”، وأنها تعمل لسحب البساط من تحت الحكومة المؤقتة، التي يرأسها الطبيب جواد أبو حطب، وترفض تشتيت العمل في المناطق “المحررة”، من خلال تشكيل مؤسسات جديدة.

ترأس الشيخ جامعة إدلب سابقًا، ورغم أن الحكومة حديثة التشكيل إلا أنه يراها “المرجعية الوحيدة” في المنطقة، على ما يقوله لعنب بلدي، وخاصة بعد تسلمها المنشآت الخدمية من “الإدارة المدنية للخدمات”، والتي تتبع لـ”تحرير الشام”.

وتسيطر “الهيئة” المصنفة كـ”منظمة إرهابية”، على مفاصل إدلب، وكان هناك تهديد من دول إقليمية بضرب المحافظة، قبل تدخل بري تركي “هادئ” في بعض الجبهات، وفقًا لمخرجات اتفاق “تخفيف التوتر” في أستانة.

وتوالت تصريحات المسؤولين الأتراك بأنهم أخذوا على عاتقهم مسؤولية “حفظ الأمن” في المنطقة، ولذا يُنظر إلى “الحكومة” على أنها شُكلت بتنسيق أو تسهيل مع أنقرة.

عاش الشيخ، المجاز في الرياضيات من جامعة تشرين عام 1984، في مدينة اللاذقية ودرس فيها، ثم أوفد إلى فرنسا عام 1986 للتحضير ونيل شهادة الدكتوراه، والتي حصل عليها في الجبر عام 1992.

وأعير إلى السعودية بين عامي 1998 و2004، ثم عاد للعمل مدرسًا في قسم الرياضيات بجامعة تشرين.

عقب الثورة عمل الشيخ “ناشطًا”، حتى سيطرة المعارضة على بلدة سلمى عام 2012، ثم استقر في منزله الكائن في الوادي الأزرق قرب البلدة في جبل الأكراد، ثم ساهم في تأسيس مديرية التربية هناك عام 2013، بالتنسيق مع نقابة المعلمين “الأحرار”، واستمر مديرًا للتربية حتى السيطرة على إدلب، آذار 2015.

مقالات متعلقة