تعا تفرج

اعتقال سياسي فريكة على برغل

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

يتطور فن الاعتقال السياسي في سوريا على نحو مُطّرد منذ سنة 1970، أي منذ أن ”طلبنا من الله المدد، فأرسل لنا حافظ الأسد“ والدليل أن وزير الداخلية السوري اللواء محمد الشعار أصدر، قبل أيام، قرارًا يمنع بموجبه تعميم الاسم الثنائي فقط للمطلوبين أمنيًا، ويوجب استخدام الاسم الثلاثي، لئلا تتكرر ظاهرة “تشابه الأسماء” (المصدر: عنب بلدي).

عبد الله فريكة، صديقي الحشاش التائب، أطال الله عمره، هو الأجدر بيننا بالاحتفال بهذا القرار التاريخي، فهو صاحب أغرب القصص التي لها علاقة بهذا الأمر. ففي يوم من الأيام، قبل حوالي ثلاثين سنة، كان يلعب بورق الشدة مع رفاقه، وكل ربع ساعة تحين منه نظرة إلى جهاز التلفزيون المركون في جانب من المضافة، فيرى حافظ الأسد يستقبل، أو يودع، أو يخطب، أو يطل من شرفة وزارة التربية في حي “الجسر الأبيض” والجماهير الغفيرة تجري من تحته، وهو يفرفح لهم بيديه، دواليك حتى خرج صديقي عن طوره وقال:

– يا شباب اشهدوا علي، هالواطي حافظ الأسد لحقني من أول شبابي!

في اليوم التالي اقتيد إلى قبو فرع الأمن السياسي، وهناك وضعوه في الدولاب، وضربوه 350 عصاية (بحسب تقديراته)، وأخرجوه من الدولاب، وطلبوا منه أن يركض مراوحًا في المكان لئلا يتحبس الدم في قدميه، ثم حضر رجلٌ متنفذ من أقاربه وتوسّط له عند رئيس الفرع الذي استجاب للواسطة، وكتب على حاشية التقرير الأمني أنه قد تم إخلاء سبيل المدعو عبد الله فريكة المتهم بتحقير السيد الرئيس، لوجود تشابه في الأسماء!

بعد حوالي ثلاث سنوات من هذه الواقعة، وبينما كان يقود سيارته الشاحنة المحملة بمادة الحديد المبروم، قادماً من دمشق، أوقفه عناصر دورية من الأمن العسكري عند مدخل مدينة حماه، وطلبوا منه أن ينزل من السيارة ويترك المفاتيح فيها، فنزل، واقتادوه إلى “قاووش” ممتلئ بالموقوفين.. ووسط خوفه وذهوله تحلق حوله الموقوفون وسألوه: أيش تهمتك؟

فقال لهم: والله يا خاي ما في تهمة، وإنما ”كلْفَشتني“ المقادير لهون حتى أشوف هالوجوه النيرة!

وبعد ستة أيام من التوقيف، برفقة ذوي الوجوه النيرة، أُطلق سراحه، وأعيدت إليه سيارته خالية من الحديد المبروم، وقيل له إن التوقيف كان نتيجة لـ تشابه الأسماء!

لم يكن صديقي عبد الله يعرف أنه سيأتي يوم وتحظى سوريا بوزير عبقري، كمحمد الشعار، يصدر قرارًا يجعل فيه الاعتقال نتيجة تشابه الأسماء مُستبعَدًا، لذا ذهب إلى المحكمة، وقال لصديقه الذي يعمل كاتبًا فيها إنه يريد أن يرفع دعوى قضائية على مدير السجل المدني ويغير اسمه، فيجعله، عبد الله برغل، بدلاً من عبد الله فريكة، فهمس له صديقه بأن هناك أستاذ لغة عربية من مدينة سراقب اسمه عبد الله برغل، معارض، ومطلوب للأمن الجوي.. فقال:

– لا تكمل دخيلك.. خلينا ع الفريكة أحسن!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة