البدانة عند الأطفال والمراهقين.. كيف نتخلص منها؟

البدانة عند الأطفال والمراهقين
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

أصبحت البدانة (السمنة) في السنوات الأخيرة من بين المشاكل الطبية الأكثر انتشارًا وواحدة من أكبر التحديات التي تواجهها المؤسسات الصحية.

ويعاني الكثير من الأطفال والمراهقين من زيادة في الوزن، والتي يمكن أن تتحول إلى بدانة تنجم عنها مشاكل صحية عديدة، إضافة لمشاكل اجتماعية وعاطفية، لذلك لا بد من الانتباه ومعرفة الأسباب الكامنة وراء زيادة الوزن والطرق العلاجية والوقائية التي يجب اتباعها.

البدانة عند الأطفال

هي اضطراب يحدث فيه تجمع زائد للنسيج الشحمي في جسم الطفل وينتج عن ذلك زيادة في وزن الطفل أكثر من 20% عن الوزن المثالي لطفل من نفس جنسه وعمره وطوله.

ويتم تحديد وجود نحول أو وزن مثالي أو زيادة وزن أو بدانة عن طريق ما يسمى مشعر كتلة الجسم (Body Mass Index – BMI)، وهو مقياس متعارف عليه عالميًا يعبر عن كمية النسيج الدهني في الجسم من خلال العلاقة بين وزن الشخص وطوله، ويحسب مشعر كتلة الجسم BMI بتقسيم الوزن (بالكيلوغرام) على مربع الطول (بالمتر).

وتقيّم حالة الكبار من خلال الرقم الناتج عن حساب كتلة الجسم، بينما لا يكفي ذلك عند الأطفال، إذ إن كتلة الجسم الطبيعية عند الطفل تتغير بحسب العمر، فهي تبلغ ذروتها بعمر السنة إلى السنة والنصف ثم تتراجع بتراجع نسبة النسيج الدهني عند الرضيع بعد ذلك (وهذا يفسر قلق الأهل من النحول النسبي الذي يصيب الطفل بعد عمر السنة).

ولذلك هناك مخططات خاصة للأطفال لكتلة الجسم وعلاقتها مع العمر للذكور وللإناث، فيتم وضع رقم كتلة الجسم على هذا المخطط، ولا يكفي الحساب مرة واحدة عادة لتقييم حالة الطفل، بل لا بد من مراقبة الطفل خلال فترة زمنية ليتشكل لدينا مخطط كاف لتقييم الحالة، ومن يقوم بالمراقبة والتقييم هو طبيب الأطفال المشرف على حالة الطفل الصحية وليس الأهل بالطبع.

ما أسباب البدانة عند الأطفال والمراهقين؟

تنجم معظم حالات بدانة الأطفال عن بدانة أولية ترجع إلى عدة أسباب:

  • الخيارات الغذائية الخاطئة: فرط تناول الطفل للطعام غير الصحي الغني بالسعرات الحرارية مثل العصائر السكرية والمشروبات المحلاة والحلويات ورقائق البطاطا، بدلًا من الطعام الصحي كالخضار والفواكه.
  • العادات الغذائية السيئة: إعطاء الطفل أطعمة مع الحليب في فترة الرضاعة، وإهمال تناول وجبة الإفطار مما يثبط عملية التمثيل الغذائي عند الطفل.
  • قلة النشاط البدني: بسبب إدمان الأطفال في هذه الأيام على التلفاز والتكنولوجيا والألعاب التي ليس فيها نشاط حركي، وقلة النشاطات البدنية اليومية في المدارس، وعدم توافر الحدائق العامة والأنشطة خارج المنزل.
  • السوابق العائلية: لوحظ أن نسب وجود البدانة عند آباء وأمهات الأطفال البدينين أعلى منها عند آباء وأمهات الأطفال الطبيعيين، ويرجع ذلك غالبًا إلى أنماط التغذية في العائلة، إضافة لكون الآباء والأمهات الذين يعانون من زيادة الوزن أقل قلقًا بشأن زيادة الوزن عند أطفالهم من الأهل المحافظين على وزن صحي.
  • الضغط النفسي والتوتر: خاصة في ظل وجود مشاكل عائلية أو شعور الطفل بعدم الاهتمام، ما يمكن أن يولد لديه رد فعل عكسيًا على شكل نهم.
  • الوراثة: قد تتسبب بعض الاضطرابات الجينية النادرة في البدانة في مرحلة الطفولة، وذلك عن طريق تأثيرها على الأكل والاستقلاب، كما أن هناك جينات تجعل الطفل أكثر قابلية للبدانة.

أما البدانة الثانوية فنادرة، وأهم أسبابها:

  • اضطرابات الغدد الصماء: قصور الغدة الدرقية، متلازمة كوشينغ، خلل في مركز الشبع في الوِطاء (هيبوتالاموس)، فرط أنسولين الدم، متلازمة المبيض متعدد الكيسات.
  • بعض المتلازمات الصبغية (جينية): مثل متلازمة تورنر، ومتلازمة لورانس مون بيدل.
  • العلاج بأدوية الكورتيزون لفترة طويلة.

ما أعراض البدانة؟

يمكن أن تصبح البدانة واضحة في أي عمر، لكنها أكثر شيوعًا بعمر السنة وبعمر الـ 5 – 6 سنوات وخلال فترة المراهقة، وتتسم البدانة الأولية بالنمو الطبيعي أو المتسارع، وبالبلوغ الجنسي الطبيعي أو المبكر، بينما تتسم البدانة الثانوية باضطرابات في النضوج الجسدي والجنسي، وبظهور دلائل مميزة عند إجراء الفحص الجسدي.

وبشكل عام يؤدي تركز الشحوم في منطقة الثديين إلى كبر حجم الثديين، كما يميل البطن للبروز، وتشاهد على البطن تشققات بيضاء أو أرجوانية اللون، وتصاب الركبتان بالروح، وتكون الأعضاء التناسلية الظاهرة عند الذكور منطمرة في شحم العانة لذلك تبدو كأنها صغيرة بينما هي في الحقيقة بحجم طبيعي، أما عند الإناث فتبدو الأعضاء التناسلية طبيعية.

ما المضاعفات التي يمكن أن تنجم؟

من الأضرار الصحية التي يمكن أن تسببها البدانة عند الأطفال نذكر زيادة خطر أمراض الجهاز التنفسي (ضيق التنفس أو توقفه أثناء النوم، والربو)، ومرض السكري من النمط الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة مستويات الكوليسترول والشحوم الثلاثية، زيادة تشكل الحصيات في المرارة، خلل في نشاط الكبد، تشحم الكبد، البلوغ المبكر، حدوث مشاكل عظمية (انزلاق مشاش رأس الفخذ عند المراهقين وحدوث مشاكل في مفصل الورك).

أما الأضرار النفسية فتتلخص في شعور الطفل بالحرج وسط زملائه من اختلاف شكل جسمه مع عدم قدرته على الحركة بنشاط مثل أقرانه، فيفقد ثقته بنفسه، وقد يضطرب سلوكه، وينخفض مستواه الدراسي نتيجة لذلك، وقد يصاب بالاكتئاب.

كذلك يكون الرضع والأطفال البدينون أكثر عرضة للإصابة بالبدانة عندما يصبحون بالغين، وكذلك يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.

كيف يمكن علاج البدانة عند الأطفال والمراهقين؟

يقوم علاج بدانة الأطفال على مبادئ عامة:

  • علاج المرض المسبب للبدانة في البدانة الثانوية.
  • علاج الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سبعة أعوام بضبط الوزن بدلًا من خسارة الوزن، لأن نموهم في هذه الفترة سريع، فيجب العمل على تنظيم التغذية لا إنقاص الوزن، إلا إذا كان الطفل يعاني من بدانة شديدة.
  • علاج الأطفال الذين تزداد أعمارهم عن سبعة أعوام باتباع نظام غذائي ورياضي لخسارة الوزن بشكل تدريجي وثابت بمعدل 0.5 كيلوغرام شهريًا، ويجب ألا تتعدى الخسارة أكثر من 1 كيلوغرام في الشهر.

وهناك عدد من التدابير التي يمكن القيام بها لعلاج البدانة:

  • زيادة النشاط الفيزيائي بممارسة التمارين الرياضية ساعة واحدة يوميًا، أو باللعب الحر دون اشتراط التقيد بنظام تدريبي محدد.
  • الحد من الجلوس أمام التلفاز أو الكمبيوتر بما لا يزيد عن ساعتين يوميًا.
  • الحرص على أن يكون غذاء الطفل متكاملًا ومتوازنًا مع التركيز على إطعامه الحبوب الكاملة والكثير من الخضار والفواكه والأغذية الغنية بالألياف لتنظيم عملية الهضم.
  • الحد من تناول السكريات والشوكولا والمشروبات الغازية، واستبدالها بالفواكه.
  • الحرص على تناول وجبة الإفطار يوميًا.
  • الحد من الوجبات السريعة، والقيام بإعداد الطعام في المنزل، واختيار اللحوم قليلة الدهون ومنتجات الألبان منزوعة الدسم بدلًا من كاملة الدسم بعد عمر الخمس سنوات.
  • تناول الوجبات مع باقي أفراد الأسرة، وتجنب تناول الطعام أمام التلفاز أو شاشات الألعاب الإلكترونية لارتباطها باستهلاك كمية أكبر من الطعام وبشكل سريع.
  • الابتعاد عن استخدام طريقة مكافأة الطفل بالطعام الذي يحبه.
  • الالتزام بإرضاع الطفل رضاعة طبيعية دون إدخال الأطعمة الصلبة حتى يصبح عمره ستة أشهر.
  • يمكن استخدام دواء أورليستات للأطفال فوق عمر 12 سنة، وهو عقار يثبط امتصاص الدهون في الأمعاء.

أخيرًا فإن أهم ما يمكن للأهل تقديمه لطفلهم البدين هو المساندة، بتشجيعه ومكافأته عند التزامه بالعادات الصحية، والابتعاد عن انتقاد وزنه خاصة أمام الآخرين، وإشعاره بالحب رغم وزنه الزائد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة