“القضية الفلسطينية” بوصلة وهمية في حرب سوريا

طفل فلسطيني بين مجموعة من الجنود الإسرائيلين في مدينة الخليل الفلسطينية (EFE)

camera iconطفل فلسطيني بين مجموعة من الجنود الإسرائيلين في مدينة الخليل الفلسطينية (EFE)

tag icon ع ع ع

لم تفارق شعارات “القضية الفلسطينية” الساحة السورية منذ بداية الثورة فيها حتى اليوم، فمنذ بداية الحراك الشعبي السلمي، ثم الانتقال للحراك المسلح واشتعال الحرب بين التيارات على الأرض السورية، بين مطالب برحيل نظام بشار الأسد ومدافع عن بقائه، استمر النظام السوري ومؤيدوه باستثمار “القدس” كشماعة يعلقون عليها “الأهداف القومية” لأعمالهم العسكرية، بينما وجدت المعارضة في شعارات الثورة الفلسطينية ملاذًا لها، للمطالبة بالحرية وضرورة التخلص من الظلم.

ورغم استغلال شعار “القضية الفلسطينية” من جميع الأطراف، لم يكن فلسطينو سوريا بعيدين عن  الصراع السوري- السوري، إذ نالوا نصيبهم من القتل والتهجير واختبروا معتقلات النظام وأفرع المخابرات.

مجابهة “إسرائيل”.. الهدف الأول  لإنشاء “الجيش السوري”

تتضمن مهام اللجنة التي شكلها الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، لإعادة بناء الجيش “إيجاد قوات مسلحة حديثة قادرة على خوض عمليات حربية هجومية ودفاعية ضد العدو الإسرائيلي، تكون قادرة على تحرير الجزء المحتل من القطر العربي السوري بالتعاون والتنسيق مع الجيوش العربية والمساهمة في تحرير فلسطين.”

واعتبرت اللجنة آنذاك أن مجابهة “إسرائيل” هي المهمة الأولى لمؤسسة “الجيش السوري”.

ومع بداية الصراع المسلح في سوريا أخذت المعارك طابع المقاومة والحرب على إسرائيل، “الصراع العربي- الإسرائيلي”، ولكن على أرض سوريا مع المعارضة المسلحة، المناهضة للنظام السوري.

في تصريح لمستشارة رئيس النظام، بثينة شعبان، لقناة “CNN” الأمريكية بُث في 2015، قالت إن “غالبية الشعب السوري يدرك أن ما يجري في سوريا واليمن والعراق وليبيا وتونس هو من أجل خدمة الصهيونية في مشروعها (…)، إن الشعب السوري سيظل يفكر بفلسطين ويحب فلسطين ويعمل من أجلها لأن فلسطين وسوريا والعرب كلهم مصيرهم وقضاياهم ومستقبلهم واحد”.

وتحدثت  شعبان في اللقاء ذاته عن مشاركة عدد من الفصائل الفلسطينية مع قوات الأسد، مبررة ذلك بأن “معركتنا وهويتنا ومستقبلنا واحد.. علينا أن نعمل جميعًا مع مخيم المقاومة لكي نحرر أمتنا من التبعية”.

فصائل فلسطينية قاتلت إلى جانب النظام

تعد “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، التي يتزعمها أحمد جبريل، أحد أبرز الفصائل المقاتلة في سوريا، وتركزت عملياتها إلى جانب قوات الأسد في ريف دمشق، أما “جيش التحرير الفلسطيني” فنشط  إلى جانب قوات الأسد في مخيم اليرموك، فضلًا عن “لواء القدس” الفلسطيني، الذي شكله أحد أبناء مخيم حندرات بعد اندلاع الثورة السورية بوقت قصير.

يضم اللواء عددًا من أبناء مخيم النيرب للاجئين الفلسطينيين، ومخيم حندرات في ريف حلب، كما يقدر عدد عناصره حاليًا بين 2000 و3000 ينتشرون قرب مطاري النيرب العسكري وحلب الدولي في محيط مخيم “النيرب”، وكذلك في قريتي عزيزة والشيخ لطفي ومنطقة الراموسة، وحيي جمعية الزهراء والراشدين الشمالي.

ومن الفصائل المقاتلة أيضًا إلى جانب النظام، “تحالف القوى واللجان الشعبية الفلسطينية”، والذي يضم فصائل مسلحة عديدة، أبرزها “فتح الانتفاضة” و”الجبهة الشعبية-القيادة العامة” و”قوات الصاعقة” و”جبهة النضال الشعبي”.

“محور الممانعة” يقاوم إسرائيل في سوريا

دعمت الميليشيات الإيرانية، وميليشيا “حزب الله” اللبناني، النظام السوري منذ بداية المواجهات المسلحة مع فصائل المعارضة، فكان “محور الممانعة” يخوض حروبه الأولى مع المعارضة السورية في حلب وريف دمشق ودرعا وغيرها.

شارك ما يعرف بـ “حلف الممانعة” بشكل موسع في الحرب السورية، واعُتبر كتحالف إقليمي لحماية المقدسات الشيعية في سوريا، واستغل القضية الفلسطينية في شرعنة دخوله إلى الحرب السورية إلى جانب نظام الأسد.

وفي تصريح سابق لقائد “الحرس الثوري” الإيراني، محمد جعفري، نشرته قناة “روسيا اليوم”، قال إن “خوض إيران للحرب في سوريا لم يكن من أجل الدفاع عن الرئيس بشار الأسد”، مضيفًا “الأسد يدافع عن الثورة الاسلامية بدوافع مختلفة، كالعداء لإسرائيل، وسوريا تشكل موقعًا مصيريًا بالنسبة لإيران كونها جارة لفلسطين المحتلة وقريبة من العراق”.

فيلق القدس لا يعرف القدس

يأخذ “المحور” على الأرض السورية شكل ميليشيات مدعومة من “الحرس الثوري الإيراني” وميليشيات شيعية أخرى كميليشيا “فاطميون” و”أسد الله الغالب” و”أبو الفضل العباس” و”فيلق القدس” الذي يعتبر أكبر الميليشيات المشاركة في الحرب السورية.

نُسبت الميليشيا التي يتزعمها الجنرال قاسم سليماني إلى القدس المحتلة عاصمة فلسطين، إلا أنها لم تخض حربًا واحدة هناك، بل كانت جُلّ عملياته في سوريا والعراق، بالإضافة إلى أفغانستان، كما وردت أنباء عن مشاركته في اليمن، إلا أن إيران نفت ذلك آنذاك.

حزب الله.. “قتال تحت الشمس من أجل فلسطين”

استغل حزب الله القضية الفلسطينية لتبرير قتاله، ووصف أمينه العام، حسن نصر الله، وجوده في سوريا بأنه “قتال تحت الشمس من أجل سوريا من أجل لبنان ومن أجل فلسطين”، وفي تصريح له عام 2015  اعتبر أن “طريق القدس يمر بالقلمون و بالزبداني و بحمص وبحماه و بدرعا و بالحسكة ولأنها إذا ذهبت سوريا ذهبت فلسطين وضاعت القدس”.

مع المعارضة.. ضد الأسد

بالتوازي مع وجود فصائل فلسطينية مسلحة تقاتل إلى جانب قوات الأسد، انضمت فصائل أخرى إلى صفوف المعارضة السورية، واستهدفت النظام في قتالها، أبرزها “أكناف بيت المقدس”، وهي من أكبر الفصائل المقاتلة في مخيم اليرموك بدمشق.

الكثيرون من عناصر “أكناف بيت المقدس” معروفون بأنهم كانوا يتبعون لحركة “حماس”، إلا أن الحركة نفت تبعيتهم لها.

أما “أحرار جيش التحرير”، فهي مجموعة فلسطينية قام بتشكيلها ضابط برتبة عقيد، عمل في “جيش التحرير الفلسطيني” ثمّ انشق عن الجيش بعد رفضه تنفيذ الأوامر و”توريط جنوده في الحرب السورية”.

فلسطينيون داخل سوريا

يوجد في سوريا ما يزيد على 13 مخيمًا للاجئين الفلسطينيين، بعضها رسمي والآخر غير رسمي، ويقدر عدد الفلسطينيين فيها بنحو نصف مليون نسمة.

أكبر المخيمات مخيم اليرموك وهناك مخيمات السبينة وخان دنون وحندرات والوافدين وغيرها على امتداد المدن السورية.

ولم ينجُ الفلسطينون من الاعتقال، إذ وصل عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون النظام السوري إلى 12492 معتقلًا، قضى منهم 541، بينهم 63 امرأة، وفقًا لإحصائية مركز توثيق المعتقلين والمفقودين الفلسطينيين في سوريا التي نُشرت في نيسان الماضي.

ووصل عدد القتلى الفلسطينيين في الحرب السورية إلى أكثر من 3000 قتيل منذ بداية الصراع 2011.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة