المهجّرون السوريون إلى تركيا… ضيوف أم لاجئون

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 134 – الأحد 14/9/2014

شاناي أوزدن - تركيا

شاناي أوزدن – تركيا

عنب بلدي – اسطنبول

عقدت مساء الثلاثاء 9 أيلول، محاضرة بعنوان “ضيوف أم لاجئون… نظام اللجوء في تركيا والمهجرون السوريون”، في صالة “سالت غالتا” في اسطنبول، تحدثت فيه الباحثة “شناي أوزدن” عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية والقانونية للاجئين السوريين.

وبدأت الباحثة التركية في مجال الانثروبولوجيا السياسية، بشرح المنظور التركي للمواطنين السوريين، إذ بيّنت ظن شريحة من الأتراك بأن السوريين يحصلون على المواطنة في تركيا، بغرض المشاركة في الانتخابات لمصلحة الحزب الحاكم، وأن كل أسرة تحصل على راتب شهري من الحكومة ومنازل وعلاج مجاني.

وتبرر هذه الشريحة الاحتجاجات ضد وجود السوريين بثلاثة أسباب، أولها، مشكلة السكن وارتفاع الإيجارات وصعوبة الحصول على مسكن من قبل السكان المحليين، إذ أكدت أوزدن أن المشكلة موجودة أصلًا في مدينة غازي عنتاب بسبب مشروع “التحول الحضاري” الذي كان يتم في عدد من المدن التركية، وكمثال على ذلك، منطقة “شاهين بيه” التي يتركز فيها السوريون بكثافة، وهي إحدى مناطق المشروع، حيث تهدم مناطق أصحاب الدخول المتدنية ويبنى مكانها أبراج وتباع أو تؤجر للسكان القادرين على الدفع.

وتتمثل المشكلة الثانية بالبطالة المتصاعدة وتدني الأجور، حيث تعتبر عنتاب من أكثر المدن المصنعة في تركيا، بينما يبلغ معدل الانتساب لنقابات العمال 4 بالمئة، ما يعني أن وضع العمال هش دون أقنية للدفاع عن حقوقهم، ما يجعل السوريين أكباش فداء لمشكلات سابقة على قدومهم.

وتتركز المشكلة الثالثة في الخدمات الصحية وصعوبة وصول السكان المحليين لها، لكن ونقلًا عن رئيس غرفة أطباء مدينة غازي عنتاب، فإن “المعتدي الحقيقي على القطاع الصحي ليس السوريين، بل الإصلاحات الصحية التي يتم تطبيقها منذ نحو 10 سنوات، التي حولت القطاع الصحي إلى مشروع تجاري”.

وبحسب مقابلات أجرتها أوزدن مع عدد من السكان المحليين، فهناك تقلب في الخطابات بين خطاب إسلامي وخطاب قومي معاد للأجانب، وربما في بعض الأحيان يحمل الشخص نفسه نفس الخطابيين “السوريون أخوة لنا مسلمون إلى أنهم غرباء في بلدنا”، والمشترك في الخطابين هو أنه لا مجال في أي منهما لمفهوم حقوق اللاجئين.

أما بالنسبة للموقف الحكومي فكان الرد متمركزًا حول الأمن واستعادة الأمن، لا حول حقوق اللاجئين، ويتجسد ذلك بموقف “فاطمة شاهين” رئيسة بلدية غازي عنتاب عند اندلاع الاحتجاجات ضد تواجد السوريين، إذ قالت إن “الأولوية العليا لرفاه السكان المحليين”، فبدأت بإزالة اليافطات العربية من محلات السوريين، ونقل العديد من السوريين بالقوة إلى المخيمات بدون أي مذكرات رسمية، وهكذا فإن رد السلطات التركية يعادل ضوءًا أخضر من أجل المزيد من الهجمات، فبدلًا من توضيح حقوق اللاجئين عملت على حلول مؤقتة تستدعي المزيد من العنف.

أقوى ردّ فعل على الهجمات ضد السوريين كان من نقابات العمال في إزمير واسطنبول، وكان شعارهم “اللاجئون السوريون ليسوا أعداءنا، أعداؤنا هم الرأسماليون الذين يستغلوننا ويستغلونهم”، وبحسب الباحثة أوزدن، كان يفترض أن يصدر رد من الحركات النسوية التركية على ادعاء البعض بأن اللاجئين السوريين يتحرشون بالنساء التركيات، إذ يحوّل أصحاب هذا الادعاء أجساد النساء لتدعيم الخطاب البطريركي المعادي للأجانب، وتضيف أن هؤلاء لا يعترضون على شراء رجال أعمال أتراك نساء سوريات فقيرات كزوجات ثانيات، ولا يتطرق أحد للأمر.

وتابعت أوزدن، أن بعض السوريين يتداولون شرح الهجمات بأنها مبنية على الولاءات السياسية أو الهويات الإثنية أو الطائفية، فيعتقد البعض أن الهجمات يحركها الحزب القومي، ويرى سنيون أن العلويون هم وراءها، في حين يرى قوميون أن الكرد وراءها، وترى مجموعة معارضة للحكومة أن الحكومة نفسها وراء الهجمات لأنها في ورطة؛ “هذا كله غير صحيح ومن يحاول تفسير الاعتداءات بهذه الطرق يتجاهل الديناميات الطبيعية للصراع الطبقي في تركيا”، بحسب أوزدن.

ضيوف أم لاجئون - سالت غالتا/اسطنبول

ضيوف أم لاجئون – سالت غالتا/اسطنبول

وفي ختام حديثها دعت أوزدن إلى بناء شبكات تواصل بين السوريون والسكان المحليين، والنظر إلى اللاجئين السوريين على أنهم شعب كافح من أجل الحرية، وألا ينظر إليهم أنهم مساكين يطلبون العون، بينما هم في الحقيقة أناس منتجون اقتصاديًا وثقافيًا وفنيًا.

وكانت أوزدن درست بضع سنوات في جامعة كوش في اسطنبول وأقامت في سوريا بين عام 2003 و2009، وأنجزت العديد من الأبحاث بخصوص اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين في سوريا، وقد أسست مع مجموعة من شخصيات سورية وغربية البيت الثقافي السوري في اسطنبول (هامش) منتصف آذار من العام الجاري، والذي أشرف على تنظيم هذه الندوة.

يذكر أن شريحة كبيرة من السوريين اللاجئين إلى تركيا، ممتنة للحكومة التركية على معاملتهم كـ “ضيوف”، رغم غياب قوانين للاجئين تحدد حقوقهم وواجباتهم، مقارنةً بمعاملة اللاجئين في الدول العربية المجاورة، التي اعترفت بحقوقهم كلاجئين إلا أن هذه القوانين “بقيت حبرًا على ورق”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة