محكمة يوغوسلافيا السابقة تغلق أبوابها بعد ربع قرن

camera iconإغلاق المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة 2017 (انترنت)

tag icon ع ع ع

تغلق المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة (ICTY) أبوابها بعد نحو ربع قرن من العمل الذي خصصته للاستماع ومحاكمة مرتكبي أسوأ الفظائع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

24 عامًا.. 90 محكومًا

وسيكون يوم غد، الأحد 31 كانون الأول 2017، تاريخ إغلاق المحكمة بشكل رسمي، والتي ولدت عام 1993 من قلب النزاع في البلقان.

وعقدت المحكمة، خلال فترة عملها أكثر من عشرة آلاف يوم محاكمة، استمعت فيها إلى شهادات قرابة خمسة آلاف شخص، وقدمت 161 متهمًا إلى العدالة الدولية، كما حكمت على 90 شخصًا في جرائم، منها الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.

وفي آخر بيان لها عبرت المحكمة عن أملها في أن يسهم إرثها بإحلال السلام، وتطوير القانون الجنائي الدولي، وإلهام المحاكم والهيئات القضائية الأخرى.

إشادة أممية

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وفي حفل عقد بمناسبة اختتام عمل المحكمة، اعتبر أن إنشاءها أظهر التزامًا دوليًا بضرورة معاقبة المسؤولين عن ارتكاب أخطر الجرائم ومساءلتهم عن أعمالهم.

وأضاف الأمين العام أن المحكمة كانت صوت الضحايا، وأنها أتاحت الفرصة لمن تعرضوا للعنف الوحشي والخسائر المأساوية لاطلاع المحاكم على قصصهم، ورؤية مرتكبي الجرائم بحقهم خاضعين للمساءلة، وهو ما أسهم بحد ذاته في عملية التعافي، بحسب تعبيره.

وأوضح أن توثيق الجرائم يضمن أن العالم لن ينسى، وأن التاريخ لن تعاد كتابته، وأن أصوات الضحايا ستستمر على مر العصور.

وأشار إلى أن محكمة يوغوسلافيا السابقة ساعدت منذ إنشائها على ازدهار كيانات شبيهة لكفالة المساءلة، بما في ذلك محاكم رواندا وسيراليون وكمبوديا ولبنان، بل وأيضًا المحكمة الجنائية الدولية.

وعبر غوتيريس عن ثقته في استمرار العدالة الجنائية الدولية، بدعم من المجتمع الدولي، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن الغرض لا يتمثل فقط في مكافحة الإفلات من العقاب، بل أيضًا في السعي وراء الحقيقة والمصالحة.

أبرز المحكومين وحادثة فريدة

وأنهت المحكمة الدولية ليوغسلافيا السابقة أعمالها بأحكام على قادة سابقين لكروات البوسنة.

وأصدرت أحكامًا في جلسة استئناف، بداية الشهر الجاري، على ستة قادة سياسيين وعسكريين سابقين لكروات البوسنة متهمين بارتكاب فظائع ضد مسلمين خلال حرب البوسنة.

وجاء ذلك بعد أسبوع على حكمها بالسجن مدى الحياة على القائد العسكري لصرب البوسنة، راتكو ملاديتش، الملقب بـ “جزار البلقان” بعد إدانته بارتكاب إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

وشهدت المحكمة حادثة فريدة حين أقدم القائد العسكري لكروات البوسنة، سلوبودان برالياك، على تجرع السم بعيد إصدار حكم عليه بالسجن 20 عامًا، لدوره في أعمال قتل وترويع للسكان المسلمين.

وفي مشهد تناقلته وسائل الإعلام على الهواء قال برالياك مخاطبًا هيئة المحكمة “شربت السم، لست مجرم حرب وأعارض هذه الإدانة”، قبل أن يتجرع السائل ويموت بعدها.

أسباب تشكيل المحكمة

وتواجه في حرب البوسنة المسلمون والصرب، وكذلك المسلمون والكروات.

وأنهت “اتفاقية دايتون” التي توصلت لها الأطراف المشاركة بالحرب الأهلية في يوغسلافيا السابقة (صربيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك) ثلاث سنوات من الحرب الأهلية.

وكانت الحرب قد اندلعت إثر تفكك الاتحاد اليوغسلافي السابق، حيث سعت مكوناته العرقية والقومية إلى الاستقلال في دول منفصلة، ومن بين هذه المكونات كان مسلمو البوسنة، الذين تعارضت مطامحهم مع الخطاب السياسي للصرب، الرامي إلى السيطرة على مساحات أوسع من منطقة البلقان.

وأدت الحرب إلى العديد من المجازر، لا سيما بحق مسلمي البوسنة والهرسك، الذين عانوا من الحصار والتهجير، كما أسفرت عن مقتل أكثر من مئة ألف إنسان، ولجوء ونزوح أكثر من نصف السكان، بين عامي 1992 وحتى 1995.

و”المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة”، هي لجنة أسستها منظمة الأمم المتحدة تؤدي مهامها باستقلالية ومقرها لاهاي.

ولدى المحكمة الولاية القضائية حول عدة أنواع من الجرائم المرتكبة في المنطقة التي كانت تمثل يوغوسلافيا سابقًا منذ عام 1991، كالمخالفات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، ومخالفة القوانين أو ارتكاب الجرائم مثل الإبادة الجماعية والجرائم الإنسانية الأخرى.

وبإمكانها محاكمة الأفراد، والعقوبة القصوى التي يمكن أن تستخدمها هي السجن المؤبد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة