أطفال غادروا سوريا وحدهم.. العمل بانتظارهم

camera iconأطفال سوريون في مدرسة تركية بعد إتمامهم الفصل الأول في العام الدراسي 2017-2018 - 19 كانون الثاني 2017 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – عبدو قريمزان

قرر محمد، الطفل النازح من إدلب إلى دمشق ترك مقعد الدراسة في العاصمة، والبحث عن فرصة جديدة ترسم مستقبله بعيدًا عن أصوات القذائف والبدلات العسكرية المنتشرة في شوارع المدنية، واختار رحلة اللجوء “الصعبة” إلى تركيا علها تحقق ما كان يحلم به.

محمد (14 عامًا)، هو واحد من الأطفال السوريين القاطنين في مناطق سيطرة النظام السوري الذين اضطرتهم المعارك الدائرة في مناطق انتفضت على حكم الأسد خلال سنوات الثورة السورية إلى ترك مدنهم ومناطقهم.

تقول والدة الطفل لم يكن أمامنا سوى هذا الطريق، فنحن نتعرض لمضايقات أمنية متكررة واستفزازية تستهدف ولدي الوحيد الذي بقي معنا في سوريا، كوننا نزحنا من مناطق خرجت عن سيطرة النظام.

وتضيف “أعلم أن سفره في هذا العمر خطر بالنسبة لنا”، لكنها تبرر ذلك “ابن عم محمد البالغ من العمر 15 عامًا، اعتقل قبل عامين دون أي سبب على حواجز النظام ولم تتمكن عائلته من التعرف على مصيره حتى الآن، ونحن لا نريد أن يلحق ابني به”.

وتابعت “أتمنى أن يجد ابني عملًا جيدًا في تركيا يستطيع من خلاله إكمال دراسته ورسم مستقبله الذي طالما تمنى أن يكون مشرقًا، مثله مثل أطفال العالم”.

ووفق تقديرات لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بلغ عدد الأطفال الذين فروا من سوريا، عبر الحدود إلى دولٍ أخرى 2.3 مليون طفل سوري، كما يحتاج نحو ستة ملايين طفل داخل سوريا للمساعدات الإنسانية، بينهم نحو ربع مليون طفل يعيشون في المناطق المحاصرة، ويعيش كثيرون منهم في مناطق يصعب الوصول إليها، وذلك في تقرير لها عن العام 2016.

بدأت رحلة محمد على الحدود التركية السورية أثناء مبيته عند أحد “المهربين” المختصين بنقل البشر من سوريا إلى تركيا، بطرق غير شرعية وغير آمنة.

ويقول “مكثت قرابة الشهر على الحدود مع مجموعة من الأشخاص نصفهم نساء والبقية أطفال بعمري، كنا كل يوم نجتمع بساعات متأخرة من الليل استعدادًا للانطلاق نحو الحدود، تخفيًا من حرس الحدود التركي وتحت المطر”.

“الطريق كان صعبًا للغاية، وفكرت أكثر من مرة بالعودة إلى دمشق، نتيجة للطريق الصعب الذي نسلكه ووعورة التضاريس التي اضطررنا للسير فيها”، يردف الطفل “لكن إصرار أهلي على استمراري في الرحلة أثناني عن الرجوع، خوفًا من المضايقات الأمنية والمساءلة التي سأتعرض لها، فعائلتي معروفة بالحي ولن أسلم”.

وفي حديث لعنب بلدي مع “المهرب” الذي أشرف على عملية انتقال محمد إلى تركيا، يقول “لست مسؤولًا عن صحة وسلامة من يريد اجتياز الحدود معي، فالناس على علم بخطورة الطريق، وحتى أهل الأطفال يكونون على تواصل معي”.

هناك كثيرون يبحثون عن طريق آمن للوصول إلى تركيا، لكن المهرب يقول “لا أملك سوى تطمينهم على سلامة الطريق، فطريقنا مجهول ومملوء بالمفاجآت والصعوبات، وأحيانًا يُضرب هؤلاء عند القبض عليهم على الطريق”.

فور وصول محمد إلى اسطنبول التحق بالعمل في أحد المصانع، كحال كثيرين من الشباب الذين غادروا سوريا إلى دول الجوار، ويقول إنه يعمل أكثر من عشر ساعات يوميًا وهو ما منعه من استكمال دراسته وبناء مستقبله الذي قدم لأجله.

ويبلغ عدد الأطفال السوريين خارج المدرسة في تركيا أكثر من 350 ألف طفل، بحسب أرقام “يونيسيف”، بينما تقدر منظمات محلية في تركيا، من بينها جمعية “الدعم الحياتي”، أن أكبر نسبة للأطفال السوريين العاملين توجد في هاتاي بنسبة 49%، تليها اسطنبول بـ 26.6%، ثم أورفة بـ 15%.

ويعمل هؤلاء من ستة إلى سبعة أيام في الأسبوع، لأكثر من ثماني ساعات يوميًا.

ويختم الطفل محمد حديثه لعنب بلدي “أصدقائي يستفسرون مني عن وضعي ويطلبون النصيحة، وأخبرهم بأن مستقبلي دُمر ولا يوجد شيء هنا سوى العمل”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة