“يا عيد روح بعيد أنا قلبي انقفل بابه” … أوجاعٌ يحملها العيد لأهالي الغوطتين

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 137 – الأحد 5/10/2014

أوجاع العيدتمام محمد – بيروت

استقبل السوريون عيد الأضحى الرابع منذ بدء الثورة، بمزيدٍ من الأعمال العسكرية التي تشهدها أحياؤهم. وفي حين ترتسم بعض ملامح العيد في قلب العاصمة دمشق التي يسيطر عليها الأسد، تفصلها بضعة كيلومترات عن ريف دمشق المستعر بنيرانه أو المحاصر بالآليات العسكرية، تزامنًا مع ارتفاع في أسعار المواد الغذائية ومتطلبات العيد.

يقبل العيد ليفتح “جراحًا لطالما حاول أصحابها نسيانها، لينقلب الفرح حزنًا لدى العائلات التي فقدت أحد أفرادها استشهادًا أو اعتقالًا”، كما أن زيارة قبور الشهداء والمقربين الذين قضوا بنيران الأسد “تعيدنا لتلك الأيام التي كنا نتقاسم معهم مر الحياة وحلوها، بينما تنهمر الدموع ألمًا على غيابهم” كما قال أبو بلال، الذي استشهد أخوه في الغوطة الغربية قبل عامين.

أما عيد أم عبد الرحمن، فيقتصر على الدعاء بعودة زوجها بعد 3 أعوام على اعتقاله، محاولةً إخفاء دموعها أمام أطفالها “ما ذنب هذين الطفلين حتى لا يجدا أبًا حنونًا أيام العيد، لا فرحة لي حتى أرى زوجي سالمًا”.

وليس المقاتلون بأفضل حالٍ من المدنيين، فأبو سعيد تحدث لعنب بلدي أن أيام العيد “أضحت أيامًا عاديةً كغيرها” بسبب ابتعاده عن أهله النازحين إلى منطقة آمنة، مؤكدًا أن جبهات القتال وطائرات النظام لا تهدأ “لا أجد إلا رشاش الدوشكا أشاركه فرحة العيد حين أتصدى للطائرات التي تغير على المدنيين على مشارف دمشق”.

يمنع الحصار، الذي تطبقه قوات الأسد على المناطق المنتفضة في الغوطة الغربية، دخول المواد الغذائية اللازمة لصنع الحلويات وغيرها، بالإضافة إلى نفاد الوقود وجرات الغاز منذ الأشهر الأولى لحصار تلك المدن.

أم أحمد، المحاصرة في داريا مع أطفالها وزوجها، أفادت عنب بلدي أنها لم تصنع حلوى العيد منذ عامين، عازيةً ذلك إلى انتهاء المواد الغذائية المخزنة في المدينة “لم يبقَ عندنا طحينٌ لصنع الخبز حتى نصنع المعمول”، مشيرةً إلى فقدان طابع العيد من دون الحلوى والأطعمة الشعبية “العيد بدون معمول ليس له طعم”.

وتشهد أسعار الملابس والمواد الأولية لصنع الحلوى ارتفاعًا كبيرًا في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في الغوطة الغربية، كما يساهم الوضع الاقتصادي المتردي في حرمان العائلات من شراء متطلبات العيد، إذ يتزامن قدومه مع حلول الشتاء وبدء العام الدراسي، ما يضع رب الأسرة أمام مصاريف كبيرة في توقيتٍ واحد، “يصعب على الغني تأمنيها في هذا الزمن”، حسب أبي ماهر، أحد النازحين إلى بلدة الكسوة، الذي يردف “عمدت إلى تأمين الحاجات الضرورية على حساب العيد”.

المحاصرون في الغوطة الشرقية يعانون أيضَا من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أسواقها، “ما دفع بعض العائلات إلى استبدال المعمول بالبوشار أو البسكويت إن وجد”، كما تنقل هبة إحدى العاملات مع منظمة الهلال الأحمر.

ويشكل الوضع الأمني عائقًا آخر يحرم الأطفال والكبار بهجة العيد، إذ تقيّد غارات الطيران الحربي حركتهم ونشاطاتهم. ويؤكد أبو مجاهد، أحد الإعلاميين في مدينة داريا، أن البراميل والصواريخ التي تلقيها طائرات الأسد “لا تفرق بين الأهداف العسكرية وبين مراجيح الأطفال وتجمعاتهم، ما منعنا من عمل مهرجانٍ للأطفال”.

كذلك الحال في الغوطة الشرقية، إذ تقول هبة إن العيد “اقتصر على التعزيل والتنظيف لدى الكبار، وعلى ألعاب الصغار الفردية، خوفًا من قصف التجمعات”.

بينما شهدت صفحات التواصل الاجتماعي عباراتٍ تعبر عن رفض السوريين للفرح بعيدهم وغياب مظاهره من حياتهم، على غرار “ما في عيد إكرامًا للشهيد، شو بينفع العيد للي مفارق أحبابه.. يا عيد روح بعيد أنا قلبي انقفل بابه”.

وهكذا يمر العيد الثامن منذ بدء الثورة السورية كما في كل مرةٍ، يطرق باب السوريين ليلقوه بالحزن والأوجاع، عسى أن تتحقق معايداتهم التي تحوّلت إلى “كل عامٍ وأنتم بحريةٍ ونصر”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة