tag icon ع ع ع

“تبادل الأسرى من جميع الأطراف من غير مقابل مادي، ومن يرغب بالتبادل يتواصل معي على الواتس آب”، يختصر هشام خزامي سيرته الذاتية عبر “فيس بوك” بهذه العبارة، ويروج لذلك بسلسلة تسجيلات مصورة لعمليات تبادل لأسرى من قوات الأسد والميليشيات المساندة لها مقابل معتقلين في سجون النظام السوري.

خزامي يضع رقم التواصل معه على العلن، ويؤكد في منشوراته أن العمل الذي يسير فيه دون أي مقابل مادي.

ورغم حساسية صفقات التبادل بين أطراف النزاع في سوريا وتشعبها، يخوض خزامي فيها بصورة كبيرة و”ذكية”، وأعلن مؤخرًا أنه ينسق لإخراج أسرى مطار أبو الضهور مع “هيئة تحرير الشام”، داعيًا التواصل معه لمن يرغب بالتبادل عليهم.

مهندس صفقات التبادل والتفاوض مع فصائل المعارضة، وإحدى الشخصيات البارزة في هذا الملف، وتكرر الحديث عن شخصيته على مدار السنوات الماضية من الحرب السورية، لكن الأمر كان بصورة سطحية دون الخوض في تفاصيل شخصيته، سواء بالأطراف الرئيسية التي تقف وراءها، أو الطريقة التي يسير فيها مع أطراف النزاع.

تحاول عنب بلدي عرض تفاصيل شخصية خزامي، اعتمادًا على معلومات حصلت عليها من شخصيات معارضة دخلت معه في عمليات تبادل أسرى ومعتقلين، منذ السنوات الأولى للثورة السورية حتى اليوم.

مفاوض “الحرس الثوري”

ينحدر هشام خزامي من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، وهو من مواليد عام 1970، يعود نسبه إلى عشيرة بني خالد، المنتشرة في مناطق مختلفة في سوريا، وخاصةً في محافظتي دير الزور وحمص.

يعرف نفسه بأنه معتمد من قبل “الدولة السورية” و”الحرس الثوري” الإيراني، ويؤكد على ذلك في كل عملية تبادل يقوم بها، مرفقًا تسجيلات مصورة للحظات التي تسبق تسليم واستلام الأسرى والمعتقلين.

النقطة البارزة في عمل خزامي هي عملية الترويج التي يقوم بها عبر صفحته الشخصية في “فيس بوك”، ويعتمد بذلك على عرض الأسرى، سواء من جانب النظام السوري والميليشيات الرديفة له أو من فصائل المعارضة ضمن فيديوهات، وترفق إلى جانبها دعوات لمن يرغب بالمبادلة عليهم بأن يتواصل معه عبر رقم الهاتف الموجود في تعريف حسابه.

لا تقتصر عمليات التبادل التي يقوم بها خزامي على العسكريين، بل تنسحب على المدنيين من نساء ورجال، وكان قد بدأ بنشر التسجيلات المصورة للأسرى والمعقلين عبر حسابه قبل عام 2015، أي أن نشاطه التفاوضي ليس حديثًا.

بحسب معلومات عنب بلدي، يعتبر خزامي الرجل الثالث في عمليات التبادل بسوريا، إلى جانب ياسر البكار أحد تجار مدينة دمشق وقائد ميليشيا شيعية مكلفة بحماية مرقد السيدة زينب، والإعلامية التابعة للنظام، كنانة حويجة التي دخلت في صفقات تبادل وتفاوض آخرها في ريف حمص الشمالي.

وعينه “الحرس الثوري” الإيراني في السنوات الأولى للثورة كمسؤول تفاوضي ووسيط لعمليات التبادل مع الفصائل العسكرية المعارضة، الأمر الذي أكسبه شعبية كبيرة ومجالًا واسعًا لعمله “الحساس”.

هشام خزامي إلى جانب ياسر البكار أحد قادة الميليشيات في السيدة زينب - (فيس بوك)

هشام خزامي إلى جانب ياسر البكار أحد قادة الميليشيات في السيدة زينب – (فيس بوك)

وسيط قائد “الأحرار”

اللافت في التسجيلات المصورة التي ينشرها خزامي عبر حسابه ظهور قائد “حركة أحرار الشام الإسلامية”، حسن صوفان، فيها، إذ تولى عملية مبادلته مقابل ضابط من قوات الأسد في 26 من كانون الأول 2016.

وظهر صوفان في تسجيل نشره خزامي قبل عملية التبادل من مدينة دمشق، وقال فيه إن أموره جيدة، وإنه موجود في مكان يتلقى فيه معاملة جيدة، داعيًا قياديين في “أحرار الشام” أن يتواصلوا مع خزامي لتسريع عملية التبادل، والتي لن تتعدى أسبوعًا إلى عشرة أيام.

وكانت “أحرار الشام” ذكرت أن صوفان خرج إثر صفقة تبادل أسرى، مقابل قائد حملة رتيان لدى النظام في ريف حلب، الملازم أول رامي حميدوش من القرداحة.

وحين خروج حميدوش بثت وسائل إعلام النظام، مقابلاتٍ معه، متحدثًا عن “النصر” في حلب، دون الإشارة إلى الصفقة التي خرج بها.

ونشر خزامي فيديوهات في أثناء عملية التسليم، وظهر وهو يودع صوفان خلال توجهه إلى ريف حلب ويقول له “مع السلامة أخي الله معك”، كما ظهر إلى جانب الملازم أول رامي حميدوش، بعد وصوله إلى مناطق سيطرة النظام السوري.

ويقول القيادي “الفاروق أحرار” في “أحرار الشام”، لعنب بلدي، إن خزامي يعمل في التفاوض وصفقات التبادل منذ أكثر من خمس سنوات، وكان يدخل إلى مناطق سيطرة “الجيش الحر” ويخرج إلى مناطق النظام دون أن يتعرض له أحد.

لكن “جبهة النصرة” (المنضوية في هيئة تحرير الشام) اعتقلته سابقًا وتعرض في سجونها للتعذيب، الأمر الذي منعه من الدخول مجددًا إلى مناطق سيطرة المعارضة.

ويضيف “الفاروق” أن خزامي دخل في صفقات تبادل كثيرة، ونجح معظمها، وهو مفوض من قبل وزارة العدل التابعة للنظام السوري إلى جانب تبعيته لـ “الحرس الثوري”، والذي ظهر إلى جانب ضباط منه في مدينة حلب، أواخر عام 2016، بينهم القيادي “سيد جواد غفاري”.

“محايد ويحب الشهرة”

على مدار السنوات السابقة من النزاع السوري عرفت صفقات التبادل بالمبالغ المالية التي تطرح فيها، وكان أبرزها اتفاق “المدن الخمس” الذي دار الحديث فيه عن خروج أسرى قطريين لدى “حزب الله” العراقي، لقاء مبلغ مالي ضخم، بالإضافة إلى صفقة تسليم عناصر إيرانيين أسرى لدى “فيلق الرحمن” في سنوات الثورة الأولى.

ويقول خزامي في جميع الصفقات الذي يسير فيها بأنه لا يتلقى أي مبلغ مالي، ما يطرح تساؤلات عن الهدف الذي يسعى وراءه، كونه لا يحظى بأي عائد مقابل عمله.

أحد القادة العسكريين الذين تواصلوا مع خزامي (طلب عدم ذكر اسمه) يقول لعنب بلدي إنه يعتبر نفسه “محايدًا”، رغم علاقته القوية مع “الحرس الثوري”.

ويضيف أن علاقته مع إيران أقوى من علاقته مع الأفرع الأمنية، وقام بدور الوسيط بعمليات تبادل كبيرة وعديدة، و “هو لا يطلب الأموال”.

“تهمه الشهرة، ومن خلال تجربتنا معه لعملية التبادل لم نر منه أي شيء”، ويوضح القيادي أن خزامي عرف نفسه في أكثر من صفقة بأنه “فاعل خير ويهتم بالشهرة”.

وفي آخر الصفقات التي سار بها المفاوض كانت في ريف حلب الشمالي، مطلع آذار الماضي، وأعلن حينها فصيل “لواء المنتصر بالله” أن العملية أسفرت عن إطلاق سراح عشر نساء وشاب محكوم بالإعدام من سجون النظام.

بالإضافة إلى ثماني نساء ينحدرن من مدينة حمص وريفها واثنتين من حلب وشاب من مدينة تلكلخ في حمص، مشيرًا إلى أنهم سلموا في معبر دير قاق في مدينة الباب بريف حلب.

وكانت العملية المذكورة فشلت أكثر من مرة، حتى وصلت إلى وزير المصالحة في حكومة النظام، علي حيدر، الذي طلب من أهالي العناصر مبلغ عشرة ملايين ليرة سورية، قبل تدخل خزامي ونجاح الصفقة.

“يبتعد عن الفشل”

القيادي العسكري السابق عزا عدم ذكر اسمه لكونه سيدخل في الأيام المقبلة مع خزامي في صفقة تبادل لإخراج معتقلين في سجون النظام السوري، ويجهز لذلك حاليًا.

ويقول إنه “لا يمانع من التوصل مع خزامي إن كان الأمر فيه مصلحة للمعتقلين والمعتقلات”.

ويعتبر أن التعامل معه “جيد” قياسًا بالشخصيات المفاوضة الأخرى، ومنهم وزير المصالحة، علي حيدر، والتي تضع المال كشرط أولي للقبول بأي صفقة تبادل.

لم ينقطع خزامي عن الدخول في الصفقات حتى اليوم، وبحسب ما قال في “فيس بوك”، يعمل حاليًا على مبادلة العقيد الطيار، محمد علي عبود، والعقيد الطيار نضال علي محمد ومجموعة مطار أبو الضهور بعد خروجهم في تسجيل مصور، نيسان الماضي، طلبوا فيه إخراجهم من سجون الفصائل العسكرية، وطلبوا من خزامي أن يتولى الأمر.

وبحسب القيادي العسكري، فإن عملية تبادل أبو الضهور فشلت، والمنشور الذي كتبه خزامي عبر حسابه جاء “كي لا يقال إن هناك عملية فشلت وهو يخوض بها”.

مقالات متعلقة