“الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب”

كتاب الطبخ السوري الأول في القرون الوسطى

tag icon ع ع ع

مع تقدم الوقت تنوعت طرق انتقال الطبخ وصناعة الحلويات منزليًا، ومع وجود مواقع التواصل الاجتماعي في حياتنا اليومية صار من السهل جدًا التعرف على المطابخ الشرقية والغربية والأمريكية والآسيوية، ولكن كيف كان السكان في عصور خلت يتناقلون وصفات إعداد الطعام وطرق تحضير الحلويات.

البداية كانت قبل الميلاد بأربعة آلاف عام، عندما نحت البابليون ألواحًا طينية تحتوي على طرق لإعداد المأكولات، فيما كتب الشاعر الإغريقي أركسترتوس أكثر من ألف قصيدة يتغنى فيها بحبه للطعام، ويروي من خلال أبيات غزله بعض الوصفات وطريقة تحضيرها، كان معظمها خلال ترحاله بين بلدان حوض المتوسط، وأطلق على الكتاب اسم “جاسترونوميا”.

كتب الطبخ التي كانت نادرة في حقب زمنية قديمة، لكنها حملت تاريخ تلك المطابخ، والتي كانت ستبقى دون تاريخ لو أن الناس القدماء لم يدونوا.

وتعود الولادة الأولى لكتب فن الطبخ على الصعيد العربي إلى العصر العباسي، لابن سيار الوراق في القرن العاشر بكتابه “كتاب الطبيخ”.

في حين يعتبر أشهر كتب الطبخ العربية في العالم، كتاب الطبيخ السوري “الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب”، والذي كتب في القرن الثالث عشر أي قبل ثمانية قرون.

ويعود تأليف الكتاب بحسب ما يرجح مؤرخون لابن عديم، في حين يحوم الشك عن حقيقة تأليفه واسم مؤلفه، الذي يستعرض فيه طبخات تلك الحقبة.

جمعت وصفات الطبخ في كتاب “الحبيب” يدويًا وانتقلت بهذه الطريقة لأجيال، ويوجد منها عدة نسخ مختلفة يطلق عليها “المخطوطة أ” و”المخطوطة ب”.

ويقول المؤرخ الأمريكي تشارلز بيري إن نسّاخ هذا الكتاب لم ينسخوه من مخطوطات كانت موضوعة أمام أعينهم، بل كانت تتم قراءة الوصفات لهم.

وصدرت ترجمة إنكليزية لكتاب ”الوصلة إلى الحبيب في وصفات الطيبات والطيب” تحت عنوان “النكهات والطيب- كتاب الطبخ السوري”، للمترجم والمؤرخ الأمريكي تشارلز بيري.

ويحتوي الكتاب على مأكولات وحلويات سورية شهيرة مثل “لقمة القاضي” (العوامة) و”كل واشكر”.

جمعت الوصفات الموجودة بالكتاب في سوريا، في عصر أسماه تشارلز بيري بالعصر الذهبي لكتب الطبخ العربية.

وبعد أكثر من سبعة قرون صدرت الوصفات في كتاب ثنائي اللغة نشره مشروع “اللغة العربية”.

لا يشبه كتاب “الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب” كتب الطبخ الحديثة من حيث المظهر، فلا توجد أي صور أو تعليمات حول درجات حرارة الفرن، وفي الغالب لا يتم تحديد الكميات والمقادير فيه، فمثلًا عند تحضير “لقمة القاضي” يقول الكتاب “يجب سكب سدس كيلو غرام من الماء عند تحضير لقمة القاضي وهي حلوى لذيذة تثير الشهية واللعاب، ومقلية بزيت السمسم ومغمورة بالقطر والتوابل ومن الأرجح أنها تنال إعجاب كل قاضٍ”.

ويضم الكتاب مجموعة من الوصفات لعناصر لا يبدو مكانها صحيحًا في نظر القارئ المعاصر في كتب الطبخ، كوصفات العطور والبخور والمواد المزيلة للروائح الكريهة ومستحضرات التجميل ومساحيق الغسيل.

يقول تشارلز بيري في مقدمة الكتاب الذي ترجمه، إنه ما من شك أن الكتاب تحول في عصره إلى ما يشبه الكتاب الأكثر رواجًا “فقد وصلتنا نسخ منه أكثر بكثير من جميع كتب طبخ العصور الوسطى الأخرى التي وصلتنا”.

ويضيف بيري أن “الأطباق المعروضة أيضًا تفوح بروائح قوية عطرة ليس فقط برائحة الأعشاب والمكسرات والتوابل، بل في بعض الأحيان مكونات نعتبرها عطورًا كماء الورد والمسك أو العنبر، ويشير إلى أنه من الممكن العثور عليها في المطبخ السوري حاليًا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة