قاعدة مفاوضات الجنوب

tag icon ع ع ع

محمد رشدي شربجي

من الصعب بطبيعة الحال فهم ما يجري في جنوب سوريا، خاصة أن المفاوضات هناك تتم بمعزل تام عن فصائل الجيش الحر أو النظام السوري، ولكن حسب ما رشح من الأخبار حتى الآن، فإن الأمور تتجه نحو فرض سيطرة النظام مرة أخرى على كامل محافظة درعا والقنيطرة.

فقد أعلن المسؤول الروسي أن هناك اتفاقًا حصل على إبعاد القوات الإيرانية والميليشيات المرتبطة بها (وكأن الجيش السوري ليس ميليشيا مرتبطة بإيران!) لمسافة 80 كيلومترًا عن الحدود الإسرائيلية، وبكل تأكيد فإن هذا سيكون مقابله السماح للنظام بالسيطرة على الحدود الأردنية السورية.

وسيحقق هكذا اتفاق، إذا ما تم، مصالح جميع الأطراف عدا السوريين بطبيعة الحال، مصلحة إسرائيل بداية وهو هدف الاتفاق الأساسي، ومصلحة الأردن الساعي بكل الطرق لتفعيل معابره الجمركية مع النظام، ومصلحة أمريكا التي أعلنت سابقًا عزمها الانسحاب من سوريا وتركها “الآخرين” يتدبرون أمورهم، عدا عن مصلحة النظام السوري وروسيا التي لا تخفى على أحد.

ويحقق الاتفاق أيضًا مصلحة إيران، فخلال سنوات الثورة استطاعات اختراق النظام والتغلغل في كل مفاصله، حتى لو أبعدت نظريًا فإنها عمليًا قادرة على العودة بأشكال أخرى.

لم تكن مناطق خفض التوتر التي نتجت عن أستانة أكثر من صيغة دولية للمصالحات الوطنية المحلية، فقد أتاحت للنظام تجميد جبهات مشتعلة والتفرغ لأخرى ريثما ينتهي منها ليعود إلى الجبهات الأولى التي وقفت تنتظر دورها في القتل والتهجير دون حراك. واليوم حان دور درعا مهد الثورة.

من غير الواضح إن كان الاتفاق سيرى النور فعلًا، أو إذا كانت القوات الروسية ستشارك في المعارك أيضًا خاصة أن الأحداث أثبتت أن قدرة النظام على كسب معركة دون مساعدة دولية مشكوك بها، أو وهو الأهم رد فعل فصائل ردعا على هذه العربدة الدولية خاصة مع ضغوط إماراتية عليهم.

ولكن ما يهم، والخطير، أن المفاوضات تتم على قاعدة متفق عليها بين الغرب والشرق والقوى الإقليمية (بما فيها إسرائيل طبعًا أو على رأسهم بالأحرى) والدولية على السواء، وهي أن بشار الأسد ونظامه هو الوحيد المناسب لحكم سوريا.

هكذا ببساطة! لا يرى العالم لنا إلا بشار الأسد الذي بنى نظامه على جماجمنا، العالم السافل لم يجد لنا في الألفية الثالثة إلا شبيه النازي ليحكمنا، نحن المذنبين المسحوقين لأننا حاولنا الحياة التي لا يستحقها هذا العالم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة