محافظة ريف دمشق: الترميم في الصيف

“منازل موقوتة” تنتظر أهالي الغوطة الشرقية

camera iconمدينة دوما في الغوطة الشرقية (رويترز)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد حمص

يعي كثير من أهالي الغوطة الشرقية الراغبين بالعودة إلى بلداتهم أنهم ربما لن يجدوا جدران منازلهم قائمة، أو على الأقل لن يجدوا أيًا من أثاثها، وسط ترويج وسائل الإعلام الرسمية لفتح طرق الغوطة والسماح بعودة الأهالي من دمشق ومراكز الإيواء قريبًا.

وعلى الرغم من الخطة الإسعافية التي وضعها مجلس وزراء حكومة النظام السوري، بالتزامن مع الحملة العسكرية التي شنتها قوات الأسد على المنطقة، في آذار الماضي، إلا أن تطبيقها والبدء بجرد وإحصاء الأضرار التي سببتها الآلة العسكرية تأخر أشهرًا.

وقد أضعفت المعارك والقصف والأنفاق التي حفرتها المعارضة الجملة الإنشائية للأبنية، ما يجعل العودة إلى المنازل دون الكشف عليها خطيرة، وهذا ما لم يحدث قبل الإعلان عن عودة السكان إليها.

عودة الأهالي إلى بنية غير جاهزة

توافدت في الأشهر الماضية عدد من العائلات إلى المنطقة لا سيما ممن نزحوا عنها خلال الحملة العسكرية التي بدأت، في شباط الماضي، ولكن الكثير منهم لم يجدوا منازلهم صالحة للسكن، ما وضع العائلة أمام عدة خيارات، بحسب ما يقول محمد، أحد أبناء بلدة حمورية وسط الغوطة الشرقية، مضيفًا أن منزله تعرض لأضرار خارجية نتيجة القصف، ما أدى إلى دمار الجدران الخارجية وجعل من الصعب العودة إليه والسكن فيه.

اضطر محمد (45 عامًا)، والذي يمتلك أسرة مؤلفة من زوجته وابنيه، إلى الانتقال لمدينة سقبا والسكن في منزل ليس له ولا يعرف لمن تعود ملكيته، ريثما يقوم بترميم منزله الخاص ويعود إليه.

وأشار إلى أنه حاول ترميم المنزل بشكل بسيط (من قريبه بحسب اللهجة المحلية)، ما كلفه مبلغًا يقارب 100 ألف ليرة سورية، مضيفًا أن الترميم كان فقط للجدران الخارجية دون أن يعمل على ترميم النوافذ والأبواب.

وتسكن عشرات العائلات في كل بلدة من بلدات الغوطة الشرقية بمنازل لا يملكونها، لكن هذه العائلات اضطرت لذلك بعدما عادت ووجدت منازلها غير قابلة للسكن، بحسب ما قالت مصادر متقاطعة لعنب بلدي، في الوقت الذي لا تزال الحكومة تعمل على إعادة المواطنين من مراكز الإيواء وتفتح الباب أمام الذين خرجوا باتجاه دمشق وريفها للعودة.

لجنة جرد الأضرار تبدأ “متأخرة”

شكلت حكومة النظام لجنة للعمل على كشف وجرد وإحصاء الأضرار وإعادة تأهيل المرافق والبنية التحتية فيها، إضافةً إلى الأبنية المتضررة في المنطقة.

وقال مصدر مطلع على عمل اللجنة لعنب بلدي، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن اللجنة بدأت بعملها، في 19 من حزيران، واصفًا ذلك بالخطوة المتأخرة لأن مشكلة السكن ستبدأ بالظهور إلى العلن خلال مدة قصيرة في حال عادت أعداد كبيرة من الأهالي، مشيرًا إلى أن احتمال العودة بشكل واسع ضئيل حاليًا.

وتابع المصدر أن عددًا من العائلات ممن لديهم القدرة المالية قاموا بصيانة منازلهم وترميم الأجزاء المتضررة، في حال لم يكن الضرر كليًا، ولكن الفقراء والذين لا يستطيعون تحمل تكاليف إعادة الترميم، سكنوا في منازل مؤقتة ريثما تقوم اللجنة بعملها وتعيد تأهيل منازلهم حسب ما يأملون.

ولم تصرح وسائل الإعلام الموالية أو الرسمية عن ماهية عمل اللجنة أو تبعيتها، مع توقعات أن اللجنة تابعة لمجلس محافظة ريف دمشق، الذي يشرف على إعادة تأهيل مناطق الغوطة الشرقية.

وقال المهندس المعماري الاستشاري مظهر شربجي، والذي كان يشغل رئيس شعبة المهندسين بريف دمشق، إن لجانًا يجب أن ترسل لوضع الصورة الأولية عن المنطقة، وتكون مشكلة عن البلديات أو المحافظة، ومهمتها وضع النظرة الأولى على الأضرار في المنطقة التي تكشفها.

ويرى شربجي، في حديث إلى عنب بلدي، أنه في حال كان عمل اللجنة هو الكشف عن الأضرار في الجملة الإنشائية للأبنية، فذلك يقع على عاتق لجان فنية متخصصة مشكلة من نقابة المهندسين، لأنها الوحيدة المخول لها بالقانون مزاولة المهنة الهندسية لتقييم سلامة المنشأة.

ويجب أن يشارك تلك اللجنة اختصاصات هندسية أخرى تقيّم بقية الأضرار التي تصيب البنية التحتية والأبنية السكنية، بحسب شربجي، الذي توقع أن اللجان المشكلة ليست لجانًا مثالية تعمل بشكل كامل على تقييم الأضرار من جميع النواحي، مشيرًا إلى أن لجنة واحدة لا تكفي لمسح منطقة كالغوطة الشرقية بل تحتاج المنطقة إلى عشرات اللجان.

العودة العشوائية قد تكون خطرًا على حياة العائدين

قدرت محافظة ريف دمشق عدد أهالي الغوطة الشرقية الذين عادوا إليها بـ 20 ألفًا، بحسب تصريحات المحافظ علاء منير إبراهيم، والتي نقلتها صحيفة “الوطن”، في 19 من حزيران.

وأكد إبراهيم أنه سيتم اتخاذ الاجراءات اللازمة لعودة بقية الأهالي، ومن ضمنها فتح الطرقات وترميم المدارس والبنى التحتية.

وقد تشكل العودة غير المدروسة أضرارًا متوقعة على الأرواح، بحسب المهندس شربجي، موضحًا أنه في حال عودة المواطنين سيلجؤون لأي مكان يؤويهم، ما قد يسبب كثافة سكانية في البيوت الأقل تضررًا، مشيرًا إلى أن لكل بناء حمولتين يجب أن تؤخذا بعين الاعتبار، وهي حمولة حية (أوزان السكان)، وحمولة ميتة (الأثاث وغيره)، وفي ظروف كالتي مرت بها الغوطة في الحرب، قد لا تتحمل الأبنية الضغوطات وما يترتب عليها.

وأكد شربجي أنه يجب على اللجان المختصة الكشف على الأبنية والجملة الإنشائية خاصتها وتقييمها فنيًا، قبل عودة السكان إليها، خوفًا من وقوع أي أضرار بالمستقبل.

 محافظة ريف دمشق تقدر التكاليف

أعلنت محافظة ريف دمشق أنه سيتم تأهيل البنى التحتية في المنطقة وتأهيل المدارس وعودة الأهالي إلى مناطقهم، خلال الصيف الحالي، بحسب ما نقلت “الوطن” عن المحافظ علاء منير ابراهيم، والذي قال إن سبب اختيار الوقت في الصيف لأن الأهالي يستطيعون ترميم منازلهم دون التعرض للعوامل الجوية.

وقال إبراهيم في تصريحاته للصحيفة، في 21 من حزيران، إنه سيتم تأهيل الطرقات الأساسية مع إرجاع خطوط النقل خلال أيام قليلة، وكشف عن خطة إسعافية لمساعدة الأهالي في ترميم منازلهم إضافةً إلى وجود منظمات دولية تعمل في المحافظة.

وخصصت محافظة ريف دمشق أكثر من ثلاثة مليارات ليرة سورية لتنفيذ مشاريع إعادة إعمار الغوطة الشرقية من أصل المبلغ المخصص لإعادة إعمار ريف دمشق، والبالغ خمسة مليارات ليرة في المرحلة الأولى، فيما سيتم تخصيص 200 مليون ليرة سورية لإعادة تأهيل الخدمات في بلدة المليحة، وفق ما نقلت صحيفة “تشرين” الحكومية.

وبحسب “الوطن”، فإن محافظ ريف دمشق أعلن أن شركات القطاع العام ستبدأ عملها في تأهيل الطرقات والجسور فيما ستمنح كل منطقة ما بين 100 إلى 150 مليون ليرة لدعم البلديات.

تنظيم جديد وحركة البناء مجمدة

وتتضمن الخطة الحكومية التي أعلن عنها إبراهيم مخططات تنظيمية جديدة تعتمد البناء الشاقولي، والتي سيصل ارتفاعها الطابقي إلى ثمانية طوابق، فيما كانت سابقًا تتفاوت ما بين الأربعة والخمسة طوابق حسب المنطقة، باستثناء مناطق في مدينة دوما التي وصلت الأبنية فيها إلى عشرة طوابق.

أبو أحمد زين، وهو أحد سكان مدينة حرستا، قال لعنب بلدي إن الحكومة جمدت حاليًا حركة البناء في المدينة، ما فتح الباب أمام دخول سماسرة عقارات من بعض الشخصيات الموالية للنظام من أهالي حرستا.

ويحاول هؤلاء شراء البيوت من الأهالي، ومن ثم بيعها دون معرفة المشتري الحقيقي، ما جعل الشك يحوم حول ضباط أو إيرانيين يدفعون هؤلاء السماسرة لشراء المنازل لصالحهم.

وأضاف أن السماسرة يستغلون حالة المواطنين الذين باعوا ممتلكاتهم، بسبب ضعف قدرتهم المالية، وعدم تمكنهم من إعادة ترميم منازلهم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة