“أسئلة مفتوحة” في الرقة عن عودة النظام السوري

camera iconأحياء مدينة الرقة- 12 تموز 2018 (الرقة تذبح بصمت)

tag icon ع ع ع

أورفة – برهان عثمان

تجول أسئلة كثيرة في أرجاء مدينة الرقة وريفها عن مصير المدينة، وسط الحديث عن عقد اتفاقات بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والنظام السوري لعودة الأخير إلى المدينة، باحثة عن إجابات شافية لحالة القلق التي تؤرق الكثير من الأهالي وتشكل حديث مجالسهم ومحور نقاشهم.

عنب بلدي استطلعت آراء بعض السكان في الرقة لمعرفة هواجسهم، وقال عمر السيد، المعروف بـ “أبو محمد” (36 عامًا)، “لم نعد نعرف من يصدق ومن يكذب”، مؤكدًا، “من حق الناس أن تعرف مصيرها وماذا يجري خلف الأبواب المغلقة”.

وتحدث السيد عن دلائل تشير إلى عودة النظام السوري إلى المدينة، إذ إنه قريب من مناطق “قسد” إلى جانب تجهيز أماكن يقال إنها ستصبح مربعات أمنية تابعة للنظام، وإزالة الكثير من صور وأعلام “الأحزاب الكردية” وشعاراتها، التي كانت منتشرة بشكل كبير في السابق.

ومنذ مطلع حزيران الماضي، بدأ الحديث عن تفاوض مباشر دون شروط بين “مجلس سوريا الديمقراطية” والنظام السوري، بحسب ما قالته الرئيسة المشتركة للمجلس، إلهام أحمد، بعد اجتماع هو الأول من نوعه مع الناطقة الرسمية باسم “الجبهة الديمقراطية السورية”، المحسوبة على المعارضة الداخلية، ميس كريدي.

كل ذلك جعل الارتياب يطرق كل باب في المدينة خوفًا من المستقبل المجهول، وسط تساؤلات عن عودة النظام، وحدود نفوذه، وحجم المساحة التي سينتشر فيها عناصره، وصلاحياتهم.

وأكد عدد من الناشطين من الرقة لعنب بلدي توصل “قسد” والنظام إلى تسوية غير معلنة، تعود بموجبها المؤسسات التابعة للنظام إلى العمل في مناطق سيطرة “قسد” ويحصل على مناطق توجد فيها مراكز تابعة له.

فيما تحدث بعض الأهالي عن صور وأعلام النظام التي رفعت في بعض المناطق، والمظاهرات العلنية في شوارع الرقة، التي تعبر عن خيبة الأمل لهذه العودة المحتملة بعد أكثر من خمس سنوات على رحيله عن المدينة في بداية 2013، إذ كانت الرقة أول محافظة سورية تنحسر عنها سيطرة قوات النظام بشكل كامل في 2014.

الخوف من نزوج جديد

الكثير من الأهالي لا يرغبون بوجود مربع أمني تابع لقوات الأسد، الأمر الذي يثير قلقهم ويقض مضاجعهم، فيما تثار الكثير من الاستفسارات عن أوضاع المطلوبين للنظام من ناشطين مدنيين ومعارضين ومنشقين وكيف سيتم التعامل معهم. تساؤل طرحه سامي شرف، الملقب بـ “أبو عبد الله” (50 عامًا)، لعنب بلدي، والذي لم يستطع إخفاء عَبرته وهو يصف حاله بالمأساوي في منزله الذي يتكون من ثلاث غرف يتقاسمها مع عائلة أخيه.

وقال شرف، “لم يعد لدينا القدرة المالية والجسدية لتحمل نزوح جديد”، معبرًا عن خوفه من الأوضاع في المنطقة رغم الهدوء النسبي الذي تعيشه، مستعينًا بالمثل الشعبي لشرح أحوال الأهالي “الناس تمشي الحيط الحيط وتقول يا رب الستر”.

في حين أكد راغب خلف (52 عامًا) أنه سيجمع متاعه، من حصير وبعض الوسائد، ويرحل عن المنطقة في حال دخول النظام إلى الرقة، معللًا، “شبعنا سجن وتعذيب وقهر وما بدي اخسر حدا من عيلتي”، فالنظام، بحسب خلف، “لا أمان له، خاصة وأنها بداية لتسليم المدينة وربما جميع المناطق التي تسيطر عليها (قسد)”.

وتساءل عن مصير العديد من شباب الثورة المطلوبين للنظام، والذين لا يزال بعضهم في المدينة وكيف ستكون أوضاعهم بعد هذه التغييرات، مؤكدًا وجوب توضيح الوضع السياسي والعسكري الحقيقي للأهالي من قبل السلطات الحاكمة، وإطلاعهم على ما يجري من مباحثات وتسويات وحلول مطروحة بين “قسد” والنظام خلف الأبواب المغلقة، فالأهالي سيكونون من أكثر المتأثرين بهذه التسويات التي ستنعكس على حياتهم بشكل مباشر ومن حقهم معرفة ما يجري.

لكن ما يزعج خلف هو ما يصفه “بسياسة تكميم الأفواه وإرعاب الناس والعودة إلى ظاهرة المعتقلات والحديث عن مقتل معارضين لقسد داخل السجون جراء التعذيب”.

“قسد” تنفي عودة النظام

بالرغم من الحديث اليومي بين الأهالي عن اتفاق بين “قسد” والنظام، نفت عدة مصادر مطلعة ومقربة من “قسد” لعنب بلدي أي حديث عن عودة النظام إلى الرقة أو غيرها من مناطق سيطرتها، كما نفت أي حديث عن انسحاب القوات الأجنبية (توجد قوات أمريكية وفرنسية وإيطالية) أو إزالة القواعد العسكرية من مناطقها أو تسليم مناطق نفوذها للنظام، مؤكدة عدم تقدم النظام إلى هذه المناطق في الوقت الحالي، وأن الحماية الدولية لهذه المناطق ستمنع أي محاولة لتقدمه.

وكانت قيادات سياسية كردية عدة، منها ما هو تابع لـ “قسد” صرحت في وقت سابق، عن رغبتها بالتفاوض مع النظام للوصول إلى حل سياسي، وعن استعدادها للحوار معه.

أسئلة دون أجوبة

وتعيش مدينة الرقة حالة من التوتر بالرغم من محاولة الأهالي الموجودين في المدينة تحسين حياتهم وإصلاح ما دمرته الحرب، لكن “قسد” تشن حملة اعتقالات لـ ”تطهير الرقة وريفها من الخارجين عن القانون والمجرمين” كما تصف، في حين أكد عدد من الناشطين أن الاعتقالات تطال عناصر سابقين في “الجيش الحر” وخاصة ما يعرف بـ “لواء ثوار الرقة” الذي شارك في إبعاد النظام عن الرقة وساند “قسد” في أغلب معاركها، وكان من أكبر الفصائل العربية الموجودة في صفوفها.

كما شهدت المدينة وريفها خلال الأشهر الماضية تصاعدًا في الهجمات التي تستهدف عناصر “قسد” وتنفذها جهات مجهولة، بعضها تابع لتنظيم “الدولة الإسلامية” الذي يتبنى عملياته رسميًا، لكن تبقى هوية منفذي بعض هذه الهجمات مجهولة.

وبين كل ذلك تبقى أسئلة الأهالي دون أجوبة كافية حول مصير المدينة، محملين “قسد” مسؤولية تبيان موقفها والإجابة عن أسئلتهم، كما عبر عن ذلك أحد الناشطين، الذي تحفظ على اسمه، قائلًا لعنب بلدي “الاكتفاء بالصمت ليس حلًا لنفاجأ فيما بعد بطبخات جاهزة تكون على حساب أمان الناس وحياتهم”، مطالبًا السلطة الحالية باستطلاع آراء الأهالي والأخذ بها كونهم أصحاب القرار في مثل هذه الأمور، التي يصفها بـ “المصيرية”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة