تركيا وألمانيا تقودان تحركًا دوليًا ضد القانون “رقم 10”

مجلس الأمن والقانون رقم 10 (تعديل عنب بلدي)

camera iconمجلس الأمن والقانون رقم 10 (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

وصلت المخاوف من القانون “رقم 10” إلى أروقة الأمم المتحدة عبر شكوى رسمية باسم 40 دولة، قدمتها تركيا وألمانيا، للحد من تداعيات هذا القانون الصادر عن النظام السوري، والذي يواجه انتقادات بأنه يتيح مصادرة أملاك اللاجئين السوريين.

الشكوى الدولية جاءت عبر نسختين متطابقتين، قدمهما مندوبا تركيا وألمانيا لدى الأمم المتحدة، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس مجلس الأمن، أولوف سكوغ.

وشارك في الشكوى أكثر من 40 دولة عضو في الأمم المتحدة، بينها دول أوروبية وعربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة لليابان وأستراليا.

وبلغ عدد اللاجئين السوريين المنتشرين في العالم حوالي ستة ملايين، منذ عام 2011، وهو ما اعتبرته مفوضية الأمم المتحدة “أكبر كارثة عالمية”.

وتعتبر تركيا أكثر الدول استضافة للاجئين السوريين إذ يوجد فيها أكثر من ثلاثة ملايين و500 ألف سوري، ثم لبنان بـ 932 ألف لاجئ، ثم ألمانيا بـ 699 ألف لاجئ، بحسب الأرقام الرسمية لهذه الدول.

ما مضمون الشكوى التركية الألمانية؟

الدول المشاركة في الشكوى الدولية أعربت عن القلق البالغ من تداعيات القانون، الذي أصدره رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في نسيان الماضي، ويشرع من خلاله مصادرة أملاك اللاجئين السوريين.

وجاء في رسالة المندوبين التركي والألماني، أن القانون يشكل عائقًا أمام فرص عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا، والذين يقدر عددهم بالملايين.

وأشار المندوبان إلى أن القانون يجبر السوريين على أن يثبتوا حقوقهم في الملكية أو الحيازة خلال فترة 30 يومًا، مشككين بالتقارير التي تحدثت عن تمديد الفترة إلى سنة.

كما اتهم المندوبان نظام الأسد بتدمير سجلات الملكية في سوريا بشكل ممنهج، مع فرض أعمال تشريد ممنهج للسكان مثل الزبداني وداريا وحمص، وفرض عمليات استبدال للسكان في سوريا، في إطار “تغيير ديمغرافي”.

وجاء في نص الرسالة أن القانون “يتناقض بشكل واضح مع الجهود التي تقودها الأمم المتحدة من أجل إيجاد حلٍّ سياسي”.

وأضاف أنه “يشكّل تقويضًا لهذه الجهود، وتهديدًا للمصالحة في المستقبل، وانتهاكًا صارخًا لقرار مجلس الأمن رقم 2254 (الذي تبناه عام 2015 للحل السياسي في سوريا)، بحسب قناة “TRT” التركية.

الاعتراض الدولي دعا المجتمع الدولي إلى معارضة تنفيذ هذا القانون، والدعوة إلى إدخال تعديلات جوهرية عليه، وحماية حقوق ملايين اللاجئين السوريين، ووضع تدابير تكفل حماية حقوقهم.

وطالبت الدول المشاركة بلسان تركيا وألمانيا، رئيس مجلس الأمن بتعميم الرسالتين على الأعضاء، واعتمادهما كوثيقة رسمية من وثائق المجلس.

كما جاء في نص الرسالتين، “لا بُدّ لحقوق السوريين، بمن في ذلك حقوق المشرّدين بسبب النزاع، من أن تُتَناول وتُصَان ضمن إطار العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة”.

وكان النظام السوري أصدر القانون “رقم 10″، في 2 من نيسان 2018، وينص على “إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية”.

وأثارت مواده ضجة غير مسبوقة وشغل حيزًا في وسائل الإعلام المحلية والعالمية، كونه يدفع حكومة النظام إلى استثمار غياب السوريين وفقدان أوراق ملكياتهم للاستحواذ على أملاكهم بطرق تعتبرها “قانونية”.

لبنان تخوّف من القانون ودعا لإلغاءه

في أيار الماضي، أرسلت الخارجية اللبنانية بيانًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أعربت فيه عن قلقها من القانون، الذي قالت فيه إنه يعيق عودة الكثير من اللاجئين السوريين لبلدهم، ودعت لحماية حقوقهم والحفاظ على ممتلكاتهم.

وكتب وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، في خطاب مماثل لنظيره السوري، وليد المعلم، إن شروط القانون تجعل من الصعب على اللاجئين إثبات ملكيتهم للعقارات، وبالتالي تثبط البعض عن العودة إلى سوريا.

وقال باسيل، “عدم قدرة النازحين عمليًا على الإدلاء بما يثبت ملكيتهم خلال المهلة المعطاة قد يتسبب بخسارتهم لملكياتهم وشعورهم بفقدان الهوية الوطنية، ما يؤدي إلى حرمانهم من أحد الحوافز الرئيسية للعودة”.

ورد وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، على المخاوف اللبنانية من أن يسهم القانون رقم “10” في توطين السوريين في لبنان، بقوله “لا داعي للقلق ونحن أحرص على عودة النازحين إلى بلدهم، وسنقدم تسهيلات لمن يرغب بالعودة”.

كما قال المعلم إنه سيرد على رسالة باسيل برسالة أخرى “تزيل نقاط القلق”، وأضاف أنه تم رفع المدة الزمنية للبدء بإجراءات إثبات الملكية إلى سنة كاملة.

إلا أن تعديل القانون يحتاج إلى مرسوم رئاسي، ولم يصدر مثل هذا المرسوم بعد.

وتكرر تصريحات باسيل ذات المخاوف التي عبر عنها رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، وطالب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال لقائه بتوضيح القانون، وعبر عن تخوفه من تداعياته.

وحذر وزير الدولة اللبنانية لشؤون النازحين، معين المرعبي، في أيار الماضي، من تداعيات القانون، معتبرًا أن منشأه توطين السوريين في لبنان، وتكرار السيناريو ذاته الذي حدث مع الفلسطينيين.

ووصف رئيس حزب “القوات اللبنانية”، سمير جعجع، حينها، القرار بـ “الخطير جدًا”، مطالبًا بتكليف وزير الخارجية الاتصال بالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لإصدار قرار حول هذا الإجراء.

وتستضيف لبنان 997 ألف لاجئ سوري، بحسب أرقام الأمم المتحدة، في ظل “أعباء اقتصادية” تشتكي منها الحكومة مرارًا.

الأردن أكثر المتضررين بعد لبنان

اعتبرت مصادر رسمية أردنية ان القانون 10، “يهدد حق العودة للنازحين السوريين ويتعارض مع القانون الدولي والإنساني”، بحسب موقع “الأردن 24”.

ونقل الموقع عن المصادر قولها إن “النازحين سيعودون عاجلًا أم آجلًا”، مبينًا أن “عودتهم واجبة لإثبات أملاكهم بعد عودة الهدوء إلى مناطق سوريا”.

ويستضيف الأردن أكثر من630 ألف لاجئ سوري، بحسب مفوضية الأمم المتحدة.

ويشتكي دائمًا من أعباء اللجوء السوري على أراضيه، في ظل أزمة اقتصادية تعيشها المملكة، بحسب تصريحات رسمية متكررة.

منظمات حقوقية نددت بالقانون “رقم 10”

منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية حذرت، في نيسان الماضي، من أن تطبيق القانون سيؤدي إلى “الإخلاء القسري” للمواطنين غير القادرين على إثبات ملكيتهم، واعتبرت أن القانون يؤثر على حقوق الملكية ولا يقدم إجراءات محاكمة أو تعويض، ويصل حد “الإخلاء القسري” بحق المالكين، ومصادرة أملاك من لا يملكون حقوق ملكية معترف بها.

وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، لما فقيه، إن “القانون رقم 10 يشكل إضافة مقلقة إلى ترسانة الحكومة السورية من قوانين التخطيط العمراني التي استخدمتها في مصادرة الممتلكات، دون مراعاة الأصول القانونية أو التعويض”.

ووجدت المنظمة أن القانون لا يلاقي معايير العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تتضمن “التشاور الحقيقي مع المتضررين، وإشعارًا كافيًا ومتوقعًا لجميع الأشخاص المتأثرين قبل الموعد المقرر للإخلاء”.

وذكرت المنظمة أن مدة 30 يومًا لا تتوافق مع الفترة المنصوص عليها في القانون، مشيرةً إلى عدم قدرة المعارضين على “تقديم مطالبهم يعني عدم حدوث تشاور حقيقي”.

كما اعتبرت أن القانون الجديد “يشكل عقبة كبيرة أمام عودة اللاجئين”، داعية حلفاء النظام السوري كإيران وروسيا، إلى تشجيع النظام على إلغاء مثل هذه القوانين الإشكالية.

ويوفر القانون، بحسب المنظمة، إطارًا رسميًا لإحالة ملكية الأراضي إلى النظام السوري، الذي يتمتع بسلطة منح عقود إعادة الإعمار والتطوير للشركات أو المستثمرين وتعويضهم على شكل حصص في المناطق التنظيمية.

كما دعت الدول المانحة والمستثمرين والوكالات الإنسانية العاملة في المناطق التي يستعيدها النظام السوري، إلى التأكد من أن أي أموال تقدم لبرامج إعادة الإعمار والتأهيل، ينبغي ألا تسهم في انتهاك حقوق الملكية للقاطنين أو النازحين، أو تدعم الكيانات أو الجهات المسؤولة، عن انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة