التبدلات المناخية تضرب دول النصف الشمالي للأرض

رجال الإطفاء يحاولون إخماد حريق قرب العاصمة اليونانية أثينا (رويترز)

camera iconرجال الإطفاء يحاولون إخماد حريق قرب العاصمة اليونانية أثينا (رويترز)

tag icon ع ع ع

تنشغل دول النصف الشمالي للكرة الأرضية، بتغيرات مناخية ناتجة عن احتباس حراري، أدى لكوارث إنسانية في عدد من أهم الدول الآسيوية والأوروبية، وصفتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بـ “الاستثنائية”.

ومع اشتداد فصول الصيف، تدق اليابان وأوروبا ودول أخرى ناقوس الخطر، مع تزايد بقعة الكوارث فيها، وزيادة عدد الضحايا وصعوبة السيطرة على لهيب الحرارة المرتفع، إذ أدت التبدلات المناخية لمقتل مئات اليونانيين بحرائق ليس لها حدود، بينما خسرت اليابان مئات الضحايا ما بين فيضانات وموجة حر مأساوية.

وكانت تلك التبدلات نزلت بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا قبل أشهر، وقتلت المئات وألحقت أضرارًا بآلاف المنازل والأراضي الزراعية، وهي مازالت تهدد تلك المناطق، ومناطق أخرى من إفريقيا.

وبينما تستغيث اليونان اليوم، من مخاوف تتمثل باستمرار ارتفاع درجات الحرارة، وبين امتداد الحرائق أكثر فأكثر، وحصاد المزيد من الأرواح، فإن أوروبا التي سارعت لمساعدة أثينا، هي أيضًا تتخوف من نزول كوارث الحرارة المرتفعة في أراضيها.

وتتخبط التوقعات الفلكية مع ازدياد الضغوط الحرارية والكوراث المتزايدة حول العالم، والعجز الواضح في التصدي لها، إلا أن القاسم المشترك بين جميع تلك الكوارث يندرج في إطار التقلبات المناخية، وناتج الاحتباس الحراري.

اليونان تستغيث من ألسنة الحرارة الملتهبة

تتعرض اليونان منذ أيام، لكارثة حقيقية لم تشهدها منذ عام 2007، بحرائق تلتهم غابات في محيط العاصمة، وأسفرت عن مقتل ما يزيد عن 80 شخصًا، بحسب “فرانس برس”.

وأعلنت اليونان حدادًا رسميًا لمدة ثلاثة أيام على أرواح الضحايا، بعد أن اعتبرت الحادثة “مأساة لا توصف”، بحسب التلفزيون الرسمي.

الحرائق شبت في منطقة كينيتا، بالقرب من أثينا، جنوبي البلاد، ونتجت عن ارتفاع درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية، وسط موجة الحر التي تضرب المنطقة.

واندلعت الحرائق، الاثنين الماضي، واجتاحت قرى ساحلية مليئة بالسياح، وبفعل الحرارة والهواء، استعرت النيران وأجبرت الناس على الهروب باتجاه السواحل.

وقالت السلطات، أمس، إن فرق الإنقاذ نقلوا 187 شخصًا إلى المشافي، بينهم أطفال وبعضهم بحالة حرجة، بينما لايزال العشرات في عداد المفقودين.

وأضافت أن 300 منزل على الأقل تدمرت بشكل كامل أو جزئي جراء النيران، وخصصت صندوق إغاثة للمناطق المتضررة بقيمة 40 مليون يورو، من أجل احتواء الأزمة الكارثية.

الكارثة اليونانية أجبرت الحكومة لإعلان حالة الطوارئ في أتيكا، وطلبت من الدول الأوروبية الأخرى مساعدتها، واستجابت كل من إيطاليا وألمانيا وبولندا وفرنسا وأرسلت طائرات ومركبات ورجال إطفاء.

وتبقى المخاوف اليونانية من استمرار الارتفاع في درجات الحرارة، مع توقعات فلكية باستمرارها حتى نهاية آب المقبل، وسط تحذيرات أوروبية من اشتعال حرائق مماثلة في أراضيها.

اليابان.. كارثة عقب كارثة

استقبلت اليابان كارثة الحر الشديد، منذ أسبوعين، قبل أن تلملم جراحها من كارثة الفيضان التي قتلت المئات من مواطنيها بداية الشهر الحالي.

وتجاوزت درجات الحرارة في اليابان 40 درجة مئوية، وأسفرت حتى الخميس 26 من تموز، عن مقتل 80 شخصًا، بينما تم نقل الآلاف إلى المشافي والمراكز الطبية.

وكالة الأرصاد اليابانية وصفت هذه الأحوال الجوية “بالكارثة الوطنية”، وقالت “إننا نشهد مستويات حرارة غير مسبوقة في بعض المناطق”.

وشددت الحكومة على ضرورة اتخاذ التدابير العاجلة لحماية المواطنين، لاسيما التلاميذ بعد تمديد عطلة الصيف بالنسبة لهم، ودعت السكان ضمن حملات توعية، لتنفيذ فعاليات عدة، مثل رش الماء على الأرض لتخفيف أعباء الحرارة والحفاظ على سلامتهم.

وكانت اليابان تعرضت بداية تموز الحالي، لفيضانات وسيول كارثية أدت إلى مقتل أكثر من 220 شخصًا، وخلفت أضرارًا لم تحصها الحكومة حتى اليوم، ولا يزال المئات يعيشون في منازل متضررة وملاجئ.

وتسعى السلطات للتصدي لموجة الحر، واعتبرتها من أولويات أهدافها، بعد أن وضعتها بمنزلة “مكافحة الإرهاب”، وقالت إن موجة الحر بذات الأهمية لأن “الهدف هو حماية أرواح الناس”، بحسب “فرانس برس”.

أوروبا تتخوف من كوارث الحرارة

توقع “المركز الإقليمي لمراقبة المناخ” ومقره ألمانيا، استمرار حالة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، مع تحذيرات متكررة من حدوث حرائق الغابات، وهو أمر غير معتاد الحدوث في وقت مبكر من العام، وفقًا للأمم المتحدة.

وتستعد الحكومة الألمانية بتشديد الإجراءات الوقائية خوفًا من اندلاع الحرائق في غاباتها على غرار اليونان، بسبب موجة الحر وحاجة البلاد للأمطار.

ونقلت “فرانس برس” عن رئيس الاتحاد الألماني لمراكز الإطفاء، هارتموت تسيبس، استعداده لكافة التدابير اللازمة لمنع وقوع الحرائق، والتجهيز الكامل لأدوات الإطفاء اللازمة.

كما أغلقت موجة الحرارة مطار “هانوفر” الألماني شمالي البلاد، لنصف يوم، بعد بلوغ الحرارة 32 درجة مئوية في العاصمة برلين، كما أسفرت عن خسائر زراعية وأضرار في البنى التحتية والطرقات.

كما نشرت الوكالة الأوروبية للفضاء، صورًا ملتقطة من الأقمار الصناعية، تظهر مناطق في السويد وألمانيا، تحولت من اللون الأخضر إلى البني نتيجة ارتفاع الحرارة بشكل كبير.

وحذر معهد الأرصاد الجوية الدنماركي من استمرار موجة الحر حتى شهر آب المقبل، وقال، “إن استمرت فإن هذا الصيف سيعتبر الأسوأ بتاريخ البلد”، بحسب تعبيره.

وكانت السويد تعرضت لحرائق في أيار الماضي، نتيجة الطقس الجاف والحرارة المرتفعة.

الولايات المتحدة في قلب الموجة

شهد الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، ارتفاعًا قياسيًا في درجات الحرارة في ولاية لوس أنجلوس، وبلغت درجة الحرارة في بعض المناطق 48.9 درجة مئوية، بحسب المتحدثة باسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كلير نوليس.

وقالت نوليس “إنه وعلى الرغم من أنه لا يمكن ربط ظاهرة تغير المناخ بحدث معين، لكن أنماط الطقس الحالية “متسقة” مع هذه الظاهرة”، وأشارت إلى الحرارة الشديدة والمستمرة والأمطار الغزيرة، كمثال على كلامها.

الحرائق ممتدة إلى كاليفورنيا

شهدت كاليفورنيا الجنوبية حريقًا في الغابات الممتدة في جبال الولاية، وامتد على مساحة 1900 هكتار على بعد 145 كيلومتر شرقي ولاية، لوس أنجليس.

وأجبر الحريق 3200 شخص من السكان لمغادرة المنطقة، بعد أن حاصرت النيران 2100 منزل، وسط درجات حرارة مرتفعة واصلت إلى 37 درجة مئوية، بحسب “رويترز”.

ارتفاع الحرارة والرياح وانخفاض الرطوبة ساهموا في تأجيج الحريق، واشتعال عشرات الحرائق الأخرى في مناطق الغرب الأمريكي.

وتوقعت السلطات استمرار العوامل الجوية إلى وقت لاحق، مع تحذيرات من توسع بقعة الحرائق، وتوجيه اتهامات لأشخاص بافتعال الحرائق، مستغلين ارتفاع درجات الحرارة.

موجة مماثلة شهدتها الولايات المتحدة

وشهدت الولايات الغربية الأمريكية، في بداية تموز الحالي، موجة حر قياسية، أسفرت عن مقتل شخص وفرار المئات، إثر اندلاع حرائق واسعة في 13 ولاية.

وتحدثت وكالة “فرانس برس”  عن حوالي 60 حريقًا ضخمًا التهمت أكثر من 300 ألف هكتار في الولايات الغربية والجنوبية للبلاد.

وأوضحت أن 20 حريقًا في ولايات ألاسكا وسبعة في نيومكسيكو وأربعة حرائق في كالفورنيا، إضافة لحرائق أخرى في الولايات الجنوبية.

ونقلت عن المركز الأمريكي للحرائق أن “حرائق كبيرة تشتعل في مختلف المناطق بين فلوريدا والاسكا، وذلك بينما تتجاوز درجات الحرارة 40 مئوية في بعض المناطق”.

كندا قبل أمريكا عانت ويلات موجة الحر

قتلت موجة الحر التي ضربت كندا منتصف حزيران الماضي، 54 شخصًا جراء موجة الحر في كيبك شرقي البلاد، وفقًا لشبكة “سي بي سي”.

وقالت وزيرة الصحة في الإقليم، لوسي شارلبويس، إن 28 شخصًا لقوا مصرعهم في مدينة مونتريال، بسبب موجة الحر التي وصلت إلى 35 درجة مئوية، بفارق عشر درجات عن معدلها.

وأعلنت وكالة “كال فاير” لمكافحة الحرائق في كاليفورنيا، عبر حسابها في “تويتر”، عن مقتل شخص جراء الحرائق في الولاية، مضيفة أن فرق الإطفاء تحاول السيطرة على الوضع.

كما أعلن حاكم كاليفورنيا، جيري بروان، حالة الطوارئ في الولاية، حينها، بعد تدمير عشرات المنازل وإغلاق الطرق بسبب الحرائق.

وبحسب الوكالة، لاقت الحكومة صعوبة في القضاء على الحرائق التي تسببتها درجات الحرارة المرتفعة، والتي وصلت، إلى 42 درجة مئوية في لوس انجليس، و45 في ولاية بالم سيرينغس.

وخسرت كاليفورنيا، العام الماضي، أكثر من 40 شخصًا جراء عشرات الحرائق التي ضربت الولاية، إضافة لتدمير عشرة آلاف من المباني، والخسائر الزراعية الواسعة.

وبين الحرارة المرتفعة والفيضانات، فارق كبير بالنسبة لمقياس الجفاف وتناقضات الأمطار الغزيرة، لكن النتائج  تبقى كارثية، من حيث الخسائر البشرية والنكبات المادية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة