ما الذي على الأهالي فعله لمواجهة هذا البلاء العظيم؟

متوالية جرائم الأسد في قوائم الموت

tag icon ع ع ع

منصور العمري

خرج ابني، أخي، أبي.. مطالبًا بالحرية، اختفى سنوات، ثم وجدنا اسمه في الخانة الأخيرة بدفتر السجل المدني.

ما الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد في هذه القصة القصيرة جدًا على الورق، والتراجيديا الكبرى لكل عائلة؟

ما الذي على الأهالي فعله كي لا يضيع دم أحبائهم، بعد كل الجحيم الذي عانوه في آلة الأسد القاتلة؟

تواردت في الأسابيع الماضية أخبار موت معتقلين لدى النظام السوري، بعد أن أرسل نظام الأسد قوائم الموت إلى السجلات المدنية. أغلب الحالات لأشخاص اعتقلوا عامي 2011 و2012، وتباينت تواريخ “وفاتهم”، مع كثير منها في 15 من كانون الثاني 2013.

أي لم يرسل النظام هذه القوائم سوى بعد أكثر من خمس سنوات، وهو ما قد يكون مؤشرًا على عدم نية النظام سابقًا بالكشف عن أسماء من قتلهم، وأنه بدأ بهذه العملية مؤخرًا نتيجة قرار حديث بمحاولة تصفية ملف المعتقلين بطريقة القاتل بالدم بالبارد، في إطار جهوده لإعادة تأهليه، متجاهلًا أي ردود فعل من المجتمع الدولي، إذ اعتاد على ارتكاب جرائمه دون محاسبة وبدعم من روسيا، وعجز العالم الديمقراطي.

سلسلة الجرائم المرتكبة

الاحتجاز التعسفي:

تعريفه: القبض على شخص وحرمانه من حريته خارج حدود القوانين الوطنية أو الدولية، يضاف أيضًا طبيعة الاحتجاز غير اللائقة وغير العادلة وغير المتوقعة وغير المتناسبة.

مارس النظام السوري الاحتجاز التعسفي منذ 2011 في إطار حملته الممنهجة لقمع الحراك الشعبي المطالب بالحقوق الأساسية.

يعتبر الاحتجاز التعسفي غطاءً وهدفًا لمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، نظرًا لحرمان الضحية من وسائل الدفاع عن النفس ضد الإخفاء القسري، والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والإعدام خارج نطاق القضاء… إلخ.

بعض من الشروط التي تجعل الاحتجاز تعسفيًا:

عدم إبلاغ الضحية بأسباب الاعتقال، فمن حق أي محتجز إبلاغه بأسباب احتجازه، وهو ما لم يفعله نظام الأسد خلال السنين الماضية.

عدم احترام الحقوق الإجرائية للضحية، وأحد أهم هذه الحقوق هو توكيل محامٍ، وهو ما لم يوفره النظام لمن احتجزهم.

عدم امتثال الضحية أمام القاضي خلال فترة زمنية معقولة، إذ تجاوزت فترات الاحتجاز لدى النظام قبل الإحالة إلى القضاء سنوات، رغم أن فترات الاحتجاز التي تسبق المحاكمة يجب ألا تتجاوز ساعات أو أيامًا.

مارس الأسد الاحتجاز التعسفي كأداة سياسية واسعة النطاق للتخويف أيضًا، ويمكن اعتبارها جريمة ضد الإنسانية (المادة 7 من نظام روما الأساسي)، لأنه ارتكبها في إطار هجوم متعمد واسع النطاق وممنهج وموجه ضد مجموعات من السكان المدنيين، وهو ما ينطبق تمامًا أيضًا على الخطة أو السياسة العامة التي اتبعها النظام السوري في انتهاكات لقوانين الحرب بما يتعلق بالمقاتلين ضده أيضًا ولم ينحصر بالمدنيين، ما يجعلها جريمة حرب (المادة 8 من نظام روما الأساسي).

الإخفاء القسري

أو الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية على أيدي موظفي الدولة (المخابرات الجوية مثلًا أو الشرطة أو الجيش النظامي) أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها (مجموعات الشبيحة مثلًا أو ميليشيات حزب الله)، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته، أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، وهي الممارسة التي اعتمدها النظام السوري تجاه المعتقلين المدنيين والمقاتلين، وأهاليهم.

تعتبر أيضًا جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.

التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، جسدية كانت أو نفسية

مارس الأسد هذه الجريمة عمدًا وعلى نطاق واسع، وهو ما يجعها جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب، حسب المقتضيات المذكورة سابقًا.

الإعدام “خارج نطاق القضاء”، والإعدام بإجراءات موجزة أو تعسفًا:

ارتكب نظام الأسد جميع أنواع الإعدامات هذه وعلى نطاق واسع.

أصدر ونفّد أحكام إعدامات دون محكمة مشكلة نظاميًا تكفل الضمانات القضائية الواجبة، مثل المحكمة الميدانية التي أصدرت أحكام إعدام تم تنفيذها في صيدنايا مثلًا، فالمحكمة لا تستوفي الضمانات القضائية المعترف بها، مثل وجود محام وعدم الاعتماد على الأقوال المنتزعة تحت التعذيب على يد مخابرات الأسد. لذلك جميع الإعدامات التي نفذتها الدولة السورية والتي صدرت عن المحكمة الميدانية والمرتبطة بحالة الحرب تُعتبر جرائم قتل لا عقوبات، وجرائم حرب، وجريمة ضد الإنسانية كجزء من جريمة أكبر في استهداف المدنيين. يحق لكل من أُعدِم قريبه في صيدنايا مثلًا، محاكمة الدولة السورية.

يُضاف إلى الجرائم السابقة، انتهاكات أخرى لحقوق يمكن لعائلات الضحايا المطالبة بها، مثل حرمان العائلات من حق إعادة الجثة إليهم، وتنظيم الجنازة وحضورها، وحق الدفن، وحق أخذ عينات من الجثة لأغراض التحقيق في أسباب الوفاة، وحق الحصول على أي معلومات بشأن أسباب الوفاة أو عن مكان وجود الجثة.

ما الذي على الأهالي فعله كي لا يضيع دم أحبائهم؟

يجب التذكير الدائم بالضحايا وعدم نسيانهم، والحديث عنهم في كل مناسبة ممكنة مثل أيام ميلادهم أو في ذكرى مقتلهم، أو في الأيام الدولية المتصلة، كاليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب في 26 من حزيران، واليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري في 30 من آب، وغيرها.

على الضحايا وعائلاتهم السعي لتحقيق العدالة، رغم أنه لا يمكن متابعة ذلك في سوريا، حيث يحكمها المرتكب، لذلك من الضروري أن يتوجه الضحايا إلى المحاكم الإقليمية أو الدولية.

على الأهالي التواصل مع المنظمات السورية والدولية الإنسانية لتوثيق حالات الوفاة، من أجل بناء قضايا قانونية ورفعها في المحاكم الدولية. يمكن للأهالي في مناطق النظام والذين يخشون من انتقام النظام منهم، التواصل بسرية مع المنظمات أدناه، وطلب عدم كشف الاسم أو أي معلومات قد تقود إليهم.

يمكن التواصل مع منظمات سورية مثل:

الشبكة السورية لحقوق الإنسان

[email protected]

مركز توثيق الانتهاكات في سوريا

[email protected]

المركز السوري للإعلام وحرية التعبير

[email protected]

يمكن توجه الأفراد والمنظمات إلى:

فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، في حالة الشكوى بشأن الاحتجاز التعسفي مثلًا

لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان

القضاء الوطني الألماني والفرنسي والسويدي والإسباني وغيره.

مراجع

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري

نظام روما الأساسي




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة