مسكّن آلام أم مخدّر

من يضبط انتشار ترامادول في إدلب؟

camera iconحركة السوق في مدينة إدلب - 6 حزيران 2017 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

منذ أربعة أشهر يداوم سعيد دون انقطاع على تناول دواء ترامادول المسكّن للآلام، متجاهلًا تحذيرات جدية تفيد بأن الإكثار من تناول هذا الدواء قد يفضي بالنهاية إلى الإدمان.

في اللحظة الأولى التي تناول فيها سعيد، المصاب بشظايا في رأسه تسبب له آلامًا مبرحة، كبسولة من ترامادول، اتخذ قرارًا بعدم الانقطاع عنه طالما أنه يعاني من إصابة حرب أثقلته بالآلام الجسدية، ولطالما أن أثر الدواء اخترق جدار الآلام الجسدية ووصل مفعوله إلى تحسين المزاج والحالة النفسية أيضًا، كما يقول الشاب ابن مدينة إدلب لعنب بلدي.

انتشرت مؤخرًا مخاوف من اكتساح دواء ترامادول صيدليات إدلب، التي شرعت ببيع الدواء دون وصفات طبية نتيجة غياب الرقابة عليها، لكن تلك المخاوف لم تلقَ حتى الآن استجابة، على اعتبار أن الضرر الناتج عن الدواء ممزوج مع فائدة كبيرة للمرضى.

ما هو ترامادول؟

ترامادول عبارة عن مسكن شبه أفيوني يستخدم لتسكين الآلام المتوسطة إلى الشديدة، مثل آلام العضلات والأعصاب والعمود الفقري، كما يستخدم كمسكن بعد العمليات الجراحية، ومن آثاره الجانبية: غثيان، إقياء، دوخة، نعاس، إمساك، إسهال، وقد يؤدي إلى تثبيط تنفسي بجرعات عالية أو تباطؤ بالتنفس وجفاف بالفم، وفق النشرة الطبية المرفقة به.

يظهر تأثير الدواء خلال ساعة من تناوله، ويصل للذروة بعد ساعتين إلى أربع ساعات، إذ يستمر تأثيره لغاية ست ساعات على الأقل.

ويُمنع تداول مادة الترامادول عالميًا دون وصفة طبية مسجلة، وذلك لأنه مشتق من مادة مورفين المخدّرة.

ويوجد من ترامادول مضغوطات (حبوب) وتحاميل وأمبول (إبر).

وفي حال أدمن المريض على الدواء وتأخر في تناول الجرعة، يظهر عليه ما يسمى تناذر الانسحاب، أي علامات اضطراب فيزيولوجي، يصعب معها السيطرة على تصرفات المريض.

الرقيب.. حاضر غائب

وزارة الصحة في “حكومة الإنقاذ”، العاملة في إدلب، تعي تمامًا أن تناول ترامادول لأكثر من أسبوع يمكن أن يسبب الإدمان، وفق ما قال وزير الصحة، الدكتور أحمد جرك، لعنب بلدي.

لكن جرك لم ينكر أن الدواء انتشر بكثرة في صيدليات مدينة إدلب، التي تبيعه دون قيود، مشيرًا إلى أن الوزارة تسعى إلى استصدار جملة إجراءات من شأنها ضبط بيع هذا الدواء وغيره من الأدوية التي تسربت في المدينة دون رقابة.

جرك قال إن المشكلة الكبرى تكمن في وجود صيدليات في إدلب غير مرخصة بالأساس، مضيفًا أن وزارة الصحة تعمل حاليًا على ترخيص الصيدليات النظامية وإغلاق المخالف منها، ما يترتب عليه ضبط تداول الأدوية، عبر إلزام الصيدليات بدفتر صرف الأدوية المخدرة والنفسية، حسبما قال.

وأضاف أنه يجب ألا يُصرف أي دواء مخدر إلا بوصفة طبية موقعة من طبيب مرخص، كما يجب أن يمنع تداول هذا النوع من الأدوية بين المستودعات والصيدليات دون فواتير موقعة من الطرفين، في إطار ضبط الصادر والوارد معًا.

أما الطبيب محمد قصاص، عضو في نقابة الصيادلة ومدرّس في جامعة إدلب، فيرى أن السبب الرئيسي لانتشار ترامادول هو دخول بعض “المتطفلين” على مهنة الصيدلية، والذين يهمهم بالدرجة الأولى الإتجار بالأدوية لتحقيق مكاسب مادية، دون الالتفات إلى الضرر الذي قد يلحق بالناس، على حد قوله.

وأضاف لعنب بلدي أن نقابة الصيادلة وجهت إنذارات عدة، عن طريق مديرية الصحة، للأشخاص المزاولين للمهنة دون حصولهم على شهادات علمية نظامية، فيما ألزمت الصيدلانيين النظاميين بدفاتر لبيع الأدوية النفسية والمخدرة، موصية إياهم بضرورة الاحتفاظ بالوصفات الطبية عند صرفها، وتدوين اسم المريض عليها وتاريخ الصرف، الذي يجب ألا يتجاوز سبعة أيام من تاريخ كتابة الوصفة.

ومع ذلك لا يزال الدواء منتشرًا في الصيدليات بسبب صعوبة ضبط نوافذ البيع، وسط تشكيك في مدى فاعلية الرقابة.

عجز عن الضبط

يرى الطبيب محمد قصاص أن ضبط صرف دواء ترامادول أو غيره من الأدوية المخدرة يتم بطريقتين، الأولى ترشيد استهلاك هذا النوع من الأدوية عن طريق التنسيق بين الطبيب والصيدلاني، بوجود شركات تأمين دوائية تعمل على فهرسة الأدوية المخدرة والنفسية.

وأشار إلى أن الجهات الرسمية في إدلب غير قادرة على القيام بهذا الأمر في الوقت الراهن، مردفًا أن الطريقة الثانية لضبط الأدوية تكون بضبط نافذة البيع المباشرة، ويقصد الصيدلية، “والعمل جارٍ على تفعيل ذلك”.

وأضاف الطبيب، أن دائرة الرقابة الدوائية تقوم بجولات منتظمة على الصيادلة للتأكد من سير عملية الصرف بشكل صحيح.

وعن عقوبة الصيدلي المخالف، رأى الطبيب أنه يجب إحالته لمجلس تأديب بحضور قاضٍ وعضو من دائرة الرقابة الصيدلانية وأعضاء النقابة، وذلك لحضور جلسة استجوابية، وفي حال ثبت هذا الأمر يعاقب الصيدلاني بغرامة مالية ويمكن تشديد العقوبة إلى درجة سحب الترخيص منه ومنعه من مزاولة المهنة مجددًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة