حراك الأيام الأخيرة في إدلب.. أي مصير ستشهده؟

camera iconتمركز مقاتلي فصيل جيش النصر على الجبهات العسكرية في ريف حماة الشرقي – 14 كانون الأول 2017 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – أسامة العبود

تنشط الدبلوماسية الدولية في الوقت الذي تشهد فيه سوريا استعداد النظام وحلفائه للهجوم على محافظة إدلب، من خلال استقدام تعزيزات عسكرية في مشهد يومي، يقابلها استعداد المعارضة والفصائل العسكرية، لخوض غمار الدفاع عن آخر المدن التي تقبع تحت سيطرتها.

ومع مساع تركية خلال اجتماع في موسكو على مستوى وزراء الخارجية والدفاع ورئاسة الاستخبارات بين البلدين، عرض الجانب الروسي على تركيا اقتراحات محددة لتسوية الأوضاع في إدلب.

مقترحات رُسم شيء من ملامحها حين تحدث وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، في 24 من آب، بأن “تحييد المجموعات الإرهابية المتطرفة في إدلب يشكل أهمية كبيرة لدى البلدين والمنطقة برمتها”.

ومع تحذير جاويش أوغلو من أن “الهجوم على إدلب برمتها سيسبب كارثة ويتسبب بمقتل ملايين الناس”، أكد أهمية “تبديد قلق روسيا وعدم تهديد قواعدها العسكرية في سوريا”.

هذا التصريح يعد مؤشرًا على أن الاجتماع التركي- الروسي حمل توافقًا إلى حد ما، حيال هجومٍ ضد “هيئة تحرير الشام”، نظرًا لتصنيف الجانبين الجماعة على أنها “إرهابية”، دون أن تتماشى تركيا مع هجوم واسع على إدلب، استدلالًا باستخدام الوزير التركي عبارة “إدلب برمتها” خلال تحذيره من الكارثة.

بالمقابل، فإن مقترحات كتلك تتماشى مع المخطط الروسي لعودة اللاجئين، الذي قد تعطله أي موجة نزوح كبيرة، أو مقتل عدد كبير من المدنيين.

وفي هذا الإطار، قال العميد السوري المتقاعد، علي مقصود، لوكالة “سبوتنيك”، الأربعاء 22 من آب، إن المسار الميداني في معركة إدلب سيكون محصورًا وكافيًا للحسم، من خلال استهداف قادة “جبهة النصرة” سابقًا، والمعروفة حاليًا بـ ”هيئة تحرير الشام”.

في حين أشار مقصود إلى أن بقية مناطق إدلب ستكون على مسار المصالحات والتسويات كما جرى في مناطق أخرى من سوريا كالغوطة الشرقية ودرعا وريف حمص، وهو ما يعكس رؤية النظام السوري للمعركة المرتقبة.

حشد وتصعيد دولي

على وقع اتهامات متبادلة بالتحضير لهجوم كيماوي والتحذير بذات الوقت من عواقب استخدامه في إدلب، تزداد الأمور حدية بين أطراف الصراع بالتزامن مع التحركات العسكرية.

وأعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، السبت 25 من آب، في تصريحات نقلتها صحيفة “بلومبرغ” الأمريكية، عن استعداد بلاده لشن ضربة جديدة على سوريا أقوى بكثير من تلك التي شنت في عقب استهداف دوما في الغوطة الشرقية بغازات كيماوية.

كما ذكرت وزارة الدفاع الروسية بعد وقت قصير من تصريحات المستشار الأمريكي، أن مدمرة أمريكية وصلت إلى الخليج مع استعداد قاذفات القنابل في القاعدة الأمريكية بقطر “بي1 بي” لضرب أهداف في سوريا، بعد أن وصلت لوزارة الدفاع الروسية تأكيدات غير مباشرة بأن أمريكا وحلفاءها يعدون لضربة جديدة على سوريا، بحسب الوزارة.

ورد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، بتحذير الولايات المتحدة وحلفائها من أي خطوة “متهورة” جديدة في سوريا، بحسب تعبيره.

واعتبر ريابكوف أن الغرب يسعى بكل الطرق إلى إضافة ذرائع جديدة لطرح مسألة تغيير النظام والسلطة في دمشق مرة أخرى، وفقًا لما نقلته وكالة “سبوتينك”.

وحذرت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا النظام السوري من استخدام الأسلحة الكيماوية، الثلاثاء 21 من آب، في بيان مشترك أُصدر في مجلس الأمن في الذكرى الخامسة للهجوم الكيماوي الذي استهدف الغوطة شرق دمشق.

وجاءت تلك التهديدات على خلفية حشد قوات الأسد على أطراف محافظة إدلب في شمال غربي سوريا بنية استعادة السيطرة عليها، لتسارع وكالة “سبوتينك” الروسية في اليوم التالي، 22 من آب، إلى اتهام الدفاع المدني “الخوذ البيضاء” بنقل شحنة من البراميل تحوي مادة الكلور، إضافة إلى تسليم “جبهة النصرة” شحنات مواد كيماوية للحزب الإسلامي التركستاني”.

وادعت الوكالة الروسية أن هناك تحضيرات لما أسمتها “مسرحية كيماوية جديدة”، وذلك بعد أن اتهمت الدفاع المدني “الخوذ البيضاء” مع فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية بافتعال الهجوم الكيماوي الذي استهدف مدينة دوما.

وفي حادثة لافتة، عبرت ثلاث سفن حربية روسية من نوع “فرقاطة” (هجومية قتالة) مضيق معبر البوسفور في تركيا لأول مرة منذ عامين، متجهة نحو ميناء طرطوس، حيث القاعدة العسكرية البحرية الروسية الوحيدة في البحر المتوسط، وفق ما نشره “مرصد البوسفور” عبر “تويتر“.

إدلب في مواجهة “البروباغندا” الروسية

ضمن “بروباغندا” إعلامية محددة يسعى إعلام النظام وحلفائه، بما فيه الإعلام الروسي، إلى بث صور يومية لتعزيزات عسكرية يقول إنها في طريقها لبدء معركة إدلب، في مشهد مكرر لما جرى قبيل المعركة في كل من الغوطة الشرقية ودرعا.

واتضح تغير في الدعاية الإعلامية للنظام في استعداده لانطلاق معركة ما، منذ تسلم القوات الروسية زمام شن العمليات العسكرية لاستعادة المناطق من المعارضة، خلال مرحلة ثالثة من التدخل العسكري الروسي.

وكانت البداية الروسية في سوريا منصبة على شن ضربات عسكرية مكثفة لتقويض المعارضة في اتفاقيات وقف القتال، ثم استعادة مناطق سيطرة تنظيم “الدولة” كمرحلة ثانية.

وفي إطار حربها النفسية والإعلامية عمدت روسيا إلى إرسال مقاتلي المعارضة بمختلف أيديولوجياتهم السياسية والعقائدية مع كل اتفاق تسوية تشهده مناطق سوريا، إلى إدلب، وذلك بغية تحويل المحافظة إلى ساحة للصراع بين الأيديولوجيات المختلفة، وهو جزء من أساليب الحرب النفسية التي تنتهجها موسكو.

كما سعى النظام والروس من خلال المركز الروسي للمصالحات في حميميم، والذي لعب دورًا في تسويات مناطق المعارضة في وسط وجنوب سوريا، إلى بث أخبار المصالحات، التي أوجدت من خلالها حالة من فقدان للثقة وتعزيز روح انهزامية تدفع إلى حالة من الضياع والفوضى، خاصة مع تهاوي المناطق المعارضة واحدة تلو الأخرى.

لكن تلك “البروباغندا” شهدت صدامًا مع واقع مختلف في إدلب، رغم أحداث الاقتتال التي شهدتها محافظة إدلب بين الحين والآخر.

وسبقت “جبهة التحرير الوطنية” و”هيئة تحرير الشام” أي تحركات لقوات الأسد، باعتقال رعاة المصالحة مع النظام في إدلب وما حولها، ضمن حملة أمنية أسفرت عن اعتقال المئات من الشخصيات المتهمة بالترويج للمصالحة.

كما أن خطابات الفصائل العسكرية بمختلف أيديولوجياتها وعقائدها القتالية، جاءت في مساعي صد تلك الحرب النفسية.

وعملت الفصائل العسكرية في محافظة إدلب على تعزيز دفاعاتها لصد الهجوم، كما بثت مقتطفات من عمليات حفر للخنادق ورفع السواتر.

وبالتزامن مع الاجتماع الروسي- التركي لمناقشة الوضع “المعقد” في إدلب والبحث عن حل وتسوية سياسية، دعت “الجبهة الوطنية للتحرير” إلى الاستعداد والنفير العام وأخذ تهديدات النظام والميليشيات التي تسانده على محمل الجد.

فصائل التسوية إلى إدلب

وعطفًا على الحرب النفسية، زج النظام السوري أبناء المناطق التي وقعت على اتفاق “التسوية” في معارك إدلب.

ونقل النظام السوري 400 مقاتل من فصائل التسوية في ريف حمص الشمالي إلى محيط إدلب، للمشاركة في العملية العسكرية المرتقبة ضد فصائل المعارضة.

فيما قال مراسل عنب بلدي في ريف حمص، السبت 25 من آب، إن المقاتلين ينضوون في فصيل “جيش التوحيد” ونقلوا بمرافقة “قوات النمر” إلى منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي في الأيام الماضية.

وأوضح المراسل أن العشرات من العناصر يتجهزون للخروج إلى إدلب للمشاركة في معارك قوات الأسد، مشيرًا إلى مناوبات يقوم بها العناصر وعمليات تبديل بين اليوم والآخر.

وكانت قوات الأسد أعلنت السيطرة الكاملة على ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، في 16 من أيار الماضي، بعد خروج آخر دفعة من أهالي المنطقة إلى إدلب بموجب اتفاق التهجير الذي فرضته روسيا.

وقضى الاتفاق الخاص بريف حمص الشمالي بتعزيز الأمن والاستقرار في مدن وبلدات المنطقة.

بالإضافة إلى تحويل “جيش التوحيد” الذي دخل بتسوية مع النظام السوري والروس مؤخرًا إلى شرطة محلية مهمتها الرئيسية الحفاظ على أمن المنطقة، والإشراف على الطريق الدولي.

ونص الاتفاق على نقطة “مهمة” تتعلق بالتزام “جيش التوحيد” بـ “محاربة الإرهاب” (تنظيم الدولة، هيئة تحرير الشام) إن استدعى الأمر ذلك.

وتستمر قوات الأسد والميليشيات المساندة لها باستقدام التعزيزات العسكرية إلى محيط إدلب، وخاصةً إلى ريف اللاذقية الشمالي ومحيط مدينة جسر الشغور.

ونقل المراسل عن مصدر مطلع أن 200 عنصر من “جيش التوحيد” من المرجح أن ينقلوا إلى محيط إدلب في الأيام المقبلة أيضًا.

وإلى جانب فصائل التسوية في ريف حمص، يجهز “الفيلق الخامس” الرديف لقوات الأسد لنقل مجموعات انضوت فيه مؤخرًا جنوبي سوريا. وقال مراسل عنب بلدي في درعا، نقلًا عن مقاتلين كانوا في صفوف المعارضة وانضموا إلى “الفيلق”، إن تسجيل الأسماء يتم حاليًا للمتطوعين الراغبين بالتوجه إلى إدلب.

ويتزعم القيادي السابق في “الجيش الحر”، أحمد العودة، تشكيلات “الفيلق الخامس” في جنوبي سوريا، الذي يدار بشكل مباشر من روسيا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة