camera iconمجمع أب تاون في مشروع دمر بدمشق - 22 حزيران 2018 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – أحمد جمال

شهد قطاع المولات التجارية في العاصمة دمشق نشاطًا ملحوظًا هذا العام، بعد انتهاء العمليات العسكرية في دمشق ومحيطها، وذلك عبر تسهيلات قدمتها حكومة النظام للمستثمرين، في محاولة لإنعاش الاقتصاد وتنشيط الحركة التجارية.

التوجه الاقتصادي الجديد للحكومة السورية بدأ بإغلاق مولات في دمشق بحجة انخفاض نسبة استثمار تلك المولات، وإعادة افتتاحها باستثمارات جديدة تتناسب مع الخطة الحكومية لتحسين إدارة أملاك الدولة وتصحيح استثمارها، بحسب الرواية الرسمية لوزارة التجارة الداخلية.

أعيد استثمار “قاسيون مول” في منطقة برزة البلد بدمشق، بعد إغلاقه بموجب قرار من وزير التجارة وحماية المستهلك، عبد الله الغربي، بحجة انخفاض تكلفة استثماره، ليعاد طرحه من جديد باستثمار لرجل الأعمال السوري، وسيم قطان، بمبلغ مليار و20 مليون ليرة سورية (سعر صرف الدولار يتراوح حاليًا بين440  و450 ليرة).

قطان الذي برز حديثًا في الساحة الاقتصادية، استثمر أيضًا مول “ماسة بلازا” في منطقة المالكي بدمشق، بتكلفة مليار و290 مليون ليرة سورية، وفقًا لما تناقلته شبكات اقتصادية محلية، وذلك بعد شهرين على استثماره لـ “قاسيون مول”، إضافة لاستثماره لمنشآت حكومية أخرى، وتعيينه رئيسًا للجنة تصريف أعمال غرفة تجارة ريف دمشق في شباط الماضي.

وفي مطلع العام الحالي، أعلن رجل الأعمال السوري مازن الترزي، استعداده لاستثمار المول المركزي في مدينة “ماروتا سيتي”، المتوقع بناؤها في منطقة بساتين المزة، بحسب موقع “الاقتصادي” المحلي، الذي أفاد بأن “شركة دمشق القابضة” المسؤولة عن التنظيم، وقعت عقدًا مع الترزي لاستثمار المول بقيمة 108 مليارات ليرة سورية.

وتبلغ القيمة الإجمالية للعقد 250 مليون دولار، بحسب الموقع، الذي أكد أن حصة الترزي من المشروع 51%، في حين تبلغ حصة الجهة العامة 49%، وهي أول مرة تكون فيها حصة المستثمر أكبر، وسيكون الاستثمار في المول المركزي بمساحة 120 ألف متر مربع، إلى جانب ستة أبنية طابقية بمساحة 26 ألف متر مربع.

“ماروتا سيتي” هو مشروع عمراني أعلن عنه رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 2012، في منطقة خلف الرازي وبساتين المزة العشوائية، وبدأ العمل به في 2017 من قبل محافظة دمشق وشركة شام القابضة.

وكان وزير التجارة، عبد الله الغربي، أصدر، خلال الأشهر الماضية، عدة قرارات حول إخلاء مولات وفنادق ومطاعم ومكاتب ومستودعات وصالات ومنافذ بيع مؤجرة للقطاع الخاص تعود ملكيتها للمؤسسة السورية للتجارة، معتبرًا أن ذلك يندرج في تصحيح استثمارها ضمن توجه الحكومة لحماية أملاك الدولة وتحسين إدارتها.

من أبرز المولات التجارية في دمشق:

·       “سيتي مول” وهو أول مول يتم افتتاحه في دمشق عام 2001، ويقع في منطقة المزة فيلات غربية.

·       مول “شام ستي سنتر” ويقع في منطقة كفرسوسة وتم افتتاحه في عام 2006.

·       مول “تاون سنتر” يقع على أوتوستراد درعا في منطقة صحنايا ويمتد على مساحة 45000 متر مربع طابقي، تم بناؤه عام 2004.

·       مول “دامسكينو سنتر” ويقع في منطقة كفرسوسة وتم افتتاحه عام 2009.

·       “ماسة بلازا” الواقع في منطقة المالكي بدمشق.

·       “قاسيون مول” الواقع في منطقة برزة البلد.

النشاط الحكومي للاستثمار

يحاول النظام السوري سد العجز الاقتصادي عبر تسهيلات يقدمها لجلب المستثمرين، بهدف صب تلك الموارد المالية في خزينة الدولة من جهة، وتشغيل أكبر عدد من الأيدي العاملة من جهة أخرى، وهي السياسة التي تعتمدها الحكومة اليوم عبر استثمار العقارات والمنشآت التابعة لها بعقود جديدة تتناسب مع الخطة الجديدة لوزارة المالية.

وبحسب الباحث الاقتصادي يونس الكريم، فإن “وزارات الحكومة تطرح اليوم المنشآت التابعة لها لجلب مستثمرين بغية ملء خزينة الدولة وتحسين الاقتصاد المتدهور، إضافة لوجود توجه من وزارة المالية لجلب أموال للموازنة العامة للدولة وخطتها للعام المقبل، من خلال طرح العقارات الحكومية غير المستخدمة للاستثمار”.

وأوضح الكريم لعنب بلدي، “هناك نمطان من الشراكة الخفية التي تفرضها حكومة النظام، عبر إعطاء المول للمستثمر الذي يملك علاقات دولية وسيولة مالية أكبر، بهدف تنشيط الحركة التجارية في البلد، وتوفير أكبر عدد من فرص العمل”.

ولا تعتبر المولات ذات أهمية اقتصادية كبرى، وإنما تأتي ضمن الحملة الدعائية التي يتبعها النظام أمام مناصريه، بحسب الكريم.

الخطة الاقتصادية الجديدة للنظام تخالف الفرضية القائلة إن أي مستثمر لا بد أن يمر من دائرته الاقتصادية، بعد أن كان يفرض شروطًا تعجيزية على المستثمرين، قبل عام 2011، في أثناء الهيمنة الاقتصادية لرجل الأعمال الأول في سوريا، رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد.

وبالنسبة للمنشآت والعقارات المستثمرة حديثًا، فتعود ملكيتها لوزارات الحكومة وخاصة وزراتي المالية والاقتصاد، وهما المخولتان بتنفيذ العقود بما ترتئيه مصالح الوزارتين، وغالبًا ما تكون تلك المنشآت فارغة أو مستثمرة بعقود قديمة وبأسعار زهيدة، كبناء المهندسين وبنكي التسليف والعقاري، وجميعها منشآت عرضت للاستثمار في دمشق.

الكريم أشار إلى أن تلك العقارات والمنشآت المعروضة للاستثمار تنقسم إلى نوعين، الأول يتم تسليمه على وضعه الحالي بعد العجز عن استكمال بنائه واستثماره، مثل مجمع “يلبغا” في ساحة المرجة بدمشق، الذي بدأت مؤسسة الإسكان في إعماره مع بداية عام 1990 لينتهي في 2004، قبل أن يصبح برسم وزارة الأوقاف التي طرحته للاستثمار من أجل إكسائه.

أما النوع الثاني من العقارات المطروحة للاستثمار فهو عبارة عن  منشآت ومجمعات جاهزة يتم استثمارها مجددًا مثل مولي “قاسيون” و”ماسة” التابعين لوزارة المالية.

المولات للأغنياء فقط

خلافًا لما تمتاز به المولات التجارية في دول أخرى بتوفير أسعار منافسة ومناسبة لجميع طبقات السكان، فإن رواد مولات دمشق يقتصرون على الأغنياء فقط، ممن يسمون “الطبقة المخملية” في المجتمع، ولا مكان لأصحاب الدخل المحدود نظرًا لارتفاع أسعار السلع داخل المولات مقارنةً بالأسواق والمحلات خارجها.

مصادر أهلية استطلعت عنب بلدي آراءها تحدثت عن فارق كبير في ثمن السلع داخل المولات، وقالت إن معظم الناس يشترون تلك السلع من الأسواق والمحلات الشعبية، هربًا من الأسعار الباهظة في المولات، مع أنها تحمل ذات الماركة في الحالتين.

ولا تتناسب الأسعار في المولات التي يصفها السكان بـ “الفارهة” مع الحالة الاقتصادية المتردية في سوريا وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، إذ إن أغلب السوريين اليوم يلجؤون إلى الأسواق الرخيصة، والألبسة المستعملة، كما يعتمدون بشكل أساسي على شراء المواد والسلع ذات السعر المنخفض، بينما يعلل المستثمرون ارتفاع الأسعار في المولات، بارتفاع تكلفة الاستثمار والضرائب الكبيرة المفروضة عليها.

وبحسب موقع “الاقتصاد اليوم” فإن تكاليف معيشة أسرة في دمشق، مكونة من خمسة أشخاص، قاربت في نهاية النصف الأول من العام الحالي نحو 311 ألف ليرة سورية، وهي أرقام مضاعفة لدخل الفرد، إذ يتراوح راتب الموظف في القطاع العام ما بين 30 إلى 39 ألف ليرة شهريًا، بينما قد يصل متوسط راتب الموظف في القطاع الخاص إلى 65 ألف ليرة سورية شهريًا.

وبحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، عن الاحتياجات الإنسانية في سوريا للعام 2018، فإن 69% من السكان يعيشون في فقر مدقع، ونتيجة لذلك استنفدت القدرة على التكيف لدى الكثير من الناس في المجتمعات المحلية الأكثر تضررًا في سوريا.

وخلافًا للحملة الدعائية التي تنتهجها وزارات الحكومة السورية حول عروض الاستثمار الجديدة، فإن تلك العروض لا تعود على المواطن بفائدة تجارية أو اقتصادية، وإنما هي محاولة من تلك الوزارات لسد العجز المالي لديها، علاوة على الأسئلة المطروحة حول التاريخ التجاري للمستثمرين الجدد وقربهم من الدائرة الضيقة للنظام السوري.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة