بين سوريا وروسيا

القرم.. شبه جزيرة تجارية وسياحية

camera iconشبه جزيرة القرم الروسية(سبوتينك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – اقتصاد

من بوابة شبه جزيرة القرم، تحاول روسيا إنعاش النظام السوري اقتصاديًا بعد سبع سنوات من العمليات العسكرية، وتسعى أيضًا إلى الاستفادة منها كسوق تجارية رئيسية تصدّر منها منتجاتها الفائضة كالقمح وتستورد الفواكه والخضراوات وأصنافًا تجارية أخرى.

فبعد سنوات من الحرب يقف النظام السوري عاجزًا من الناحية الاقتصادية في مختلف القطاعات، ورغم التقدم الكبير الذي حققه على الأرض، إلا أن ذلك غير كفيل بإعادة ما تمت خسارته، خاصةً أن العلاقات مع الدول المجاورة لا تزال مقطوعة، والبنى التحتية مدمرة بشكل شبه كامل.

تردد اسم القرم منذ مطلع العام الحالي، ودار الحديث حولها كنقطة رئيسية للتبادل التجاري بين سوريا وروسيا، الأمر الذي من شأنه أن يكون بادرة أولى على صعيد البوابات الاقتصادية المغلقة.

وذكرت وكالة “تاس” الروسية، 21 من آب، أن جمهورية القرم الروسية تدرس اقتراحًا سوريًا لافتتاح دائرة للتجارة في شبه الجزيرة.

ونقلت عن الممثل الدائم للقرم لدى الرئيس الروسي، غيورغي مورادوف، أن التجارة مع سوريا ستفتح أمام روسيا إمكانيات واسعة للتبادل التجاري، إذ إنه من المخطط أن تصبح شبه جزيرة القرم منطقة رئيسية للتجارة السورية- الروسية، وستكون موانئها نقاط دخول للبضائع السورية المخصصة لروسيا بأسرها.

منتدى يالطا خطوة أولى

فُتح باب الحديث عن تحويل شبه الجزيرة إلى سوق تجارية مشتركة في أثناء انعقاد منتدى “يالطا الاقتصادي الدولي” الرابع، آذار الماضي.

وشارك في المنتدى حينها وفد من حكومة النظام السوري برئاسة وزير الاقتصاد، محمد سامر خليل، إضافة إلى 80 رجل أعمال يمثلون مختلف المؤسسات.

كما شارك في المنتدى ألفا شخصية، من بينهم 220 أجنبيًا من 46 بلدًا، وتم توقيع اتفاقيات مع عدة أطراف بقيمة 160 مليار روبل (2.6 مليار دولار).

وخلال المؤتمر، أكد رئيس جمهورية القرم، سيرغي أكسينوف، أن الاتفاقيات في مجالات مختلفة أهمها الزراعة والصناعة والسياحة.

شهران مضيا على اختتام المنتدى، أعلن بعدها نائب محافظ سيفاستوبل، الواقعة في شبه جزيرة القرم، فلاديمير بازاروف، إطلاق خط ملاحي بين ميناء المدينة وطرطوس لتوريد الحبوب إلى سوريا.

وقال بازاروف إن هناك خططًا لزيادة حجم البضائع المشحونة بين مرفأي المدينتين، مشيرًا إلى ضرورة توسيع لائحة البضائع لإشغال هذين المرفأين، خاصة وأن سوريا تحتاج إلى المعادن ومواد البناء، وروسيا جاهزة لاستيراد المنتجات الزراعية والنسيجية السورية، بحسب قوله.

السوق التجارية المشتركة بدأ العمل بها، وقالت وسائل إعلام روسية، في تموز الماضي، إنه سيتم توريد الحمضيات عن طريق البحر إلى القرم وبعد ذلك إلى باقي مناطق روسيا، وإنه يمكن أن تصبح القرم مركزًا لإعادة تصدير هذه المنتجات إلى بلدان أخرى.

نمو كبير لروسيا

المنفعة الكبرى من تحويل شبه القرم إلى سوق تجارية مشتركة لا تعود على النظام السوري بقدر ما تعطيه للجانب الروسي.

وقالت وزارة الزراعة الروسية، في تموز الماضي، لوكالة “رويترز”، إن القطاع الزراعي في شبه جزيرة القرم تلقى حوالي 2.4 مليار روبل (38 مليون دولار) دعمًا من الدولة الروسية على مدار السنوات الثلاث، وإن ذلك أدى إلى التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة وزيادة الغلة.

وقالت الوزارة الروسية، “بسبب النمو الكبير للمحصول استطاعت القرم تغطية الاحتياجات المحلية لمواطني الجمهورية وتصدير فائض القمح”.

ويجري التعامل التجاري مع سوريا باستخدام سفن سورية في القوائم السوداء وسفن أخرى، وأشارت الوكالة إلى إمكانية تفريغ الحبوب التي لا يمكن تصديرها إلى أماكن أخرى بسبب العقوبات الغربية، وفي الوقت نفسه تتيح للأسد خطًا آخر للإمدادات.

وتنتج القرم حوالي 1.4 مليون طن من القمح كل عام، ويتبقى للتصدير حوالي مليون طن.

ونقلت الوكالة عن مصادر روسية أن روسيا تحرص على تنظيم شبه الجزيرة لتجارتها لتقليل العبء المالي عليها.

السياحة إلى جانب التجارة

لا يتوقف الأمر على التجارة عبر شبه الجزيرة، بل على السياحة أيضًا، وكانت سلطات مدينة ثيودوسيا في جزيرة القرم اقترحت، حزيران الماضي، إطلاق رحلات سياحية بين الجزيرة وسوريا.

وقال رئيس بلدية مدينة ثيودوسيا، سيرغي فوميتش، حينها، إن تنظيم الرحلات البحرية مع سوريا، سيؤدي إلى توسيع نشاط الموانئ الخمسة الموجودة في القرم.

وأضاف أن الرحلات ستفتح أيضًا المجال لنقل حمولات ضخمة من البضائع بين البلدين، وتمكن من جلب عشرات ملايين الأطنان من مختلف البضائع والمواد إلى جزيرة القرم.

وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ذكر في معرض لقائه بوفد برلماني روسي أن أبناءه استجموا في معسكر “أرتيك” للطلائع في شبه جزيرة القرم.

وأضاف الأسد للوفد، نيسان الماضي، أن أطفاله باتوا يفهمون روسيا بشكل أفضل، بفضل العطلة التي قضوها العام الماضي في معسكر القرم.

تصريحات رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وضعته حينها على القائمة السوداء لأوكرانيا، والخاصة بكل من يزور شبه جزيرة القرم.

وقالت وسائل إعلام أوكرانية آنذاك إن أبناء الأسد “انتهكوا بذلك حدود أوكرانيا وقوانينها عندما زاروا القرم المحتلة”.

النزاع الأوكراني- الروسي على القرم

يعود أصل النزاع الأوكراني الروسي على شبه جزيرة القرم إلى عام 1954 عندما ضمها الزعيم السوفييتي الأوكراني الأصل، نيكيتا خروتشوف، إلى بلاده.

وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وانفصال الجمهوريات السوفييتية ومنها أوكرانيا عن الاتحاد أصبحت القرم جزءًا من أوكرانيا المستقلة.

لكن روسيا أبقت على قاعدتها العسكرية في القرم التي تؤمّن وصولها إلى البحر المتوسط، وتعتبر وجود قواتها على شبه جزيرة القرم قانونيًا، بينما تعتبره أوكرانيا احتلالًا.

وتكمن أهمية القرم بالنسبة لروسيا في أنها تعد الواجهة على البحر الأسود.

وكانت موسكو عام 2014 طرحت ضم شبه جزيرة القرم للاستفتاء الشعبي، لكن نتيجة الاستفتاء لم تطبق.

وفرضت الولايات المتحدة ودول غربية عقوبات اقتصادية على موسكو بسبب “تدخلها العسكري في الأراضي الأوكرانية”.

وكان النظام السوري اعترف بضم موسكو للقرم في 2016.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة