يسمعون حسيسها.. “معايشات سجين تدمري”

tag icon ع ع ع

مراجعة ملك رمضون

“السجون لا تحمي الأنظمة القمعيّة، والمذابح لا تُثبت سلطتها، والإكراه لا يجلب الاعتقاد. على العدل قامت السماوات والأرض، وعلى الظلم أن يكون جديرًا بإسقاط أعتى الكيانات وأقواها وأطولها حكمًا”، رسالة أراد الكاتب والشاعر الأردني أيمن العتوم نشرها، فاستحقت عملًا روائيًا من مشاهدات حيّة.

“يسمعون حسيسها”، هي الرواية التي كتبها العتوم من وحي “معايشات سجين تدمري بين عامي 1980 و1997″، صدرت في عام 2012 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.

تحكي الرواية في 365 صفحة مقسمة على 60 فصلًا، رحلة عذاب طبيب دمشقي اسمه إياد أسعد في سجن الخطيب وسجن تدمر العسكري.

يقول الطبيب الذي أدلى بشهادته للرواية، “كل ما رويته في هذه الصفحات صادق دون مواربة، حقيقي دون تمويه، وهو ليس الحقيقة الكاملة، فهو لا يساوي أكثر من عشرها. إنها مشاهداتي ومعايشاتي لأيام قضيتها داخل مهجع 27 ومهجع 34 في سجن تدمر مما تذكرته، أما بقية المهاجع فقصصها ليست أقل فظاعة”.

يسرد الكاتب في روايته أدق التفاصيل لصور الإجرام التي تمت ممارستها على المساجين في المهاجع التي تناوب مئات الآلاف من المعتقلين على ارتيادها في العامين 1980 و1981، من نزع فروات رؤوسهم وإعدام الكثير منهم شنقًا ورميًا بالرصاص وتحت وطأة الخوازيق التي تنتهك الكرامة البشرية، وتزهق الروح معها.

تزدحم الرواية بصنوف الجحيم، وتقدم مشاهد تعذيب لا يكاد يحتملها البشر، كما تستجلي روح الجلادين الذين يصبح التلذذ بآلام البشر صنعة وحرفة لهم، والتي يوجهها “السيد الرئيس صانع جهنم الأرضية ومبدعها”.

ما عايشه الكاتب العتوم كان أقسى مما عاناه قراء الرواية لدى الاطلاع على الشهادات الموثقة فيها. يقول العتوم، “لقد بكيت عشرات المرات، ونزفت مع كلّ جملة، وانتحبتُ مع كل حرف، وأجهشت بالبكاء بصوت عالٍ إلى درجةٍ مُفزعة في الجزء الأخير من الرواية: الجزء الّذي التقى فيه (السجين) ابنته وزوجته”.

وعن أثر الرواية يضيف الكاتب، “أثرت مشاهد التّعذيب التي رويتُها في نفسيتي كثيرًا، إذ إن كثيرًا من الكوابيس كانت تراودني خلال الشّهر الذي كتبته فيها، وبعد انتهائي منها أصابتني حمى شديدة أقعدتني في الفراش عشرة أيّام كاملة لم أغادره فيها البتّة.”

رواية العتوم إضافة جديدة وضوء على عتمات السجون في تاريخ سوريا، وهي عمل مكمل لما كتب عن السجون السورية في رواية القوقعة لمصطفى خليفة، ورواية الورطة لشريف الراس، وشهادات فرج بيرقدار وياسين الحاج صالح وغيرهم عن ظلمات السجن وبشاعة المستبد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة