السويداء.. اعتياد المشهد يقود لاستسهال ارتكاب الجرائم

camera iconمواطن سوري في مدينة السويداء جنوبي سوريا (AFP)

tag icon ع ع ع

السويداء – نور نادر

يرتاح هاتف شادي المحمول، وهو طالب في كلية الصيدلية بدمشق، عندما يكون في دوامه الجامعي رغم بعده عن أهله في السويداء، بينما لا تهدأ اتصالات والديه المتكررة عندما يعود إلى المحافظة في أثناء العطل، خوفًا من أي حادثة خطف أو قتل.

لا يكاد يمر يوم على أهالي محافظة السويداء دون وقوع جريمة قتل أو خطف باختلاف المسببات والطرق والنتائج في كل مرة، وتتوجه الاتهامات اليوم نحو الميليشيات العشوائية مختلفة التبعية في المحافظة، خاصة بعد خروج الفصائل المعارضة من درعا والتي كانت توجه التهم والفتن نحوها.

يعيش أهالي السويداء اليوم تحت وطأة الفلتان الأمني، بسبب دعم الميليشيات من جهات مختلفة باختلاف مصالحها، خاصة بعد رفض الأهالي لوجود القوى الأمنية الرسمية داخل المحافظة وإزالة حواجز النظام الداخلية، بهدف حماية المطلوبين للخدمة العسكرية أو المطلوبين أمنيًا من اعتقالات النظام.

أحد الشباب المطلوبين أمنيًا، تحفظ على ذكر اسمه، يقول لعنب بلدي إن هذه الحصانة الداخلية لم تنفع في حماية المحافظة من “خبث النظام”، حسب وصفه، فميليشياته سعت مع بداية إزالة الحواجز إلى تسهيل وتكثيف حالات القتل والخطف ونشر الجريمة، في محاولة للضغط على الأهالي للمطالبة بإعادة الانضباط الأمني.

بداية كانوا ينشرون الخوف والفتن بيننا وبين أهالي درعا، يضيف الشاب، و”حين لم تنجح هذه السياسة خلقوا داعش (تنظيم الدولة) على حدود المحافظة، واليوم وبعد فشلهم في أن يعودوا لشوارعنا حتى بعد مجزرة 25 من تموز (نفذها مقاتلو تنظيم الدولة في هجوم مباغت)، عادوا للتصعيد في مستوى الجريمة”.

وشاعت حالة الخطف بين محافظتي درعا والسويداء، العام الماضي، ووصلت إلى ما لا يقل عن 300 حادثة خطف بين كانون الثاني وآب 2017، بحسب تقرير أصدرته منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، وكانت الرواية الرسمية تتهم فصائل المعارضة في درعا.

ورغم أن الفصائل حلت نفسها أو غادرت إلى الشمال السوري مع اتفاقات التسوية في تموز 2018، لا تزال الظاهرة مستمرة.

انتشار الجريمة والسلاح أدى لاستسهال القتل

مروان، محامٍ وناشط مدني في السويداء، أبدى لعنب بلدي استياءه إزاء اختلاف نوع الحوادث والجرائم التي باتت تصادفه في المحاكم، إذ يقول إن السويداء اتسمت سابقًا بالتماسك الاجتماعي الكبير وكان يمكن لأكبر القضايا أن تحل بواسطة الوجاهات واحترام الكبار والخجل الاجتماعي، أما اليوم فبات من السهل قتل الأخ لأخيه والمجاهرة بالسلاح وتشكيل الميليشيات تحت مسميات مختلفة كـ “الغيارى” وغيرها من العصابات المفتعلة للفلتان الأمني، بحسب تعبير المحامي.

واستشهد المحامي بحادثة الفتاة ديانا أبو حسون، وهي طالبة مدرسة ثانوية قتلها والدها، الثلاثاء الماضي، برصاصة مباشرة بالرأس نتيجة تغيبها ساعتين عن المدرسة صباحًا دون علمه.

ويعزو المحامي ذلك إلى “استسهال القتل بعد تعود أهالي المحافظة على المشهد شبه اليومي من حوادث مشابهة، إضافة إلى عشوائية امتلاك السلاح، والذي بات لا بد منه خاصة بعد هجوم 25 من تموز”.

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي ضجت بردود الفعل الغاضبة تجاه حادثة مقتل ديانا، الأسبوع الماضي، في إدانة لما يوصف بـ “الأعراف”، والدعوة إلى رفع وعي المجتمع.

ولكن في رأي مقابل، كتب الناشط سامر المصفي، عبر صفحته في “فيس بوك”، إن ديانا هي ضحية القانون السوري الشريك بالجرم، حين يمنح العذر المخفف لمرتكبي “جرائم الشرف”، معتبرًا أن “مسألة كهذه تحتاج الى تحرك قانوني”.

الخوف يفرض حظر تجوال مسائي

السيدة سلوى، القاطنة في مدينة السويداء، وهي في الأصل من إحدى القرى الشمالية في المحافظة، تقول إنها لا تزور أهلها إلا في ساعات الصباح وحتى الظهيرة، مؤكدة أنها وعائلتها، كحال معظم الأهالي، باتوا لا يخرجون خارج حدود المدينة في المساء، كما أنها تمنع أولادها من البقاء خارج المنزل بعد غياب الشمس.

حوادث الخطف والقتل مختلفة ولأسباب متشعبة، لكن السيدة سلوى تشير إلى أنه لا يوجد احتياط معين يمكن الأخذ به، فالمخطوفون أو المقتولون ليسوا دائمًا أصحاب عداوات أو أصحاب أموال كي نقول إن الجرائم ضدهم لمطامع مالية أو أسباب ثأرية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة