ماذا تغير في سوريا بعد ثلاث سنوات على التدخل الروسي

امرأة تناظر عرضًا عسكريًا لفصائل درعا - 7 حزيران 2018 (تعديل عنب بلدي)

camera iconامرأة تناظر عرضًا عسكريًا لفصائل درعا - 7 حزيران 2018 (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

منذ أن تدخلت روسيا عسكريًا في سوريا اختلفت المسار العسكري وتغيرت خريطة السيطرة، وتوسع النظام السوري بدعم روسيا في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، بالوقت الذي سجلت عشرات المجازر باسم القوات الروسية، وتغير أيضًا معها مسار العملية السياسية في سوريا.

المسار العسكري

دخلت روسيا إلى سوريا في 30 أيلول من عام 2015 أي قبل ثلاث سنوات، وكان النظام حينها يفقد السيطرة على أكثر من ثلثي الأراضي السورية.

وكانت قوات الأسد تسيطر في أواخر عام 2015 على نحو 22% فقط من المساحة الكاملة للسورية، قبل أن تتحول إلى المسيطر الأكبر في الصراع السوري.

ومع دخول عام 2018 وسع النظام السوري مناطق سيطرته وامتدت إلى الغوطة الشرقية وأحياء دمشق الجنوبية ودرعا وريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي.

وفي مطلع عام 2017، وتحديدًا في 20 من شباط، بدأ النظام السوري بمساندة جوية وعسكرية من القوات الروسية، عملية عسكرية على أحياء دمشق الشمالية الشرقية في برزة والقابون وحي تشرين قبل أن يسيطر عليها، في 20 من أيار، باتفاق تسوية بين فصائل المعارضة المنتشرة بالمنطقة، وخروج المقاتلين الرافضين للاتفاق إلى الشمال السوري.

خريطة السيطرة الميدانية في سوريا قبل بدء جولات أستانة تظهر المناطق التي كانت بيد المعارضة آنذاك باللون الأخضر (عنب بلدي)

خريطة السيطرة الميدانية في سوريا قبل بدء جولات أستانة تظهر المناطق التي كانت بيد المعارضة آنذاك باللون الأخضر (عنب بلدي)

وكان النظام السوري سيطر قبل برزة على أحياء قدسيا والهامة بذات اتفاقات التسوية إلى جانب سيطرته على التل بريف دمشق.

واتجهت قوات الأسد إلى تشديد الحصار على مناطق الغوطة الشرقية قبل البدء حملة عسكرية، في شباط من 2018 واتمام السيطرة عليها في نيسان بعد خروج فصائل المعارضة إلى الشمال السوري باتفاق وقعته مع الجانب الروسي بالمنطقة، ومع سيطرته على أحياء دمشق الجنوبية أعلن النظام السوري اتمام سيطرته على كامل أحياء دمشق وريفها وإعلان المنطقة “خالية من الإرهاب”.

وتعتبر محافظة درعا آخر المناطق التي سيطر عليها النظام السوري بمساندة روسيا، بعد أن سيطر على القلمون الشرقي وريفي حمص وحماه خلال شهر أيار الماضي.

وفي شهر تشرين الأول 2017 كان النظام السوري يسيطير على 53% من الأراضي السورية، أما حاليًا فيسيطر عما يزيد عن 65% من الأراضي بعد بقاء المعارضة السورية في إدلب وريف حماة الشمالي وريفي حلب الغربي والشمالي، بالوقت الذي تسيطر فيه “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على ما يقارب 25% في المناطق التي كان يسطير عليها تنظيم “الدولة الإسلامية”.

المسار السياسي

التغيير الجغرافي بخريطة السيطرة السورية جاء مع بدء العمل بمسار “أستانة” من قبل الدولة الضامنة (تركيا، روسيا إيران) مطلع 2017، أي عقب بدء العمليات العسكرية في الأحياء الشرقية لمدينة حلب وسيطرة النظام السوري بشكل كامل عليها، ما اعتبر بداية الانتكاسات و”سقوط” مناطق المعارضة لصالح الأسد.

مع عدم وصول مسار جنيف السياسي إلى نقطة النهاية عملت روسيا على حرف الرؤية السياسية لسوريا إلى سوتشي كنقطة أخيرة تعطي الصورة الكاملة للأهداف التي كانت تقف وراءها روسيا منذ الجولة الأولى.

امرأة تناظر عرضًا عسكريًا لفصائل درعا - 7 حزيران 2018  (تعديل عنب بلدي)

فمسار “أستانة” السياسي كان التحول الأول عن “جنيف”، وقد رسمت البنود المتفق عليها في “أستانة” الخريطة السورية على الأرض، وخلال عامين ونصف عقدت تسع جولات في أستانة بإشراف الدول الضامنة للمسار التي تولت خوض المحادثات بشكل أساسي من خلال الاتفاق على البنود في كل بيان ختامي.

مع اتضاح ملامح المآلات العسكرية في سوريا، انتهى دور محادثات أستانة، وانتقل ما بقي من الملفات، إلى جولة جديدة من محادثات “سوتشي”، والتي اختتمت منتصف، كانون الثاني الماضي، واتفق المشاركون على تشكيل لجنة دستورية من ممثلي النظام السوري والمعارضة لإصلاح الدستور وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي “2254”.

كما نص البيان الختامي على “بناء مؤسسات أمنية ومخابرات تحفظ الأمن الوطني، وتخضع لسيادة القانون وتعمل وفقًا للدستور والقانون وتحترم حقوق الإنسان”.

وبحسب نص وثيقة “سوتشي” النهائية أكدت على التسوية السياسية في سوريا بالاعتماد على 12 مبدأ، بينها “الاحترام والالتزام الكامل بسيادة دولة سوريا، واستقلالها، وسلامتها الإقليمية، ووحدتها أرضًا وشعبًا”، دون تنازل عن أي جزء من الأراضي السورية، بما في ذلك الجولان المحتل.

ونصت على ضرورة أن “يقرر الشعب السوري وحده مستقبل بلده بالوسائل الديمقراطية وعن طريق صناديق الاقتراع ويكون له الحق الحصري في اختيار نظامه السيسي والاقتصادي والاجتماعي دون أي ضغط أو تدخل خارجي”، إضافةً إلى “بناء جيش وطني قوي موحد يقوم على الكفاءة ويمارس واجبته وفقًا للدستور والمعايير العليا، ومهمته حماية الحدود الوطنية والسكان من التهديدات الخارجية ومن الإرهاب”.

ولكن المؤتمر لم يشهد الترحيب الدولي وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا والتي حثت مواصلة التركيز على عملية جنيف بشأن سوريا وتعزيز المسار السياسي فيها.

أكثر من 6 آلاف قتيل على يد القوات الروسية منذ تدخلها

ومع اتمامها العام الثالث في سوريا قتل 6239 على يد القوات الروسية من ضمنهم 1804 طفلًا، وفق تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، ووثق التقرير الذي حصلت عنب بلدي على نسخة منه ما ما لا يقل عن 321 مجزرة نفذتها القوات الروسية، منذ تدخلها، وما لايقل عن 954 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية من بينها 176 على مدارس و166 اعتداء على منشآت طبية، بالإضافة إلى 55 اعتداء على أسواق، وفق التقرير.

ووفق التقرير فإن روسيا نفذت ما لايقل عن 232 هجومًا بالقنابل والذخائر العنقودية، إضافة إلى 125 هجومًا بأسلحة حارقة نفذتها القوات الروسية، منذ تدخلها.

وقتل على يد القوات الروسية 29 من الكوادر الطبية وعناصر الدفاع المدني بالإضافة إلى مقتل 19 من الكوادر الإعلامية.

وخلال العام الماضي، في المدة الممتدة ما بين 30 أيلول 2017، وحتى 30 أيلول 2018، سجلت الشبكة مقتل 958 مدنيًا، بينهم 342 طفلًا و17 من الكوادر الطبية واثنين من الكوادر الإعلامية على يد القوات الروسية، إضافةً لتنفيذها ما لايقل عن 59 مجزرة، وما لايقل عن 183 حالة اعتداء على مراكز حيوية مدنية وفق ما ذكر التقرير.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة