أربعة مبعوثين دوليين تعاقبوا على سوريا منذ 2011

أربعة مبعوثين دوليين وأممين تعاقبوا على حل الأزمة السورية منذ 2011 (تعديل عنب بلدي )

camera iconأربعة مبعوثين دوليين وأممين تعاقبوا على حل الأزمة السورية منذ 2011 (تعديل عنب بلدي )

tag icon ع ع ع

تعاقب أربعة مبعوثين على إدارة الملف السوري منذ عام 2011، أولهم كان محمد الدابي، مندوبًا من الجامعة العربية، ليتعاقب ثلاثة آخرون كمندوبين أممين وهم الجزائري الأخضر الإبراهيمي، وقبله كوفي عنان الذي عين مبعوثًا إلى سوريا مدة أقل من ستة أشهر، وآخرهم السويدي ستيفان دي مستورا، والذي أعلن استقالته قبل يومين.

ورغم المحاولات الأممية والدولية للتوصل إلى تسوية أو حل للنزاع، لم تفلح كل الجهود الرامية لتقديم نتائج تدفع قدمًا الحلول السياسية المجمدة بفعل المعارك على الأرض.

 محمد الدابي.. لم يلق قبولًا

انتدبت الجامعة العربية في كانون الأول 2011، العسكري والدبلوماسي السوداني، محمد الدابي، رئيسًا لبعثة المراقبين العرب إلى سوريا، بعد أشهر على اندلاع الثورة السورية.

وكانت مهمة بعثة المراقبين العرب آنذاك مراقبة وتفقد الأوضاع في خضم المظاهرات التي تشهدها المدن السورية واتوجه بالرصاص والعنف من قوات الأسد.

الدابي وهو عسكري دبلوماسي سوداني، شغل منصب مدير الاستخبارات العسكرية للجيش السوداني أثناء الانقلاب الذي خاضه الرئيس السوداني عمر البشير في العاصمة الخرطوم، ثم تم تعيينه مدير الأمن الخارجي ونائب رئيس أركان الجيش للعميات الحربية.

لكن قدومه إلى سوريا لم يكن موفقًا منذ البداية، إذ استنكر سوريون تعيينه رئيسًا للبعثة، وهو المتهم بالوقوف إلى جانب الرئيس البشير بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور جنوبي السودان.

كما واجهته انتقادات من منظمات حقوقية وتشكيك في نجاحه بمهمته واتخاذ إجراءات صارمة.

ومع فشل الدابي وفريقه بالمهام الموكلة إليهم وعدم إنجاز أي نجاحات تقلل من القتل والعنف، تقدم المبعوث العربي باستقالته من مهامه في 12 من شباط 2012، إلى جامعة الدول العربية.

وأعلنت الجامعة بعد ساعات عن موفقتها على الاستقالة، لتنتهي مهمة الدابي وفريقه، وكان ذلك أثناء تولي نبيل العربي، أمين عام الجامعة العربية.

كوفي عنان.. خطة تصطدم بإرادات الدول

في 24 شباط 2012 تم تعيين كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، موفدًا خاصًا لجامعة الدول العربية وللأمم المتحدة إلى سوريا “للقيام بمساعٍ حميدة بهدف وقف كل أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان وتشجيع حل سلمي للأزمة السورية”.

وأضاف بيانٌ تلاه حينها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وأمين الجامعة العربية، نبيل العربي، أن مهمة عنان هي الإسهام في “تسهيل حل سلمي وكامل (للأزمة) يقوده السوريون أنفسهم ويستجيب للتطلعات الديمقراطية للشعب، عن طريق حوار سياسي واسع بين الحكومة السورية والمعارضة السورية في مجملها”.

في 16 آذار 2012، اقترح كوفي عنان خطة اعتبرها “مدخلًا لحل الأزمة السورية”، وهي مكونة من ست نقاط، جاء فيها “وضع حلول سياسية داخلية تأخذ في عين الاعتبار تطلعات الشعب السوري ومخاوفه”، وافق النظام السوري على خطة عنان ثم صدر قرار من مجلس الأمن الدولي في 14 نيسان 2012 بإرسال مراقبين عسكريين لمراقبة وقف إطلاق النار، ليعلقوا مهمتهم بعد شهرين نتيجة “تصاعد أعمال العنف”.

وفي حزيران 2012، أصدرت “مجموعة العمل من أجل سوريا”، وهي مجموعة مؤلفة من الدول الخمسة دائمة العضوية وتركيا وقطر والكويت والعراق ومفوضية الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بيان “جنيف1″، وينص على خطة عنان ذات النقاط الست وعلى “تأسيس مجلس حكم انتقالي يوفر مناخًا محايدًا يتيح التحول السياسي في البلاد، وأن يتمتع بكل الصلاحيات التنفيذية ويمكن أن يضم أفرادًا من الحكومة الحالية والمعارضة وبقية المجموعات بناءً على الاتفاق المتبادل”.

الدبلوماسي الجزائري رمطان لمعامرة متحدثًا في الأمم المتحدة- 2015 (AFP)

اختلفت الدول فيما بينها في تفسير بيان جنيف، والواقع أن الدول الكبرى وضعت صياغة مبهمة حول مصير الأسد لتستطيع كل دولة أن تحدث جمهورها بما تشاء، وقد تجلى ذلك حين استخدمت روسيا والصين فيتو ثالثًا في تموز 2012 ضد مشروع قرار غربي يضع بنودًا من خطة عنان تحت الفصل السابع، وهو ما يعني عمليًا القضاء على احتمال أن تشكّل خطة عنان مخرجًا للأزمة السورية، ليعلن كوفي عنان استقالته بعدها في الثاني من آب 2012 ويتسلم الأخضر الإبراهيمي مهامه.

الأخضر الابراهيمي.. مستحيلة من البداية

تسلم الأخضر الإبراهيمي، مهام المبعوث الأممي إلى سوريا في 17 آب 2012، واصفًا مهمته بأنها مهمة شبه مستحيلة، بعد أن انطلق من بيان جنيف، الذي رافق استقالة سلفه كوفي عنان،

وبعد ساعات على إعلانه هدنة في سوريا في تشرين الأول 2012، لم تلبث الهدنة إلا ساعات لتعلن فشلها، ليكشف الإبراهيمي بعدها عن أفكار جديدة لديه ليطرحها في مجلس الأمن، واعتبر كثير من المحللين أن الحل لديه قائم على “صوملة” الحالة في سوريا، وانتظار الاتفاق الروسي- الأمريكي، الذي تم أخيرًا بعد قرار مجلس الأمن بتدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية.

في 22 كانون الثاني 2014، انعقد مؤتمر “جنيف2″، بحضور النظام والمعارضة ممثلة بأحمد عاصي الجربا، رئيس الائتلاف السوري آنذاك، وبالرغم من عمل وزيري الخارجية الروسي والأمريكي لأشهر، لإقناع النظام والمعارضة بالمشاركة بالمؤتمر، الأمر الذي أوحى بجدية القضية، إلا أن ما ظهر أن الدولتين كانتا تريدان انطلاق المفاوضات فقط على النموذج الفلسطيني- الإسرائيلي، مفاوضات مفتوحة بلا جدول زمني ولا شروط، وهو ما أدى بالنهاية لفشل المؤتمر واستقالة الإبراهيمي في 14 أيار 2014.

الإبراهيمي سياسي ودبلوماسي جزائري، حاصل على شهادة في القانون والعلوم السياسية في الجزائر وفرنسا، وشغل منصب وزير خارجية الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، كما شغل مبعوثًا للأمم المتحدة إلى أفغانستان والعراق، إلى جانب تعيينه مبعوثًا إلى سوريا في 2014.

الرياح تجري بما لا تشتهي سفن دي ميستورا

عينت الأمم المتحدة الدبلوماسي السويدي، ستيفان دي ميستورا، مبعوثًا أمميًا إلى سوريا، في تموز عام 2014، خلفًا للإبراهيمي، وقد ترافق تسلّمه للمهمة مع معطى جديد غيّر الحسابات الدولية، وهو ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” كتهديد عالمي وإقليمي بعد سيطرته على الموصل في حزيران 2014، وتعاظم قوته بما غنمه من سلاح وأموال هائلة.

سعى ستيفان دي مستورا لحشد التأييد الدولي والإقليمي لمقترحاته المتعلقة بإقامة مناطق صراع “مجمدة” في مناطق سورية مختلفة، وفي مقدمتها مدينة حلب، والتوصل إلى هدن أو مصالحات مؤقتة تتيح ممارسة إدارة ذاتية في هذه المناطق، ويجري التعبير عن هذه الإدارات من خلال مجالس محلية منتخبة أو توافقية يتم فيها تمثيل فصائل المعارضة المسلحة، بحسب حجم كل فصيل وفاعليته.

وبينما كان دي ميستورا يعمل على الصعيد السياسي مع محورين، الأول يضم واشنطن ودولًا أوروبية وخليجية داعمة للمعارضة، والثاني روسيا وإيران والدول الحليفة للأسد، كانت الأمور على الأرض تتجه نحو تحقيق حلف ثلاثي بين تركيا وروسيا وإيران يمسك الملف السوري، ويفرض تسويات واتفاقيات بمعزل عن الأمم المتحدة.

ووجهت أطراف النزاع في سوريا اتهامات عدة للمبعوث الأممي وعلى رأسها الانحياز لطرف دون آخر، بسبب تصريح ما أدلى به أو موقف قام به.

ويحمل دي ميستورا الجنسيتين الإيطالية والسويدية، وله ابنتان، وهو عضو سابق في الحكومة الإيطالية برئاسة ماريو مونتي، عمل سابقًا كمتدرب في برنامج الأغذية العالمي في قبرص عام 1970، وبدأ مسيرته مع الأمم المتحدة كموظف مشروع في برنامج الأغذية العالمي في السودان عام 1971.

وفي 17 تشرين الأول الحالي، أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، أنه سيتنحى عن منصبه نهاية تشرين الثاني المقبل، بقوله، “سأترك منصبي في تشرين الثاني المقبل”.

وطلب دي ميستورا من الدول الضامنة لمحادثات “أستانة” بشأن سوريا عقد اجتماع معه للتشاور في الملف السوري قبل أن يترك منصبه.

ولم تعلن الأمم المتحدة، حتى الآن، عن الأسماء المرشحة لخلافة دي ميستورا، وسط أنباء عن تعيين وزير الخارجية الجزائري السابق، رمطان لعمامرة، خلفًا له.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة