«صورة الجسد» عند الطفل وأثرها على فقدان الثقة بالنفس

tag icon ع ع ع

أسماء رشدي

إن صورة الجسد تعني «شكل الجسم كما نتصوره في أذهاننا، أو الطريقة التي يبدو بها الجسم لأنفسنا»، وعندما يكبر الطفل تدريجيًا تتبلور صورته عن ذاته وإحساسه بالرضا أو عدم الرضا عنها من خلال تفاعل الأسرة معه وأساليب معاملتها له.

إذا كنت تخبر ابنتك أنها سوف تكون أجمل إذا فقدت بعض الوزن، فإنها سوف تتعلم أن الهدف من نقص الوزن هو أن تظهر بمظهر مقبول من قبل الآخرين، وليس الهدف هو اتباع نظام صحي معين؛ حيث تتكون صورة الجسد لدى الطفل من تعليقات الأهل وتركيزهم على تفاصيل معينة في شكله.

لذا وجب أخذ الحذر عند نعت الطفل بصفات معينة، حتى لو كانت بنية طيبة، لأنه عادةً ما يهتم ويتأثر بما تقوله وبما تفعله، حتى لو لم يبدو لك ظاهرًا في بعض الأحيان.

وهذه التعليقات التي تعطيها للطفل سوف تبقى وتترسخ لديه حتى عندما يكبر، مثلًا سيبقى إحساس البنت بأنها ليست جميلة لأن أمها تراها كذلك، عندما تكبر حتى لو أجمع العالم بأنها جميلة.

ويجب الانتباه إلى الأسرة ليست هي العامل الوحيد الذي يلعب دورًا مكملًا في بناء صورة الجسم، فهناك الأصدقاء ووسائل الإعلام والإعلانات التجارية التي لا تتوقف عن إظهار أن الفتاة لكي تنجح في هذه الحياة يجب أن تكون نحيفة وذات بشرة بيضاء.

وتدخل صورة الجسم في «تمثيل صورة الذات والأدوار الاجتماعية، وتؤثر على ما يفعله الشخص وما لا يفعله، وهي ليست كما يراها الناس أو كما تصور فوتوغرافيًا، فليس من النادر لامرأة جميلة أن تعتبر نفسها قبيحة، كذلك قد يرى الفتى نفسه كبيرًا أكثر من الواقع، في حين يرى الكبير نفسه صغيرًا، فتشويه صورة الجسم قد تكون لها جذور لا شعورية عميقة»، كما يقول عالم النفس الكندي إيون كاميرون.

إن الآباء هم نماذج حقيقة لأطفالهم منذ نعومة أظفارهم، لذلك يجب على الوالدين أن يتبعا أنماط أكل صحية، ونشاط بدني معين بحيث تكون نفس الأنماط التي ترغب بأن يتبعها طفلك للمحافظة على صحته الجسدية، والتي تنعكس بشكل كبير على صحته النفسية وجعله مرغوبًا ومقبولًا من قبل الآخرين أو لا.

ذلك لأن الطفل الذي يسمع كلمات من قبل «سمين، نحيف، قصير، طويل، أبيض، أسمر» فإن ذلك يترك أثرًا على شخصيته وثقته بنفسه وتقديره لذاته، وربما تقود به إلى تجنب الاختلاط بالآخرين.

هذه الصورة قد تزعج الصبيان والبنات، الرجال والنساء، على حدٍ سواء إذا كانت غير مقبولة لديهم، ويواجه معظم الناس هذه المشكلة في مرحلة من مراحل حياتهم، إلا أن مجموعة خطوات لمساعدة طفلك على تطوير صورة إيجابية لجسده وذاته يجب أن تؤخذ بالحسبان:

– تأكد من أن طفلك لديه القدرة على فهم التغييرات المختلفة التي تطرأ على الجسم خلال مراحل النمو، بأنها جزء طبيعي من التطور والنمو خاصة خلال مراحل البلوغ، حيث التغيرات الجسيمة والانفعالية التي تؤدي إلى القلق والارتباك.

– تجنب العبارات السلبية حول الطعام، الوزن، حجم وشكل الجسد؛ مثلًا «هذا الطعام يجعلوني أبدو سمينًا».

– ركز وكافئ طفلك على جهوده، مواهبه، وإنجازاته، وقيمه الشخصية، أكثر من تركيزك على شكل وصور الجسد، وزيادة الوزن، خاصة للأمهات التي لديها قلق بشكل متزايد عن صورة جسمها وزيادة أو نقصان وزنها.

– العمل على تغيير بعض المفاهيم الخاطئة مثل أن الجمال هو عندما تكون تملك بشرة بيضاء، والقباحة عنما تملك بشرة سمراء…، وأنه هناك شكل معين لجمال العينين، وشكل الأنف؛ فمقاييس الجمال واسعة جدًا، وماهو جميل بالنسبة لي قد لا يكون جميلًا بالنسبة للآخر.

– التركيز وتعليم الطفل على أن الجمال من الداخل، وليس الجمال من الخارج، ويخرج عندما نقع على اختيارات صحيحة.

– نقد وسائل الإعلام التي لا تزال تظهر بأن مستحضر تجميل أو عطر معين سوف يغير من شكلك بطريقة تجعلك شخصًا مقبولًا ومحببًا بعيدًا عن الواقع؛ وبالتالي فإنهم سوف يبدؤون بإنكار هذه الأنماط غير الواقعية التي يقارنون أنفسهم بها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة