هل تستثني حرية التعبير أحدًا؟

tag icon ع ع ع

أسامة العقاد

هاجم شابان على الأقل مقر مجلة شارلي إيبدو الساخرة وقتلوا 12 شخصًا إضافة لعددٍ من الجرحى، ومن بين الضحايا رجلان من الشرطة أحدهم اسمه أحمد.

للمجلة تاريخ طويل في الإساءة والسخرية من الإسلام ومن نبينا محمد والأديان الأخرى، وذلك في فرنسا أمر قانوني لأنه يدخل ضمن حرية التعبير؛ لكن ماذا عن معاداة “السامية” و”الهولوكوست”، هل هذه خارج إطار حرية التعبير؟ بالضبط هذا ما دعت إليه لجنة مستقلة شكلتها الحكومة الفرنسية عام 2003.

لنلقي نظرة على التاريخ ولنبدأ ببلد بعيدة قليلًا:

2014: اعتذار صحيفة في أستراليا عن نشر رسم كاريكاتوري حول اليهود

Untitled-1

كاريكاتير في صحيفة سيدني مورنينج هيرالد

عام 2014 أجبرت الصحيفة الأسترالية سيدني مورنينج هيرالد على الاعتذار عن نشر صورة مسيئة لليهود، حيث هدد قادة يهود الصحيفة باللجوء للقانون في حال تلكئها عن تقديم الاعتذار.

سبق ذلك احتجاجات وتجمعات لـ حوالي 5000 شخص مناصر لليهود في سيدني.

الرسم لم يتضمن سوى صورة لشخص إسرائيلي يجلس على أريكته ويتفرج على قصف غزة من على رأس جبل، في محاكاة لصورة حقيقية موجودة في وسائل الإعلام.

2014: منع عرض ساخر لفنان فرنسي

ob_c97c86_dieudonne-jean-marie-le-pen

الفنان المثير للجدل ديودونيه

قبل عام منعت السلطات الفرنسية الكوميدي الساخر ديودونيه من تقديم عرضه المسرحي قبل ساعات من بدئه،
ورغم قرار سابق لمحكمة فرنسية بالسماح بتقديم العرض، إلا أن وزير الداخلية وقتها (مانويل فاس) سعى لتصعيد الأمر ورفعه لمجلس الدولة الذي حظر العرض.

ومن ضمن 30 مدينة فرنسية كان ديودونيه سيقدم عرضه فيها تم منع العرض في 9 على الأقل.

لماذا؟ بسبب احتواء عرضه على محتوى معاد للسامية، منها مواقف ساخرة من الهولوكوست وتحية معكوسة عن التحية النازية.

2013: محكمة باريس العليا تطالب تويتر بتسليم بيانات مغردين

استجاب تويتر لطلب الحكومة الفرنسية بتسليم معلومات تؤدي للوصول لأشخاص نشروا تغريدات معادية للسامية، رغم حذفها من قبل تويتر مباشرة.

كتبت التغريدات تحت وسمي #UnBonJuif (اليهودي الجيد) و #UnJuifMort (يهودي ميت)

الاتحاد الفرنسي للطلاب اليهود (UEJF) مدعومًا بجماعات مناهضة للعنصرية تقدم بطلب للقضاء لتسليم بيانات أشخاص كتبوا تصريحات عنصرية معادية للسامية؛ اعترض تويتر على الطلب لكن المحكمة العليا في باريس ألزمت الموقع بتسليم المعلومات بسبب خرق المغردين للقانون الفرنسي فيما يتعلق بخطاب الكراهية وإنكار المحرقة اليهودية.

2008: طرد أحد موظفي مجلة شارلي إيبدو

سيني الرسام الكاريكاتوري العجوز في مجلة شارلي إيبدو نفسها، فصل من عمله بسبب رفضه تقديم اعتذار عن تصريحات معادية للسامية.

حيث تحدث الكاتب عن نية ابن الرئيس الفرنسي ساركوزي اعتناق اليهودية والزواج من وريثة عائلة يهودية غنية وعلق على الموضوع.

مر الموضوع بسلام إلا أن اتهامات بمعاداة السامية بدأت تظهر، وحينها اعتبر فال، صاحب القرار بإعادة نشر المجلة الفرنسية للرسوم الدنماركية المسيئة للإسلام قبل عامين تحت اسم حرية الصحافة، اعتبر تصريحات سيني مهينة وطالبه بالاعتذار، وبعد رفضه لذلك، فُصل.

2006: إعادة نشر مجلة شارلي إيبدو للرسوم الكاريكاتورية المسيئة

أعادت مجلة شارلي إيبدو نشر الرسوم الدنماركية المسيئة للنبي محمد، وأضافت رسومًا أخرى.

الرئيس الفرنسي جاك شيراك أدان الرسوم، وقامت مجموعة من المنظمات الإسلامية بمقاضاة المجلة بتهمة العنصرية لكن صُرف النظر عن القضية.

2005: إدانة لصحيفة “لا موند” بسبب الإساءة لليهود

أدانت محكمة استئناف محررًا في صحيفة “لا موند” وعددًا من كتّاب الصحيفة بتهمة الإساءة العنصرية ضد اليهود وضد إسرائيل في إحدى مقالاتهم.

حيث تعرض المقال للقضية الفلسطينة الإسرائيلية، وتحدث عن تحول اليهود خلال عقدين من أمة مضطهدة إلى أمة تهين الفلسطينين، وذكر أن الفلسطينين يتعرضون لانتهاكات من اليهود الذين تعرضوا نفسهم من قبل لانتهاكات.

ورغم أن حكم المحكمة أجبر كلًا من الصحفيين على دفع غرامة رمزية (1 يورو) للجمعية الفرنسية الإسرائيلية ولجمعية “محامون بلا حدود”، إلا أن الحكم رسم حدودًا في الصحافة الفرنسية لما يمكن نقده وطريقة النقد الممكنة.

2003: لجنة وزارية لقضايا العنصرية ومعاداة السامية

شكلت الحكومة الفرنسية لجنة وزارية دائمة لتنسيق نشاطات الحكومة في مكافحة معاداة السامية والعنصرية والتي من أحد مهامها وضع التشريعات المناسبة للموضوع؛ وقد سبقها في نفس السنة تشديد عقوبات العنصرية استجابة لبعض الهجمات على اليهود.

1990: قانون غيسو

في عام 1990 صوت على قانون غيسو، الذي جعل التشكيك في جرائم ضد الإنسانية حسب تعريفها في ميثاق لندن أمرًا مخالفا للقانون؛ وبناءً عليه أصبح التشكيك في الهولوكوست مخالفًا للقانون، وبعد صدور القانون جرت محاكمة الكاتب والأكاديمي الفرنسي روبرت فوريسن وتغريمه ثم سحبت صفته الأكاديمية بسبب مواقفه من الهولوكوست.

من المفيد أن نعلم أن عدد المسلمين في فرنسا يقدر بـ 5 مليون مسلم، بينما عدد اليهود حوالي 500 ألف يهودي.

يقول جاك شيراك: “أيًا كان من يهاجم اليهود في فرنسا عليه أن يعرف بأنه يهاجم فرنسا كلها”؛ كنت أود الحصول على قرارات للحكومة الفرنسية وأحكام صادرة في منع العنصرية بحق المسلمين في وسائل الإعلام لكن ذلك لم يكن يسيًرا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة