فصيل قد يكون رأس حربة المعارك شرق الفرات

camera iconقائد أحرار الشرقية أبو حاتم شقرا والقائد العسكري أبو جعفر شقرا - (فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ضياء عودة

يرتبط اسمه بالمنطقة الشرقية لسوريا وتنحصر تركيبة مقاتليه بمحافظة دير الزور، يبرز اسمه كأحد الفصائل العسكرية التي من المفترض أن تكون رأس حربة المعارك شرق الفرات ضد “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، والتي تروج لها تركيا كخطوة مقبلة ضمن استراتيجيتها المرسومة على طول حدودها الجنوبية.

منذ تشكيله في تشرين الثاني 2016، تمكن فصيل “تجمع أحرار الشرقية” من تثبيت نفسه في الريف الشمالي لحلب الملاصق للحدود التركية، من خلال المعارك التي شارك فيها بدعم مباشر من تركيا، والتي كان آخرها عملية “غصن الزيتون” في عفرين، وأصبح مكونًا عسكريًا أساسيًا في “الفيلق الأول” التابع لـ “الجيش الوطني”.

في 7 من تشرين الثاني 2018 رفعت رايات “أحرار الشرقية” في مدينة أورفة في تركيا، ضمن مظاهرات قام بها سوريون طالبت بـ “تحرير” مدينة تل أبيض والمناطق المحيطة بها من يد “الوحدات”، وتزامن الأمر مع تردد اسم الفصيل في الأخبار المرتبطة بشرق الفرات، كون مقاتليه ينحدرون من المنطقة الشرقية وعلى دراية بالطبيعة الجغرافية التي تعرف بها المنطقة.

توضح مصادر عسكرية لعنب بلدي أن تركيا تسعى لمشاركة مقاتلي المنطقة الشرقية المنخرطين في “الجيش الوطني” في معركة تل أبيض، وذلك لتحقيق هدفين: الأول كونهم أبناء المنطقة التي سيدخلونها، والآخر كون المقاتلين على خبرة ودراية كبيرة بالمنطقة الشرقية وطبيعتها الجغرافية.

ورغم عدم اكتمال التجهيزات التركية لدخول المنطقة الشرقية حتى اليوم، إلا أن المؤشرات المرتبطة بها مستمرة بينها استعداد فصائل “الجيش الوطني” لأي تحرك عسكري مرتقب، وعلى رأسها فصيل “أحرار الشرقية”، الذي خرج دفعات من مقاتليه في الأيام الماضية من اختصاص “قوات خاصة” و”مشاة”.

من “الأحرار” إلى “الجيش الوطني”

كان عام 2016 العام الرسمي للإعلان عن التشكيل باسم “تجمع أحرار الشرقية”، أما في السابق فعمل ضمن صفوف “حركة أحرار الشام الإسلامية”، والتي ظل معها منذ عملها في محافظة دير الزور حتى انتقالها إلى محافظة إدلب.

يشكل أبناء دير الزور الغالبية العظمى من ملاك الفصيل العسكري، وإلى جانبهم يوجد مقاتلون من محافظة الحسكة والرقة، ومن مناطق مسكنة ومنبج ودير حافر في الريف الشرقي لحلب.

شارك “التجمع” في العمليات العسكرية التي دارت في دير الزور ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، في عام 2014، وبشكل أساسي في منطقة مركدة التابعة للشدادي بريف الحسكة الجنوبي، وكان يمثل آنذاك “قطاع الشرقية” في “أحرار الشام”.

لم يقتصر عمل الفصيل في السابق مع “أحرار الشام”، بل دخل في تحالفات مع “جبهة النصرة” (المنحلة في هيئة تحرير الشام) في المعارك ضد التنظيم، لكن المكتب الإعلامي لـ “أحرار الشرقية” ينفي أي تحالف مع “النصرة” في السابق، ويؤكد أن عمله اقتصر في صفوف “أحرار الشام” إلى أن انتقل إلى محافظة إدلب، بعد سيطرة التنظيم على مساحات واسعة في المنطقة الشرقية.

بعد الانتقال إلى محافظة إدلب بقي مقاتلو دير الزور في صفوف “أحرار الشام”، وشاركوا في المعارك التي دارت ضد قوات الأسد، وبشكل أساسي في معركة السيطرة على أريحا ومعسكر المسطومة والحامدية إلى جانب معارك الساحل السوري.

وبقوا ضمن صفوف الحركة حتى عام 2016، ليستقلوا في تشكيل عسكري منفصل، وذلك قبل أشهر قليلة من بدء عملية “درع الفرات” التي أطلقتها تركيا وسيطرت بموجبها على مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي.

صورة لأحد الأهداف باستخدام أسلحة ذات دقة عالية (NAVAIR)

مع انطلاق معركة “درع الفرات” دخل “أحرار الشرقية” مرحلة جديدة فرضها الجانب التركي والدعم الذي بدأ بتقديمه لفصائل “الجيش الحر”، والتي اندمجت مؤخرًا في “الجيش الوطني” بتشكيل ثلاثة فيالق.

“من البداية حتى النهاية”، دخل الفصيل في جميع معارك “درع الفرات”، وبرزت مشاركته الأساسية في معركة السيطرة على الباب، والتي خسر فيها بحسب ما قال المكتب الإعلامي للفصيل لعنب بلدي أكثر من 500 عنصر في أثناء مواجهة تنظيم “الدولة”.

ويضيف المسؤول الإعلامي في الفصيل، الملقب بـ “الحارث رباح”، لعنب بلدي، أن عدد القتلى الذين خسرهم الفصيل في معارك “درع الفرات” أعطى ثقلًا كبيرًا للفصيل في الريف الشمالي لحلب، وغدا “أكثر شعبية وثقة”، مشيرًا إلى أن الخسائر لم تتركز في الباب فقط بل كانت في حوار كلس والراعي ومارع.

إلى عفرين

عام وبضعة أشهر مرت على “درع الفرات” لتتوجه البوصلة إلى منطقة عفرين بعملية عسكرية مماثلة تحت مسمى “غصن الزيتون” كانت فصائل “الجيش الوطني” رأس حربتها على الأرض بإسناد من الجيش التركي.

“أحرار الشرقية” كان ضمن الفصائل المشاركة، واستلم سير المعارك على محور ناحية راجو والتي تعتبر الجبهة “الأصعب” بمواجهات ضد “الوحدات”، كما كانت له مشاركة في الجبهات الأخرى على محاور جنديرس والمناطق الواقعة في الريف الشمالي لعفرين.

بعد الانتهاء من السيطرة الكاملة على عفرين، في آذار 2018، وفي أثناء العودة الجزئية للاستقرار في المنطقة برز اسم “أحرار الشرقية” ضمن مجموعة فصائل عملت على السيطرة على منازل المدنيين من أهالي المنطقة الأصليين.

كما وجهت اتهامات لهم بالسيطرة على أرض زراعية، وكان ناشطون قد تداولوا، في نيسان 2018، صورًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت الطريق المؤدي إلى عفرين، وأمامه لوحة مكتوب عليها “دير الزور ترحب بكم” قيل إن عناصر من “أحرار الشرقية” وضعوها في المنطقة.

لكن في المقابل اتجه الفصيل العسكري بصورة رسمية لإطلاق حملات من أجل تحقيق التقارب بين العرب والكرد السكان الأصليين للمنطقة، من بينها في 16 من أيار عام 2018، إذ بدأ حملة بمسمى “نحنا أهل”، من أجل إيجاد قناة مباشرة بين المدنيين والعسكريين والإدارة المحلية، للوقوف على مشاكلهم وحلها سواء فيما يخص السرقات أو المعتقلين أو الخدمات، كما افتتح في تشرين الثاني 2018 مكتبًا لتقديم الشكاوى في منطقة عفرين وما حولها.

“علاقة وثيقة” مع الأتراك

يحظى “أحرار الشرقية” بثقة من قبل الجانب التركي، بحسب المسؤول الإعلامي للفصيل، ويوضح أن ذلك جاء بعد “ثبات وجوده في العمليات العسكرية سواء في درع الفرات وغصن الزيتون”، إلى جانب الالتزام بجميع التحركات العسكرية في ريف حلب الشمالي والشرقي.

يرأس الفصيل القيادي “أبو حاتم شقرا” المنحدر من بلدة شقرا في ريف دير الزور الغربي، ويقوده عسكريًا القيادي المنحدر من دير الزور أيضًا “أبو جعفر شقرا”، وينوب عنه القيادي “أبو جعفر جزرا”.

وفي نيسان عام 2018، كان “حاتم أبو شقرا” أحد القياديين الذين اجتمعوا مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في المجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة.

وفي تصريحات للقيادي حينها، قال إن أجواء الاجتماع كانت “إيجابية للغاية”، مشيرًا إلى إشادة أردوغان بـ “شجاعة وجهود الجيش الحر في معارك تحرير عفرين”.

وأضاف أن “أردوغان لدى تطرقه للتطورات العسكرية السورية، توجه إلينا نحن أبناء المحافظات الشرقية السورية بالحديث لطمأنتنا بأنه سيتم طرد تنظيم بي كي كي وأذرعه من كامل الأراضي السورية”، وبحسب “أبو شقرا” وعد الرئيس التركي بطرد “التنظيمات الإرهابية” وأذرعها من منبج والرقة، وصولًا إلى دير الزور.

معسكرات بألفي مقاتل

يتجاوز تعداد عناصر “أحرار الشرقية” ألفي مقاتل عدا الإداريين، وله معسكرات تدريب في ريف حلب الشمالي ومنطقة عفرين، وخاصةً في مدينة الراعي التي يتخذها الفصيل مركزًا رئيسيًا له إلى جانب ناحية راجو ومدينة الباب بريف حلب الشرقي.

وبحسب المسؤول الإعلامي “الحارث رباح” خرّج الفصيل، في الأيام الماضية، مقاتلين من “قوات خاصة” و”مشاة”، كخطوة استعدادية في حال بدء أي عمل عسكري في المنطقة الشرقية من الفرات.

ويقول المسؤول إن الفصيل يرتبط بعلاقات “جيدة” مع بقية فصائل “الجيش الحر” في ريف حلب الشمالي، “رغم بعض الخلافات التي تنشب بين الفترة والأخرى”.

وكان الفصيل دخل في “اقتتال” مع “فرقة الحمزة” في منطقة عفرين بعد السيطرة الكاملة عليها، وتوصل فيما بعد إلى اتفاق قضى بوقف الاشتباكات وإطلاق سراح الموقوفين من الطرفين، وتسليم المعدات المحتجزة من آليات وسلاح.

ليس “أحرار الشرقية” الفصيل الوحيد الذي يحمل اسم “الشرقية” بل توجد إلى جانبه فصائل تركيبة عناصرها من المنطقة الشرقية وأطلقت على نفسها مسميات بينها “جيش الشرقية” و”جيش أسود الشرقية”، والذي يتركز عمله في محور جنديرس في الجهة الجنوبية الغربية من عفرين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة