بين كلمة العقل و خطاب المشاعر

tag icon ع ع ع

جريدة عنب بلدي – العدد 26 – الأحد – 29-7-2012

عماد العبار

(( وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ألَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُون )) الشعراء ٢٢٤

ليست المشكلة في الشعر حقيقةً، او في الكلام الذي يخاطب المشاعر بشكل عام. بل المشكلة حين تطمس المشاعر على العقل، فيحكم الانسان جملة انفعالاته . ان نخاطب المشاعر ونأخذها بعين الاعتبار، فتلك مسالة هامة وأساسية، بشرط ان لا يطغى الاهتمام بالمشاعر على الموقف الفكري او الأخلاقي من الحالة الموجودة أمامنا، والله طلب منا العدل حتى على انفسنا ومع اقرب الناس لنا، طلب منا كلمة الحق ولو كانت تعاكس مصالحنا، تعاكس أفكارنا ، تصادم مشاعرنا ومشاعر من نقف معه او يقف معنا .. ولذلك لم يكن لكلمة العدل والحق اتباع كثر عبر التاريخ البشري، لان كلمة الحق كثيرا ما تكون جافة، مرهقة، وليس هنالك من غاويين يتبعونها، لانها ببساطة لا تستوي مع وجود هؤلاء الغاويين اساساً، دورها الاساسي جعلهم واعين لما يجري في العالم، لا ان يكونوا مجرد غاويين !

جميل ان تترافق كلمة العقل مع لمسة شعرية تخاطب الأحاسيس، وهي مهمة صعبة غالباً؛ ولكن حتى لا يغرق الانسان في عالم غواية المشاعر، واتباع ما هو سائد يرضي الذوق العام، عليه من باب اولى ان يركز جلّ جهده على الموقف الواضح والكلمة الصريحة، التي لا مجاملة فيها، اما التركيز على مخاطبة المشاعر دون توضيح الموقف الأخلاقي، فان ذلك سيسقط الانسان في لعبة غواية المستمع، ثم سيجد نفسه اسيراً لمصالحه التي ارتبط بهؤلاء الغاويين بعد فترة، ثم سيحارب اصحاب الكلمة في مرحلة لاحقة لأنهم سيشكلون تهديداً مباشراً لمملكته التي يبنيها. صحيح ان الانبياء اعتمدوا ارق الكلمات وأعذبها مراعاة لمشاعر الانسان، الا ان تلك المراعاة كانت تترافق عادة مع موقف صارم على الحق، لا يترك مجالاً للشك عند الطرف الاخر. الوضوح اللون الاساسي في اللوحة النبوية، بينما الأساليب الرقيقة كانت مع أهميتها، لون خلفية اللوحة، فان ضاع اللون الاساسي في زحمة اللون الخلفي، ضاعت اللوحة ببساطة.

اللهم ان كانت كلمة الحق لأجلك وفي سبيلك .. فلا مشكلة عندنا ان نكون من المنبوذين .. ولا نبالي ..




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة