جهود ذاتية لترميم المنازل في درعا

camera iconدمار في أحد منازل مدينة نوى بريف درعا جراء الغارات الروسية 1 تموز 2018 (مؤسسة نبأ في تويتر)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – درعا

بعد عودة الهدوء النسبي لبلدات درعا، عقب سيطرة النظام السوري عليها، لجأ عدد من السكان لترميم منازلهم بشكل ذاتي، ولو بشكل محدود يقيهم برد الشتاء وعوامل الطقس.

مشاريع الترميم الذاتية من أهالي البلدات جاءت بعد غياب أي أمل بإعادة إعمار المنازل المتضررة بسبب المعارك وحملات قصف النظام السوري، في ظل تغني حكومة النظام السوري بعودة الاستقرار والأمان إلى المنطقة.

وتشمل هذه الحركة العمرانية الأهلية مناطق عديدة من محافظة درعا، بما في ذلك حوض اليرموك ومعظم مناطق الريف ودرعا البلد وعتمان والشيخ مسكين وخربة غزالة، بعد إخلاء مخيمات النزوح مثل زيزون والصاعقة وغيرها، وعودة أكثر من ثمانية آلاف نازح إلى قراهم من نازحي تلك المخيمات.

جهود وتكاليف ذاتية

تغيب الجهود الحكومية أو الدولية عن مبادرات الأهالي، لتزيد معاناتهم الاقتصادية في ظل الغلاء والبطالة.

الحركة العمرانية متفاوتة بحسب القدرة المالية للسكان، والذين عملوا على إزالة أنقاض الأبنية القديمة وترميم ما يستطيعون بما يضمن لهم مأوى يستبدلونه بمخيمات النزوح، كما يقول أمجد أحد سكان بلدة عتمان.

ويضيف أمجد لعنب بلدي أنه ليس باستطاعة جميع سكان بلدة عتمان ترميم منازلهم نظرًا للقدرات المالية الضعيفة لدى معظمهم، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية في سوريا.

وفي استطلاع لآراء بعض العائدين إلى بيوتهم في أرياف درعا، تكررت عبارات من قبيل “خيمة هنا أفضل من النزوح”.

دعم جزئي من الكنيسة والمنظمات متوقفة

وفي ظل غياب الجهود الحكومية، تعمل منظمة “الهلال الأحمر السوري” على ترميم جزئي لشوارع المحافظة من تعبيد للطرقات أو إصلاح لشبكات الكهرباء وغيرها.

بينما قدمت الكنيسة الأرثوذكسية دعمًا جزئيًا للمنازل المتضررة في درعا البلد، بهدف إزالة الأنقاض منها، بحسب معلومات متقاطعة تأكدت منها عنب بلدي.

وحظيت المنازل المتضررة في درعا البلد بمبلغ 200 ألف ليرة، وهو رقم قليل مقارنة بالتكلفة التي يحتاجها ترحيل الأنقاض، وتقدر بنحو ثلاثة ملايين ليرة لكل منزل، بحسب ما قال أحد متعهدي البناء في درعا البلد، في حديث لعنب بلدي.

ويقول المتعهد إن ترحيل الأنقاض للمنازل المدمرة يحتاج لمعدات ثقيلة وتركسات وشاحنات، وجميعها مكلف، لا يغطيه الدعم البسيط الذي حصلت عليه منازل المدينة.

لكن ذلك الدعم كان مقتصرًا على أحياء درعا البلد، فيما لم تتلق مناطق الأرياف والمناطق الأخرى من محافظة درعا أي دعم، وذلك لتوقف المنظمات الدولية بعد منعها من النظام السوري.

انخفاض أسعار المواد يساعد

وساعد انخفاض أسعار مواد البناء الأهالي على إعادة ترميم منازلهم بحسب استطاعتهم المالية، بما أزاح عنهم عبء الغلاء المتفشي سابقًا، وشجع الكثيرين منهم على فكرة الترميم.

ويعود انخفاض الأسعار بعد فتح الطرق الرئيسية بين محافظتي درعا ودمشق، وإزالة حواجز الترفيق شرقي داعل، والتي كانت تفرض رسومًا على عبور الشاحنات، إلى جانب هبوط أسعار المازوت من 500 إلى 180 ليرة.

أحمد الزعبي، صاحب مقلع لمواد البناء، قال لعنب بلدي، “بعد فتح الطرقات انخفضت الأسعار لتنخفض معها التكلفة بشكل لافت، بعد أن كان الأمر محصورًا بالطريق الحربي بين درعا والسويداء”.

وهذا ما أكده أنيس محمد، أحد العاملين في معمل بلوك، بعد أن لاحظ حركة الإقبال المتزايدة على شراء المواد وخاصة البلوك، عازيًا ذلك لانخفاض أسعار الرمل والإسمنت والمحروقات.

وسجلت أسعار الرمل للمتر المربع سبعة آلاف ليرة بعد أن كانت 11500 ليرة، وكيس الإسمنت بوزن 50 كيلو 2500 بعد أن كان 2800 ليرة، إضافة إلى تراجع ثمن البلوكة الواحدة إلى 140 ليرة، بعد أن كانت 180.

الحرب دمرت “تحويشة العمر”

وكان أحد أهالي بلدة عتمان (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية) قال عند العودة إلى البلدة في أيار الماضي، لعنب بلدي، “ليست كما غادرناها أبدًا، لكنها كما توقعنا بالضبط، فمشاهد الدمار الذي حلّ بالبلدة كانت متوقعة، وما تبقى من منازل لم تهدم كانت قد سُرقت بالكامل”.

وأضاف، “لك أن تتخيل كيف يكون المنزل قبل الكساء، المفروشات مسروقة بالكامل وتم فك وسرقة المطابخ والحمامات، حتى تمديدات الكهرباء والمياه لم تسلم من السرقة، وباختصار المنزل غير المدمر يحتاج إلى إعادة إعمار وإكساء جديد”.

وتشير التقديرات الحالية إلى أن ما يُقارب 40 عائلة من بلدة عتمان استطاعت العودة وتفقد منازلها، وهو رقم ضعيف جدًا مقارنة بعدد سكان البلدة الأصلي الذي يتجاوز 1500 عائلة.

وبعد سيطرة قوات الأسد على محافظة درعا في تموز الماضي، وخروج فصائل المعارضة ضمن اتفاق بين الطرفين، بدأ أهالي درعا النازحون في أماكن عديدة، بالعودة تدريجيًا إلى منازلهم، بعد رحلة نزوح دامت لسنوات أو أشهر.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة