مشاتل تل شهاب.. الحكومة تفصل العمال وترحّل الغراس إلى إزرع

camera iconمشاتل تل شهاب كانون الأول 2018 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – درعا

“بعد دخول الجيش توقف عملنا بمشتل تل شهاب، وراجعنا مديرية الزراعة واستكملنا الأوراق المطلوبة لعودتنا للعمل، لكن تفاجأنا بسحب المولد الكهربائي من المشتل، ومن بعده ترحيل الغراس دون أي أمل بعودتنا للوظيفة في المدى القريب”.

هكذا يصف أبو محمد الحال في قريته، وهو أحد العمال السابقين في مشتل تل شهاب بريف درعا، الذين خسروا وظيفتهم بعد دخول “قوات الأسد” إلى المحافظة في تموز الماضي، بموجب اتفاقات تسوية بعد حملة عسكرية مكثفة.

مع نهاية شهر تشرين الثاني الماضي، ومطلع كانون الأول الحالي بدأت مديرية الزراعة في حكومة النظام السوري، بمحافظة درعا، بترحيل غراس الزيتون من مشتل تل شهاب الزراعي إلى مدينة إزرع، رغم أن سحب الغراس في هذا الوقت من السنة يضر بها.

وسبق أن رحّلَت مديرية الزراعة في الشهر الماضي المولد الكهربائي الذي يعمل على تشغيل المضخات لري الغراس.

عمال المشتل.. فريسة للبطالة

بعد الجهود التي بذلها عمال المشتل في إعادة تأهيله، عمدت مديرية الزراعة إلى فصلهم بعد أن فككت المشتل، ورغم وعودها بإعادتهم إلا أن أيًا من العمال المفصولين لم تتم إعادته إلى عمله.

ووفرت المشاتل أكثر من 40 فرصة عمل كانت قابلة للزيادة مع التوسع في العمل، ولكن دخول قوات الأسد إلى المنطقة الجنوبية، وتفكيك المشتل وسيطرة مديرية الزراعة حال دون ذلك، بحسب عضو مجلس المحافظة.
يشرح أحد العاملين المفصولين من المشتل لعنب بلدي (فضل عدم ذكر اسمه) مدى تأثير قرار الفصل على حياته وحياة زملائه، “كان العمل يوفر لنا دخلًا نستطيع به مجابهة صعوبات الحياة، وقد بدأنا براتب صغير ولكن مع تطور الإنتاج تحسن راتبنا حتى وصل إلى 40 ألف ليرة سورية (حوالي 95 دولارًا أمريكيًا)”.

لم ينتظرهم النظام لقطاف ثمرة جهدهم

عضو سابق بمجلس محافظة درعا الحرة، طلب عدم ذكر اسمه، قال لعنب بلدي “كانت الفكرة في البداية المحافظة على الأملاك العامة والعمل على عودة المشاتل للإنتاج بشكل تدريجي، ورغم ضعف الإمكانيات ونقص المعدات استطعنا وضع اللبنة الأولى والمتابعة حتى وصل إنتاج المشاتل إلى درجة ممتازة بعد تبني المشاتل من قبل مشروع سوريا للخدمات الأساسية وإشراف المكتب الزراعي بمجلس محافظة درعا”.

وبدأت إعادة تأهيل المشاتل الجنوبية عام 2015 بعد توقف دام ثلاث سنوات بحكم الظروف الأمنية التي عانتها المنطقة، واستطاعت المحافظة استعادة جزء صغير من نشاطها الزراعي رغم ضعف الإمكانيات والبنى التحتية والدعم المقدم للمشروع.

يضيف عضو مجلس المحافظة السابق، “استطاع المشتل خلال الخطة الأولى لمشروع سوريا للخدمات الأساسية إنتاج 700 ألف غرسة زيتون، وإنتاج غراس الرمان والجوز والمشمش والخوخ وإنتاج أشجار الحراج كالكينا والسرو،
وفي العام الثاني كانت الخطة أكبر وتوسعت للعمل بالمشاتل التابعة لمجلس المحافظة بذاك الوقت (مشتل تل شهاب المركزي)، وعمدت إدارة المشاتل إلى توزيع الغراس بسعر رمزي على مزارعي المنطقة الجنوبية، في الوقت الذي كانت تباع فيه غرسة الزيتون بـ 2500 ليرة سورية باعتها إدارة المشاتل بسعر 200 ليرة، وتم إنتاج أعداد كبيرة من أشجار الكينا ليكون للمشاتل الزراعية بصمة في إعادة تشجير الأماكن العامة”.
في عام 2016 تبنى مشروع سوريا للخدمات الأساسية خطة إنتاجية استطاعت رفع القدرة الإنتاجية للمشاتل، حيث زود المشروع المشاتل بمولدات كهربائية وبيوت بلاستيكية للتعقيل ولوازم العمل، بما فيها رواتب العمال لعام كامل.
وعمل المشروع على تزويد المشاتل ببيوت بلاستكية مع تأمين كل المواد الأولية لتعقيل غراس الزيتون والتي تحتاج إلى خبرة فنية ولوجستية نظرًا لحساسية تلاؤم العقل مع البيئة وتأمين الحرارة المطلوبة.
مهندس زراعي من قرية تل شهاب من خارج فريق عمل المشتل، طلب عدم ذكر اسمه، قال لعنب بلدي إن المشاتل وفّرت على الناس الكلفة العالية لشراء الغراس، مضيفًا، “اليوم بعد أن تأمل الناس بعودة مؤسسات الدولة ومتابعة الأعمال بالمؤسسات القائمة والتي تم الحفاظ عليها، نجد أن الدولة سارت في نهج تصحير المشاتل، وبدل العمل على استكمال ما توصل إليه فريق إدارة المشاتل، وأدت الفكرة وقطعت المياه ليموت خضار الأشجار ويعود حطامًا”.

ماذا تعرف عن مشتل تل شهاب

يعتبر مشتل تل شهاب من أقدم المشاتل الزراعية في سوريا، ويعود إنشاؤه إلى عام 1948، حين تخصص بإنتاج غراس الزيتون بطريقة الإكثار الخضري، وكانت وزارة الزراعة تصدّر منتجات المشتل من الزيتون إلى أغلب الدول العربية، وخاصة الأردن والعراق والسعودية وقطر والسودان وسلطنة عمان.

وفي عام 2012 توقف المشتل عن الإنتاج بعد خروجه عن سيطرة النظام السوري، فتحولت ملكية الأراضي العامة في المشتل إلى ملكية خاصة، حين بدأ بعض المواطنون استثمار أراضيه مستغلين الانفلات الأمني.

ومع ذلك استطاعت المشاتل الجنوبية، هذا العام، تصدير منتجاتها إلى حماة والقنيطرة وحوران، رغم صعوبة توفر طريق دائم للتصدير بين المحافظات السورية.

في حين كان يركز إنتاج المشاتل على تغطية الاحتياجات الزراعية للمنطقة الجنوبية في سوريا بشكل كامل، وقامت مؤخرًا ببيع 60 ألف غرسة كينا بسعر 100 ليرة سورية للغرسة الواحدة، أما سعر غرسة المشمش والدراق والخوخ المطعم فيبلغ 200 ليرة، والإجاص بين 300 إلى 400 ليرة للغرسة الواحدة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة