طبيب سوري ينقذ يد «ثائر» من البتر عبر زرعها في تجويف البطن

tag icon ع ع ع

نور ملاح

تعاني المناطق المحررة من ريف حلب واقعًا طبيًا مترديًا، كمناطق كفر حمرة وعندان وحريتان، التي تشكل منطقة اشتباكات متواصلة لمحاذاتها فرع المخابرات الجوية من جهة، ومجاورتها لقريتي نبل والزهراء اللتين يقطنهما موالون للأسد وتتمركز فيهما الميليشيات الشيعية التابعة له؛ لذا كثرت في الآونة الأخيرة حالات بتر الأطراف نظرًا لصعوبة الإصابات الناتجة عن القصف والاشتباكات المتواصلة، وفقدان الأمل من شفائها.

أحمد (17 عامًا) كان طالبًا في المدرسة الثانوية ويحلم بالوصول إلى الهندسة المعمارية كما يقول؛ لكنه شارك بـ «حماس» في المظاهرات التي قوبلت بالقمع والرصاص حين اندلعت الثورة، ليلجأ إلى حمل السلاح كحال شباب آخرين في المنطقة ومنهم أخوان له استشهدا في المعارك ضد قوات الأسد في جبهة نبل والزهراء.

وخلال إحدى المعارك على جبهة الجوية، حاول أحمد سحب مسمار الأمان من القنبلة اليدوية استعدادًا لرميها على خط النار؛ لكنها انفجرت في كفّه مسببةً ألمًا شديدًا وتمزقًا في اللحم والجلد، لتصبح يده عارية تقريبًا من أي نسيج عضلي ويبقى العظم فقط.

نُقل أحمد إلى أحد المشافي الميدانية في المنطقة (التي نتحفظ على موقعها لأسباب أمنية) وعاين الدكتور رامي إصابته، مقررًا استخدام طريقة جديدة لإنقاذ الطرف المصاب.

وتدخل الطبيب بشق جدار في البطن وزرع كف المصاب داخله لمدة شهر؛ ثم استخرج الكف بعد ذلك ملاحظًا تشكّل نسيجٍ عضليٍ ولحميٍ، وبدأ النسيج بالترميم ببطء حتى ظهر اليوم بحالة جيدة.

وينقل أحمد أن الحالة النادرة أثارت ذهول الأطباء الذين عاينوا يده لاحقًا، ولم يصدقوا أنها فقدت معظم نسيجها اللحمي والعضلي في السابق.

ويعلق الدكتور ياسر تفنكجي، جراح العظام المتخصص في جراحة اليد، على التقنية بالقول «مثل هذه الإصابات الناجمة عن شظية أو طلق ناري، وهي شائعة جدًا في الحروب، تسبب أذية في الأنسجة الرخوة كالجلد والعضلات والأوعية الدموية، لذلك تتعرض معظم الأطراف المصابة للبتر بسبب انقطاع التروية الدموية والأذية البالغة في الأنسجة الرخوة».

ويردف «لذلك يعمد الجراحون في بعض الحالات الخاصة، حيث الإصابة محدودة وتقتصر على الجلد وبعض العضلات، إلى زرع العضو المصاب وبشكل خاص اليد تحت جلد البطن لـ 3 أسابيع على الأقل، لتكتسب هذه المناطق التروية الدموية من جلد البطن».

ثم يخرج الجراح اليد من جلد البطن ويغلق الجرح «سهل الإغلاق»، بعد أن تكتسب اليد أنسجة رخوة من جديد متلافيًا بترها؛ كما يقول الدكتور تفنكجي.

لكن الطفلة وردة، وهي في التاسعة من عمرها، لم تكن ممن حالفهم الحظ واستطاعوا أن يحتفظوا بأطرافهم دون بتر، حالها حال الكثيرين من أطفال سوريا، إذ أصيبت بشظايا جراء سقوط برميل متفجر على مدينة عندان، ما أدى إلى تهتك كامل في الطرف العلوي على مستوى العضد.

ولم يستطع الأطباء إنقاذ الطرف بسبب الأذية البالغة في العظم والأنسجة الرخوة، ما اضطر الأطباء لإجراء بتر بمستوى أعلى العضد؛ كما ينقل الدكتور تفنكجي «للأسف كان البتر بمنطقة عالية جدًا بحيث لا يمكن تركيب مفصل أو طرف صناعي في المستقبل».

وأصحبت حالات بتر الأطراف شائعة في سوريا وخصوصًا بين فئة الشباب والأطفال، وعليه نشطت مؤخرًا منظمات دولية ومبادرات فردية في محاولة لتركيب أطراف صناعية للأطفال الذين بترت أطرافهم، على أمل أن يستطيعوا إكمال حياتهم بشكل قريب من الطبيعي.

يذكر أن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة تعاني، بالإضافة إلى القصف المستمر من قبل قوات الأسد، من نقصٍ شديد في الأطباء والإمكانيات الطبية، إذ تستهدف الكوادر الطبية من مسعفين وأطباء وممرضين في المشافي الميدانية، كما يُعتقل الأطباء الذين ساهموا في علاج الجرحى من المعارضين منذ بداية الثورة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة