الأسعار مضاعفة والمنتج المحلي غائب

المفروشات السورية حلم مستحيل

camera iconعامل مفروشات في مدينة سقبا بالغوطة الشرقية- 13 آب 2018 (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد حمص

قررت لما، ابنة مدينة حلب (31 عامًا)، الانتقال مع زوجها وأطفالها من سكنها المؤقت، إلى منزلها الدائم، لكنها اضطرت إلى إرجاء فكرتها بعدما اصطدمت بعقبتي أسعار الأدوات الكهربائية المنزلية وأسعار المفروشات، ووقفت أمام خيارين، إما شراء المفروشات المستعملة، التي قد تكون مسروقة، أو تحمل نفقات شراء المفروشات الجديدة، بينما يتطلع آخرون إلى شراء مفروشات تركية أو صينية تعتبر أرخص بشكل كبير من السورية.

ويعتبر مشروعا الزواج ونقل السكن في سوريا من أصعب الخطوات وأكثرها كلفةً على المواطنين الذين يعيشون أساسًا حالة من تدني المستوى المعيشي وضعف القدرة الشرائية وتضاعف الأسعار.

أسعار المفروشات ارتفعت عشرات الأضعاف عن سعرها الأصلي بسبب عوامل عديدة، على رأسها الحصار الاقتصادي الذي تشهده سوريا وخسارة العملة السورية قيمتها أمام العملات العالمية إلى جانب خسارة معامل المفروشات والأسواق المحلية وأسواق التصدير.

وشهد سوق المفروشات المحلية تبدلات عديدة منذ عام 2007 حتى يومنا هذا، أثرت في الإنتاج وأسعار المبيع والشراء والتصدير.

تضاعف أسعار المفروشات من 8 إلى 10 أضعاف

منذ 2010 حتى اليوم، ارتفعت أسعار الموبيليا والمفروشات حتى وصلت إلى عشرة أضعاف، ويتراوح سعر غرفة النوم ما بين مليون ومليون ونصف ليرة سورية (كل دولار يقابل 500 ليرة تقريبًا) للجودة المتوسطة والجيدة، فيما يصل سعر غرفة نوم الأطفال حتى 900 ألف ليرة ابتداء من 700 ألف، وفق ما رصدت عنب بلدي.

ويبلغ سعر غرفة الجلوس (اللف) نحو 700 ألف ليرة للبضاعة متوسطة الجودة والصناعة، بينما يتجاوز سعر غرفة الجلوس (الحفر) مليونًا و400 ألف ليرة سورية، ويبلغ ثمن طاولة الشاي 100 ألف ليرة سورية بحد وسطي.

وبالعودة إلى أسعار عام 2010، قسم سمير طاطين، وهو صاحب إحدى صالات المفروشات في سقبا بالغوطة الشرقية، أثاث المنزل إلى ثلاث طبقات، طبقة الفقراء، والطبقة المتوسطة، والطبقة المرفهة.

وتتغير أسعار المفروشات، وفق طاطين، بالنظر لتغير نوع الخشب والصناعة وجودة الصناعة.

وكان سعر غرفة النوم للخشب من نوع “MDF” يتراوح بين 35 و55 ألف ليرة حسب جودتها، مشيرًا إلى كونها منخفضة إجمالًا، بينما يتراوح ثمن غرفة الجلوس بين 15 و35 ألف ليرة سورية، مشيرًا إلى أن هذه الأسعار لا تشمل مناطق سقبا وحمورية في الغوطة التي كانت الصناعة فيها مرتفعة السعر بالمقارنة بمناطق داريا وحمص وحلب.

وكان سعر غرفة النوم متوسطة الجودة يبدأ من 75 ألف ليرة وصولًا إلى 125 ألف ليرة، بخشب جيد (زان وبلاكيه)، فيما يتراوح سعر غرفة الجلوس من الصناعة المتوسطة حتى الممتازة من 40 إلى 200 ألف ليرة.

وقال طاطين إن أسعار غرف النوم للطبقة الغنية والمرفهة كانت تبدأ من 150 ألف ليرة سورية حتى نصف المليون ليرة سورية، ولكن هذه البضاعة هي ذات طلب محلي أقل.

المصدر : المكتب الوطني للإحصاء

 

انتكاسات مرت بها الصناعة المحلية

مرت صناعة المفروشات في سوريا بعدة مراحل، سببت انتكاسات سواء على مستوى الصناعة أو على المستوى التسويقي والبيع.

وتتمثل الانتكاسة الأولى بدخول البضائع التركية والصينية إلى السوق السورية، والتي تعتبر أرخص سعرًا من المصنوعة محليًا وذات تصاميم أحدث إلى جانب كونها عملية في الشقق الصغيرة على عكس المحلية التي تحتاج إلى مساحات داخل المنزل.

دخول تلك المفروشات جعل العملاء والمستهلكين يتوجهون نحوها ما سبب انخفاض مبيعات المفروشات المحلية  على الرغم من كونها ذات جودة أفضل.

وعقب دخول المفروشات المستوردة ما بين عامي 2005 و2007، أقام أصحاب صالات وتجار مدينة سقبا بالغوطة الشرقية مهرجان المفروشات الأول في سوريا عام 2008 بحضور شخصيات رسمية من محافظتي دمشق وريفها وغرفة صناعة دمشق وريفها.

وجاء المهرجان لتشجيع السوق المحلية، واستعادة المستهلك السوري، الذي تحول إلى المفروشات الأجنبية، وفق ما ذكر طاطين.

والنكسة الثانية التي تعرض لها السوق هي امتداد الحرب إلى معظم المناطق الصناعية التي تصنع فيها المفروشات الشرقية والغربية والأرابيسك، لا سيما الغوطة الشرقية، التي تعتبر واحدة من أكبر أسواق صناعة المفروشات، وداريا في الغوطة الغربية ومنطقة الشيخ نجار الصناعية في حلب، ما تسبب بإغلاق المصانع والورشات، وعزوف اليد العاملة وخروجها من سوريا، إلى جانب هروب رؤوس الأموال والتجار، ثم العقوبات الاقتصادية التي أوقفت التعامل التجاري مع دول الجوار، وأغلقت أسواق التصريف.

توزع صناعة المفروشات في سوريا

تعتبر محافظتا ريف دمشق وحلب أبرز المحافظات السورية في صناعة المفروشات، فيما تغطي الصناعة في بقية المحافظات الحاجة المحلية فقط.

وتتوزع مناطق صناعة المفروشات في ريف دمشق على بلدة حمورية للصناعة، ومدينة سقبا للصناعة والبيع، وعربين للصناعة، وداريا للصناعة والبيع، بالإضافة إلى جوبر التي تختص بصناعة مفروشات شرقية ذات أسعار باهظة، وتصدّر معظم المصنوعات منها.

ويوجد في مدينة دمشق سوق واحد لبيع المفروشات في شارع العابد، بالإضافة إلى صالات العرض والبيع المتفرقة.

وفي حلب تعتبر منطقة شيخ نجار الصناعية أبرز المناطق لصناعة المفروشات في سوريا، بينما تنتشر الصناعة في مناطق أخرى ولكنها أقل تركيزًا من شيخ نجار وهي في أحياء بالصالحين والمشهد والفردوس.

أزمة هجرة العمالة السورية

كما هو الحال في بقية الصناعات، عانى قطاع المفروشات من هجرة العمالة والحرفيين المسجلين بشكل كبير إلى دور الجوار، لا سيما إلى تركيا التي تعتبر واحدة من أهم منتجي المفروشات في المنطقة.

وبلغ عدد الحرفيين المنتسبين للجمعية في ريف دمشق عام 2010، نحو 2375 حرفيًا يصنعون كل أنواع المفروشات باستثناء غير المسجلين داخل الجمعية والذين يبلغ عددهم أضعافًا. ونقلت الوكالة العربية للأنباء (سانا) عن أمين سر الجمعية الحرفية للتجارة أن حرفيي صناعة المفروشات في دمشق يبلغ نحو 1300 حرفي.

ووفق أرقام المكتب المركزي للإحصاء في إحصائيات عام 2008 فإن مستوردات القطاعين العام والخاص من المفروشات بلغت نحو 46987 طنًا قيمتها نحو ثلاثة ملياراة ليرة فيما بلغت الصادرات من المفروشات 58428 طنًا بقيمة 765 مليار ليرة سورية.

وخلال سنوات الحرب تم تفريغ سوريا من اليد العاملة الماهرة نتيجة الأعمال العسكرية، بالإضافة إلى أسباب أخرى شملت هروب الشباب من الخدمة العسكرية الإلزامية أو من الاعتقالات الأمنية، كما أدى الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار إلى هجرة العاملين بحثًا عن واقع اقتصادي أفضل في أسواق الدول المجاورة.

وتغيب الإحصائيات الرسمية عن عدد العاملين اللاجئين خارج سوريا سواء العاملون بسوق المفروشات أو عدد العمال الإجمالي.

وفي تصريحه لوكالة “سبوتنيك” الروسية، قال رئيس اتحاد العمال في سوريا، جمال القادري، في نيسان الماضي، “إن الشركات والمؤسسات تشكو من نقص العمالة” موضحًا عن أن عدد المنتسبين للاتحاد كان مليونًا و200 ألف عامل سابق في حين يقارب حاليًا 950 ألف عامل.

في حين نقلت صحيفة “الثورة” الحكومية عن رئيس المكتب الاقتصادي في الاتحاد العام للعمال، عمر حورية، في أيلول 2016، أن قوة العمالة المهاجرة تزيد على المليون عامل معظمهم من الاختصاصيين والفنيين والمهنيين وأصحاب العمل.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة