بخطوات بطيئة.. “الإنقاذ” تحاول تطويع مجالس إدلب

camera iconالعملية الانتخابية في بلدة عينجارة بريف حلب الشمالي- 24 من تشرين الثاني 2018 (مجلس عينجارة)

tag icon ع ع ع

إدلب – شادية تعتاع

انعكست السيطرة السريعة لـ “هيئة تحرير الشام” على بقية محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بشكل مباشر على قطاعات الحياة الخدمية والمدنية.

وجاء ذلك بعد المعارك الأخيرة التي دارت بين “هيئة تحرير الشام” من جهة و”الجبهة الوطنية للتحرير” من جهة ثانية، أفضت إلى سيطرة “الهيئة” على مناطق إدلب وريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي، مطلع العام الحالي.

تمكنت “حكومة الإنقاذ” من بسط نفوذها الإداري على محافظة إدلب وريف حلب الغربي بعد عام ونصف من تأسيسها، عقب اتفاق بين “هيئة تحرير الشام” و“الجبهة الوطنية للتحرير”، نص على جعل المنطقة كاملة تابعة لها.

“حكومة الإنقاذ” كانت بدأت بفرض سيطرتها عندما وجهت في 12 من كانون الأول 2017، إنذارًا إلى “الحكومة السورية المؤقتة” يقضي بإمهالها 72 ساعة لإغلاق مكاتبها في محافظة إدلب والخروج من المنطقة.

وعقب سيطرتها، في مطلع كانون الثاني الحالي، أجبرت “تحرير الشام” معظم المجالس المحلية في المناطق التي سيطرت عليها حديثًا على فك ارتباطها بـ “الحكومة المؤقتة”، خاصة المجالس في ريف حلب الغربي التي كانت تحتضن النسبة الأكبر من مكاتب “المؤقتة” وتؤمّن لها الدعم.

وقال رئيس المجلس السابق بمدينة الأتارب، ياسر عبد الرزاق، لعنب بلدي، حول آلية العمل في المجلس المحلي مؤخرًا، إنه “لم يتغير أي شيء ونحن كنا قد أعلنا عن إنهاء عملنا بالمجلس سابقًا في مطلع كانون الثاني، وتم اختيار رئيس مجلس جديد من قبل الهيئة الثورية وبعض الأسماء من قبلنا”.

وأضاف عبد الرزاق أن “الإنقاذ” عينت بعض الأسماء بمن فيهم رئيس المجلس وبعض الأعضاء دون علم المجلس القديم.

واعتبر عبد الرزاق أن فرض “حكومة الإنقاذ” سيطرتها على المجالس المحلية “ليس أمرًا صائبًا” لأنه يضعف ارتباط المجلس بالمنظمات الداعمة للمشاريع التي كانت تتبناها المجالس، خاصة وأن السياسة الجديدة للحكومة ما زالت مبهمة بالنسبة للداعمين، بحسب تعبيره.

تفادت “الإنقاذ” الصدام المباشر مع المجالس المحلية التي امتنعت وأبدت مقاومة لنفوذها كمجالس معرة النعمان ومعرة حرمة، في ريف إدلب الجنوبي، ولكنها فرضت عليها تعيين أشخاص محسوبين عليها فيما يبدو محاولة للسيطرة تدريجيًا. هذا الأسلوب يشابه الحرب الناعمة التي اتبعتها “تحرير الشام” في حربها الأخيرة ضد فصائل المعارضة المسلحة.

وفي تصريح مصدر مسؤول في مجلس مدينة إدلب المحلي، والذي تحفظ على ذكر اسمه، حول عمل المجلس في ظل حكومة “الإنقاذ” قال، “بالنسبة لمجلسنا فحكومة الإنقاذ تتولى الأمر قبل السيطرة الكاملة على المجالس الموجودة في أرياف إدلب، ولم نتلقَّ حتى الآن من حكومة الإنقاذ أمرًا بحل المجلس القديم، بل بالعكس هناك مشاريع في المستقبل القريب سيتم تفعيلها على الأرض، كتفعيل سوق الخضار في المدينة وظاهرة البراكيات العشوائية”.

وأردف المصدر، “بما أنه توجد حكومة وأصبحت هي المسيطرة الآن ولا نستطيع إخفاء ذلك، فسيكون عملنا تحت إشرافها لتسيير الأمور قدر المستطاع”.

ولكن سيطرة “تحرير الشام” و”حكومة الإنقاذ” انعكس سلبًا على عدة قطاعات، فقد علقت منظمات أوروبية دعمها لمشاريع إنسانية في الشمال السوري.

وفي حديث لعنب بلدي مع مدير صحة إدلب، منذر خليل، قال فيه إن بعض المؤسسات الأوروبية وخاصة الفرنسية والألمانية والاتحاد الأوروبي علقت دعمها لكل مديريات الصحة في إدلب وحلب وحماة واللاذقية.

وأضاف خليل أن السبب الرئيسي للتوقف بحسب المنظمات هو تغير السيطرة العسكرية على الأرض.

وفي حديث سابق مع مدير الحوكمة وبناء القدرات في وحدة المجالس المحلية في الحكومة السورية المؤقتة (LACO)، مظهر شربجي، تحدّث عن الأضرار التي لحقت ببعض المجالس المحلية في إدلب عقب سيطرة “حكومة الإنقاذ”.

وقال شربجي، “الجهات الداعمة تتعامل مع المجالس المحلية المعتدلة التي تتبع للحكومة المؤقتة، والتي تحظى باعتراف دولي، وبوجود حكومة الإنقاذ، امتنعت الجهات الداعمة عن توصيل الدعم لأي مجلس لا يتبع للحكومة المؤقتة”.

وأضاف، “المنظمات لديها قوائم رفض (فيتو) لبعض المناطق التي تسيطر فيها حكومة الإنقاذ”.

ويقدر شربجي نسبة المجالس المحلية المتضررة في إدلب بين 50% و60% من المجالس في إدلب، أي حيث تسيطر حكومة الإنقاذ، ويرى أن الداعمين يتخوفون من استيلاء “الإنقاذ” على الأموال التي يمكن أن تقدم للمشاريع الإنسانية وتوجيهها في أمور أخرى.

وفي آخر إحصائية نشرها فريق “منسقي الاستجابة”، 26 من كانون الأول الماضي، بلغ عدد المدنيين في محافظة إدلب ثلاثة ملايين و800 ألف نسمة إلى جانب 753 ألف نسمة في مناطق حلب و149 ألفًا و482 نسمة في أرياف حماة الخاضعة لسيطرة المعارضة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة