لماذا تحدث الحساسية الدوائية

الحساسية الدوائية
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

ليس هناك إنسان إلا ويستخدم بعض الأدوية بين الحين والآخر لعلاج مشكلات مرضية قد تصيبه، ومن المحتمل أن يُحدث أي دواء من الأدوية المستعملة، سواء كان مركبًا كيميائيًا أو متممًا غذائيًا أو مستحضرًا عشبيًا، رد فعل تحسسيًا لدى المريض، ومن بين المرضى الذين يعالجون بنفس النوع من الدواء نجد لدى نسبة صغيرة منهم رد فعل تحسسيًا تجاهه، بينما يستخدمه آخرون دون أي مشاكل تحسسية، لكن من الضروري التعريف بتظاهرات الحساسية تجاه الأدوية وطريقة التعامل معها عند حدوثها.

ما المقصود بالحساسية الدوائية

الحساسية الدوائية Drug Allergy هي قيام جهاز مناعة الجسم بمهاجمة الدواء بالخطأ، مُسببًا حدوث التهاب تتظاهر أعراضه على المصاب بعدة أشكال تختلف حسب شدة الحساسية، فقد تقتصر على احمرار الجلد والرغبة بالحكة، وقد تصل إلى درجات شديدة مسببة فقد الوعي وما يسمى بالصدمة التحسسية (التأق).

وقد يعاني الشخص من حساسية الدواء عند تناوله لأول مرة، وقد يعاني منها بعد تناوله الدواء لعدة مرات.

وتختلف حساسية الدواء عن الآثار الجانبية للدواء، والتي هي ردود فعل محتملة معروفة لكل نوع من الأدوية.

كما تختلف حساسية الدواء عن سمية الدواء، والتي تنتج عن تناول جرعة زائدة من الدواء.

وتختلف أيضًا عن عدم تحمل الدواء، والذي هو رد فعل من الجسم تجاه أحد الأدوية، تنتج عنه علامات وأعراض تشبه تلك الخاصة بالحساسية تجاه الدواء، لكنه غير مرتبط بجهاز المناعة، ولا يعتمد على التعرض المسبق للدواء، وأكثر ما يشاهد عند استخدام الأسبرين والصبغات المستخدمة في اختبارات التصوير (المواد الظليلة للأشعة) والأدوية المنومة لعلاج الألم وأدوية التخدير الموضعي.

ما أعراض الحساسية الدوائية؟

قد يبدأ ظهور أعراض التحسس على الدواء في غضون لحظات بعد تناول الدواء مباشرة، وقد تظهر في حالات أخرى بعد مضي ما يقارب 12 ساعة من تناوله، وقد تتراوح حدة هذه الأعراض بين أعراض خفيفة وأعراض خطيرة جدًا، وأشيع الأعراض:

  • طفح جلدي واحمرار، حكة، بثور على الجلد، وهي الأكثر شيوعًا.
  • عطاس واحتقان بالأنف.
  • احمرار العينين.
  • تورم الشفاه.
  • سعال، وصدور صوت صفير أو وزيز بالصدر، وشعور بضيق وصعوبة في التنفس.
  • تورم اللسان وألم بالحلق عند البلع.
  • دوار وغثيان وإقياء وآلام بالبطن.
  • زيادة سرعة ضربات القلب.
  • الشعور بدوار الرأس.
  • اختلاجات.
  • فقدان الوعي بسبب هبوط ضغط الدم (صدمة تحسسية).

ما آلية حدوث الحساسية الدوائية؟

هناك آليتان لحدوث الحساسية الدوائية:

  1. التحسس المرتبط بالغلوبيولين المناعي E (IgE): عند دخول الدواء إلى الجسم قد يقوم جهاز المناعة لدى المريض بتفعيل مضادات من نوع IgE لمقاومة الدواء، وعندما يتناول المريض الدواء للمرة الثانية يؤدي ذلك إلى ارتباط الدواء بالمضادات الموجودة مسبقًا وتنشيط سلسلة من ردود الفعل تسفر في نهايتها عن إفراز كمية كبيرة من الهيستامين ومواد أخرى، وتؤدي هذه المواد إلى تأثيرات حساسية فورية تظهر خلال دقائق وحتى ساعة من تناول الدواء، ويسمى رد الفعل هذا بالتآق Anaphylactic، ويكون شديدًا ومهددًا للحياة، حيث يشمل احمرار الجلد وسخونته، وتشنجًا قصبيًا، ووذمة حنجرة، وغثيانًا وإقياء، وتسرع قلب، وهبوط ضغط، وغيابًا عن الوعي، وقد تحدث الوفاة في حال عدم إسعاف المريض بسرعة.
  2. فرط الحساسية الآجل أو المتأخر: يُعد هذا التفاعل التحسسي تجاه الأدوية أبطأ بكثير من التفاعل التحسسي المرتبط بالغلوبيولين المناعي، إذ يحدث هذا التحسس خلال بضعة أيام أو أسابيع، وفي هذا النوع من التحسس يستجيب الجهاز المناعي بتحفيز نوع من خلاياه تعرف بالخلايا التائية، وهذا يتسبب بإطلاق بعض المركبات في الجسم مثل السيتوكينات والإنترلوكين، وعلى الرغم من أن هذه المركبات غالبًا ما تؤثر في الجلد مسببة ظهور الطفح الجلدي وأعراض شديدة ناتجة عن الإصابة بمتلازمة ستيفين جونسون، إلا أنها قد تؤثر في الأعضاء الداخلية (الكبد والرئتين والكلى والقلب) وقد يرافقها ارتفاع الحرارة.

ما العوامل التي تزيد من احتمال ظهور الحساسية الدوائية؟

التركيبة الكيميائية للدواء، فيمكن للبينسلين والسولفا أن يسببا الحساسية أكثر من أنواع أخرى من المضادات الحيوية، والأمر نفسه ينطبق على الأدوية المستخدمة لعلاج الصرع مثل فينيتوئين وكاربامازبين.
يتضاعف احتمال حدوث رد فعل الحساسية إذا تناول المريض الدواء في أوقات متقاربة.
يتفاقم احتمال حدوث رد فعل الحساسية في حال تناول كميات كبيرة من الدواء.
يتزايد احتمال حدوث رد فعل الحساسية إذا تم تسريب الدواء عبر الوريد.
يتزايد احتمال حدوث رد فعل الحساسية إذا كانت هنالك رد فعل مشابه في الماضي.
خلافًا للاعتقاد السائد، فإن التاريخ المرضي للعائلة المتعلق بالحساسية لدواء معين، لا يضاعف احتمالات إصابة أفراد العائلة الآخرين بالحساسية.

كيف تشخص الحساسية الدوائية؟

عادة ما يتم التشخيص عن طريق القصة المرضية والفحص السريري، فتوقيت ظهور الأعراض، وتوقيت أخذ الأدوية، وتحسن الأعراض أو تفاقمها، كلها تساعد في وضع التشخيص، ومع ذلك قد يلجأ الطبيب إلى بعض الاختبارات:

اختبار الجلد: يقوم الطبيب بحقن كمية صغيرة من الدواء المشتبه فيه بواسطة إبرة صغيرة تحت الجلد، فإذا تشكل نتوء بارز بلون أحمر ومثير للحكة مكان الحقن فهذا يعني أن النتيجة إيجابية، وهذا يشير إلى وجود حساسية تجاه هذا الدواء، أما النتيجة السلبية فليست واضحة، ولكن عادة ما تعني النتيجة السلبية أنه ليست هناك حساسية تجاه الدواء، إلا أنه بالنسبة لبعض الأدوية قد لا تستبعد النتيجة السلبية تمامًا احتمالية وجود حساسية تجاه هذه الأدوية.

فحوصات الدم: تستخدم لاستبعاد وجود مشاكل صحية أخرى قد تكون المسبب لظهور مثل هذه الأعراض.

كيف يتم علاج الحساسية الدوائية؟

في حالة التأق يجب حقن الأدرينالين فورًا في العضل ونقل المريض إلى المشفى بأقصى سرعة للحفاظ على ضغط الدم ودعم التنفس.

أما في حالات الحساسية الأقل حدة فيشمل العلاج:

  1. وقف الدواء: هو الخطوة الأولى في العلاج، وفي العديد من الحالات قد يكون هذا هو التدخل الوحيد اللازم.
  2. إعطاء مضادات الهيستامين: مثل ديفينهيدرامِين أو سيتريزين، والتي يمكنها أن تحجب المواد الكيميائية من الجهاز المناعي التي تنشط في أثناء رد الفعل التحسسي.
  3. إعطاء الهرمونات المنشطة (الكورتيزونات): قد تستخدم عن طريق الفم أو بالحقن لعلاج الالتهاب المرتبط بردود الفعل الأكثر خطورة.

كيف يمكن استخدام الدواء عند عدم التأكد من وجود حساسية تجاهه؟

إذا كان تشخيص الحساسية الدوائية غير أكيد تجاه دواء معين، يمكن أن يلجأ الطبيب إلى اختبار التحدي الدوائي المتدرج، وفيه يتلقى المريض جرعتين إلى ثلاث جرعات من الدواء، مبتدئًا بجرعة صغيرة تتزايد حتى تصل إلى الجرعة المرغوبة، فإذا تم الوصول للجرعة العلاجية من دون رد فعل، فهذا يعني أن المريض غير مصاب بحساسية ضد هذا الدواء، وهو قادر على تناوله.

كيف يمكن استخدام دواء حدثت تجاهه حساسية؟

إذا كان من الضروري تناول دواء كان قد تسبب في رد فعل تحسسي، فقد يقوم الطبيب بعلاج يُسمى نزع التحسس، وفيه يتلقى المريض جرعة صغيرة جدًا، ثم تزداد الجرعة تدريجيًا كل 15 إلى 30 دقيقة على مدار عدة ساعات أو أيام، فإذا كان بالإمكان الوصول إلى الجرعة المرغوبة دون حدوث رد فعل تحسسي فعندها يمكن مواصلة العلاج.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة