من سوري إلى السودان والجزائر

tag icon ع ع ع

محمد رشدي شربجي

مع تعثر الربيع العربي في البلدان التي انطلق فيها، وتحوله إلى حروب بالوكالة تخاض بمكونات أهلية، خاصة في سوريا واليمن، وما أنتجته هذه الحروب من قوافل شهداء ولاجئين وخيم لا تنتهي، افترض كثيرون أن كل ذلك سيخيف الشعوب العربية الأخرى من اللحاق بالركب وأن ثنائية الفوضى أو الاستبداد التي تركها المستبدون لشعوبهم ستبقيهم في بيوتهم.

وبكل تأكيد فإن هناك ملايين يرون أن مخاطر الثورة على الأنظمة تفوق ما يمكن تحصيله منها، وأن الفقر والأمان خير من الفقر والفوضى والعيش في المخيمات، وفي الأسابيع الماضية هدد المسؤولون الجزائريون والسودانيون على حد سواء المتظاهرين بمصير إخوانهم في سوريا. وإن كان من شيء يستطيع السوري تقديمه لإخوانه هناك، غير الدعاء، فهو نقل خلاصة تجربتنا في سوريا علّ المتظاهرين هناك يستفيدون منها.

هزيمة ثورة سلمية خير من انتصار ثورة مسلحة: مهما بغى النظام -وسيفعل بعدما رأى أن النظام السوري نجا بفعلته- فإياكم والتفكير بقلب نظام الحكم بواسطة السلاح، قد تهزم ثورة سلمية ولكن أثرها يبقى وقد يثمر بعد سنوات بثورة أخرى تطيح بالنظام، أما هزيمة ثورة مسلحة -أو حتى انتصارها- فسيدمر البلاد والعباد ولن يتيح أي إمكانية لبناء البلد من جديد حتى ولو بعد حين.

النظام ليس علمانيًا وليس إسلاميًا: هو نظام مستبد وكفى، ليس نظامًا أيديولوجيًا، بل نظام أدواته أيديولوجية، يقول للغرب إن مصدر شرعيته الأساسي أنه نظام علماني وأن وجوده ضرورة كي لا يأتي الإسلاميون إلى السلطة، ثم يعقد تحالفات واسعة مع المشايخ لتدعيم سلطته داخل البلاد. خلاف الثوار بين إسلامية وعلمانية هو مقتلة للثورة ومدخل مفضل للدواعش وفي النهاية حبل نجاة للنظام.

الغرب والشرق مع الجيش: إن كان من أمر أثبتته الثورات العربية فهي أن الاستثمار الأضخم للنظام الدولي في بلادنا هو الجيوش، قد تفرّط هذه الأنظمة برئيس هنا أو هناك، ولكنها لن تفرّط في الجيش، الانقلاب العسكري في بلادنا حقيقة واقعة كالموت، ولا يستطيع المرء إلا أن يستعد له، هذه حقيقة قاسية ولكنها ضرورية للإدراك أن طريق التغيير طويل وصعب وشاق ومحفوف بالمخاطر.

إذا أتى الشيطان لن يذهب: سيزداد بغي النظام حتى يقول المرء ليأتي الشيطان ويخلصنا، في سوريا تحالفنا مع كل شيطان للتخلص من النظام، وفي النهاية ذهبنا نحن وبقي الشيطان قابعًا على صدورنا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة