كتاب “النبي”.. رحلة الإنسان الفلسفية ورسالته الروحية

tag icon ع ع ع

مراجعة نور الأحمد

“يقول بعض الناس: الفرح أسمى من الحزن، ويقول آخرون: إنما الحزن أسمى، ولكني أقول لكم إنهما لا ينفصلان، معًا يُقبلان، وإذا انفرد أحدهما بكَ على المائدة، فاذكر أن الآخر يرقد في فراشك”.

“النبي” هو درة ما كتبه الأديب والشاعر اللبناني جبران خليل جبران، وخلاصة ما توصل إليه من تجارب ذاتية ونظرته التأملية للنفس البشرية.

وتتجسد في الكتاب القيم الإنسانية التي تسمو بنفسها على أيِّ دين أو عِرق أو لون، ضمن قالب فلسفي تأملي واجتماعي، بطريقة شاعرية تدعونا إلى فهم أعمق للذات والحياة.

وجبران خليل جبران أحد روَّاد النهضة في المنطقة العربية، ومن أوائل المؤسسين لأدب المهجر العربي في القارة الأمريكية.

ينتمي لأسرة فقيرة شمالي لبنان، ورغم مسيحيته حملت أغلب أعماله الفلسفية المذهب التصوفي.

حمل جبران حلم كتاب “النبي” منذ طفولته، وعبر عن ذلك في رسالته في تشرين الثاني عام 1918، إلى الكاتبة الفلسطنية مي زيادة، بقوله “هذا الكتاب فكرت بكتابته منذ ألف عام”، وكان قد غير عنوانه أربع مرات قبل البدء بكتابته عام 1923.

يتألف كتاب “النبي” من 26 قصيدة نثرية، يسرد جبران من خلالها آراءه على لسان رجل حكيم يدعى مصطفى، يرحل بعيدًا عن موطنه نحو مدينة من نسج الخيال وهي جزيرة “أورفاليس”، ويُنفى فيها لمدة 12 عامًا.

يعيش مع أهل “أورفاليس” كواحد منهم، منتظرًا عودته إلى مسقط رأسه، وحينما ترسو السفينة ويحين موعدُ رحيله يرجوه سكانُ الجزيرة أن يخطب فيهم ويطلب منه الأهالي أن يشاركهم علمه وحكمته، فيخطب فيهم خطبته عن مذهبه الخاص ونظرته الإنسانية عن جميع نواحي الحياة.

فيتحدث عن الأبناء: “أولادكم ليسوا ملكًا لكم، لا يمكنكم إصباغهم بطبعكم وأفكاركم، ويمكنكم فقط السمو لهم لأنهم المستقبل وأنتم الحاضر والماضي”.

وعن الزواج والعطاء والفرح والحزن والجرائم والعقاب، والشرائع والأديان: “أنتم تستلذون بوضع الشرائع وهدمها كالأطفال الذين يبنون القلاع الرملية ويهدمونها في سعادة، تضعون شرائعكم وتدعون أنها تعلو فوق الكل ولكن لا تستطيعون وضع شرائعكم على الطبيعة”.

ويتوسع في خطابه عن الزمان والحرية والموت واللذة والجمال وكل الـأبعاد البشرية.

يقدم لنا جبران هذا الخطاب بأسلوب سلس، إذ يعد كتابه غنيًا بالصور التلميحية والجمل الاستفهامية لتأكيد الفكرة نفسها، في 337 صفحة.

نجح جبران في كتابه بأن يتجاوز حدود ديانته، ليقيم دعائم إنسانية تحترم الإنسان لكونه إنسانًا لا لأي عاملٍ آخر.

يعتبر جبران خليل جبران من كبار أدباء وشعراء العرب، إذ تجاوزت مؤلفاته كـ”الأجنحة المتكسرة” و”الأرواح المتمردة” حدود بلاده نحو العالم أجمع، وترجمت جلَّ أعماله إلى لغات عديدة كالفرنسية والإنكليزية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة