ملف الخبز يفتح صراعًا مع “الإنقاذ” في إدلب

camera iconأطفال يحملون الخبز صباحًا في مدينة إدلب – 17 كانون الثاني (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

بخطى ثابتة تحاول “حكومة الإنقاذ” في إدلب شمال غربي سوريا وضع يدها على مفاصل الحياة، ووصلت مؤخرًا إلى الأفران والمخابز المنتشرة على طول المحافظة الممتدة من ريف حماة الشمالي حتى الحدود التركية.

بدأت “الإنقاذ” العمل على ترخيص الأفران في المنطقة بهدف توحيد سعر الخبز فيها، بحسب بيانات صادرة بتاريخ 20 من آذار الماضي، نشرت في 1 من نيسان الحالي، قالت الحكومة فيها إنها بدأت بإجراءات ترخيص المخابز العاملة المنتشرة في الشمال السوري.

بماذا تبرر الإنقاذ خطوتها؟

أشارت الحكومة إلى أن الهدف من الترخيص توحيد سعر الخبز وتحقيق العدل بين المخابز من ناحية العمل، وإلغاء المتاجرة في المادة.

وعمدت “الإنقاذ”، عن طريق وكالة “أنباء الشام”، إلى التسويق لمشروعها الجديد الذي يزيد من بسط نفوذها على مفاصل الحياة في المحافظة، وأصدرت الوكالة تقريرًا، الجمعة 5 من نيسان الحالي، توضح فيه ما وصفته بأهمية ترخيص تلك الأفران للمواطنين والباعة والموزعين.

ونقلت الوكالة في تقريرها عن مدير فرع مخابز حلب، مصطفى عكوش، قوله إن “الغاية من الترخيص توحيد سعر الخبز في المناطق المحررة بالإضافة لتحقيق العدل بين المخابز من ناحية العمل، وإلغاء المتاجرة بمادة الخبز التي تنعكس سلبًا على المواطنين وتنظيم عملية توزيع الخبز بشكل جيد وبسعر مدروس في الشمال المحرر”.

وقالت الوكالة إن القائمين على المؤسسة سيقومون بتسيير دوريات تموينية للتأكد من التزام جميع الأفران بالمواصفات المطلوبة لربطة الخبز بما في ذلك الوزن والسعر والجودة.

وتتراوح أسعار الكيلو الواحد لمادة الخبز في عموم مناطق المعارضة في الشمال السوري، ما بين 150 و250 ليرة، بينما تختلف الأفران في تحديد الوزن للربطة الواحدة، والتي تتراوح بين 850 و950 غرامًا.

واعتبرت “الإنقاذ” في بيانها أن الترخيص ينظم عملية توزيع الخبز بشكل جيد وبسعر مدروس، إضافة إلى إشراك المجالس المحلية في العملية وضبط سرقة وتهريب الخبز المدعوم من قبل المنظمات.

ووضعت الحكومة شروطًا فنية وإدارية يجب تحققها في كل مخبز، إضافة إلى تعهدات والتزامات من قبل صاحب المخبز بعدة أمور، منها تعهد بالبيع وفق الأسعار والأوزان وعدد أرغفة الخبز، والالتزام بمناطق التوزيع التي تقرها اللجنة لكل مخبز.

وحددت الأوراق المطلوبة للترخيص وهي صورة عن الهوية، وبيان قيد عقاري للمخبز، وورقة لا حكم عليه، وبيان من المخبز يبين فيه رغبته في القرى التي يود توزيع الخبز فيها وفق شروط.

وهددت الحكومة أن كل مخبز لا يتقدم بطلب الترخيص سيتم إغلاقه لاحقًا، مشيرة إلى أن ترخيص المخابز مجاني ولا توجد عليه أي رسوم.

وأشارت إلى أن ضبط السوق من ناحية الوزن وجودة رغيف الخبز سيحدد لاحقًا بالتنسيق والتعاون مع مديرية التموين والتجارة والمجالس المحلية.

صدام مقبل؟

وفي أول ردود الفعل المباشرة على القرار، شهدت مدينة كفرتخاريم بريف إدلب مظاهرة شعبية رافضة لمحاولة “الإنقاذ” سحب مادة الطحين من فرن المدينة.

وشارك في المظاهرة، السبت 6 من نيسان، المجلس المحلي ومجلس الأعيان ومواطنون، ما أجبر موظفي الحكومة على الانسحاب وإعادة الطحين إلى المستودعات.

الحادثة جاءت بعد أيام على خلاف في المدينة بسبب سيطرة “الإنقاذ” على الفرن الرئيسي فيها ومحاولة رفع سعر ربطة الخبز لـ 200 ليرة، بعد أن كانت 150 في أثناء سيطرة الحكومة المؤقتة.

وبدأ الخلاف في المدينة منذ سيطرة الحكومة في وقت سابق على الفرن الرئيسي التابع لمؤسسة الحبوب، لترفع سعر ربطة الخبز بمبلغ قدره 50 ليرة على الربطة الواحدة، الأمر الذي أدى لرفض المواطنين حينها.

وعقب ذلك طالبت الفعاليات المدنية في كفر تخاريم “الإنقاذ” بإعادة السعر القديم لمادة الخبز، لتحاول الأخيرة سحب مادة الطحين من المدينة.

وتم الاتفاق مجددًا بين الطرفين قبل أيام على أن تباع الربطة الواحدة من الخبز بسعر التكلفة المقدر بـ 150 ليرة، بحسب اتفاق بينها وبين المجلسين المحلي والأعيان، لكن الحكومة حاولت اليوم سحب الطحين خلافًا لذلك الاتفاق.

سياسة مدروسة

وفي خطوة سبقت ترخيص الأفران، وضعت “الإنقاذ”، في تشرين الثاني الماضي، يدها على مؤسسة الحبوب في إدلب، ما دفع المؤسسة العامة للحبوب التابعة لـ”الحكومة السورية المؤقتة” إلى إيقاف العمل في مواقعها بإدلب.

وفي 3 من نيسان، نظم موظفو مؤسسة الحبوب وقفة احتجاجية ضد حكومتي “الإنقاذ” و”المؤقتة” بعد إيقاف مستحقاتهم المالية، على خلفية سيطرة الأولى على المؤسسة بشكل كامل.

وقال قتيبة الفاضل، الذي يعمل أمين مستودع في المؤسسة اليوم، الأربعاء 3 من نيسان، “نتيحة للمشاحنات السياسية بين الإنقاذ والمؤقتة سيطرت الأخيرة على فرع الحبوب بشكل كامل وصادرت آلاف الأطنان من الطحين إلى جانب الأفران والمطاحن التابعة للمؤسسة”.

وأضاف الفاضل لعنب بلدي أن “حكومة الإنقاذ” طردت العاملين من المؤسسة عقب السيطرة عليها، دون أي تعويض يذكر، بينما وقفت “المؤقتة” عاجزة حتى اليوم عن تقديم رواتب العاملين.

وكانت المؤسسة العامة للحبوب التابعة لـ ”الحكومة السورية المؤقتة” أعلنت، في كانون الأول 2018، إيقاف العمل في مواقعها بإدلب، بعد الهجوم عليها من قبل مؤسسة الإمداد والتموين التابعة لـ ”حكومة الإنقاذ”.

وأصدرت المؤسسة بيانًا، حينها، جاء فيه أن العاملين في المؤسسة قرروا تعليق عملهم في جميع المواقع التابعة لفرع حبوب إدلب (مطاحن ومخابز)، باستثناء مخبز كفرتخاريم.

وبعد أن بسطت “هيئة تحرير الشام” سيطرتها العسكرية على كامل أراضي المحافظة من خلال عمليات عسكرية استهدفت الفصائل المنافسة لها، مطلع عام 2019، شددت “الإنقاذ” قبضتها على مفاصل الحياة، لتواجه المحافظة مصيرًا بين سيطرة “الإنقاذ” من جهة وبين تهديدات المجتمع الدولي الذي يتعامل مع “الإنقاذ” ومن خلفها “تحرير الشام” على أنها منظمات “إرهابية” .




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة