رجل في الأخبار.. عمر البشير خرج مثلما دخل

camera iconالرئيس السوداني عمر البشير (رويترز)

tag icon ع ع ع

“مواطني الشرفاء، تحركت القوات المسلحة لإنقاذ البلد من أيدي الخونة والمفسدين، لا طمعًا في مكاسب السلطة بل تلبية لنداء الواجب والوطن”، بهذا قاد عمر البشير الانقلاب العسكري في السودان في 1989، وأطلق عليه “الإنقاذ الوطني”.

وبعد 30 عامًا، شهد فيها السودان تطورات على الأصعدة كافة وعزلة دولية وعقوبات اقتصادية، تكرر السيناريو، لكن هذه المرة ضد البشير نفسه، عندما ألقى وزير دفاعه، عوض بن عوف، بيان الانقلاب العسكري واعتقال من أطلق عليه “رأس النظام” في مكان آمن.

وتتشابه الظروف بين الانقلابين، فبينما لم يكن البشير متحسبًا وعارفًا بانقلاب 1989 وجاء بأوامر من زعيم الحركة الإسلامية، حسن الترابي، نفذ وزير دفاعه ضده انقلابًا لم يكن بحسبان البشير.

وقال ابن عوف، الذي عينه البشير نائبًا له في شباط الماضي، في بيان الانقلاب الذي بثه التلفزيون السوداني، اليوم الخميس 11 من نيسان، إن “اللجنة الأمنية وقواتها المسلحة ومكوناتها الأخرى نفذت ما لم يتحسب له رأس النظام”.

الترابي مهد للبشير الحكم

انتخابات حرة وديمقراطية شهدها الشارع السوداني في 1986 فاز فيها “حزب الأمة”، وأسهمت بتشكيل حكومة ائتلاف برئاسة الصادق المهدي، في حين تولى رئاسة الجمهورية أحمد الميرغني آنذاك.

وحينها كان البشير، المولود في 1944 وتخرج في الكلية الحربية السودانية عام 1967، قائدًا للواء الثامن مشاة مستقل، وفي الوقت الذي كان يسعى فيه المهدي إلى حل القضايا الأساسية عبر الإجماع الشعبي وبالوسائل الدستورية، شهدت السودان انقلابًا عسكريًا في 30 من حزيران 1989.

لكن اللافت أن البشير لم يكن على علم بالانقلاب العسكري، وتم اختياره من قبل مهندس الانقلاب زعيم ومؤسس الحركة الإسلامية في السودان، حسن الترابي.

وقال الترابي، في مقابلة مع قناة “الجزيرة” في 2010 وبثتها في حزيران 2016 بعد وفاته بثلاثة أشهر، إنه تم خطف البشير من جنوب السودان ونقله إلى الخرطوم، كونه أعلى رتبة عسكرية بين زملائه، وإعلامه بأنه سيقود الانقلاب، مضيفًا أنه لم يكن يعرف البشير سابقًا ولم يرَ وجهه.

وأضاف الترابي أنه قبل الانقلاب بيوم اجتمع مع البشير وقال له إن القرار (بالانقلاب) اتخذ وإنه ليس مكلفًا بعمل شيء سوى إلقاء بيان رقم واحد للانقلاب، ليؤكد البشير التزامه.

وأعلن عقبها تأسيس “مجلس قيادة الإنقاذ الوطني”، الذي حل في 1993 بعد تعيينه رئيسًا للجمهورية، وزج الترابي وقادة آخرون في السجن بالاتفاق معهم حتى لا ينكشف أنهم وراء الانقلاب، قبل خروج الترابي من السجن والبدء بقيادة المرحلة من خلف الستار.

لكن العلاقة بين الطرفين بدأت تتعقد بعد تدخل الترابي في الحكم، ووصوله لرئاسة البرلمان في 1998 ومحاسبته لعشرات المسؤولين المتهمين بالفساد، الأمر الذي رفضه البشير واعتبره تهجمًا شخصيًا عليه.

وخاض البشير انقلابًا ثانيًا لكن من نوع أخر، فكان في 1999 ضد الترابي وزملائه، لينفرد بالحكم.

اتسمت سياسة البشير، الحاصل على ماجستير العلوم العسكرية بكلية القادة والأركان 1981، وماجستير العلوم العسكرية بماليزيا 1983، وزمالة أكاديمية السودان للعلوم الإدارية عام 1987، بالمناورة في المواقف وكان آخرها موقفه من النظام السوري وزيارته لرئيس النظام، بشار الأسد، في كانون الأول الماضي، ليكون أول رئيس يزوره منذ سبع سنوات.

وشهدت فترة حكم البشير الكثير من الأحداث العسكرية والاقتصادية، إذ وقع اتفاقية سلام في 2005 مع زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق، أدت إلى تقاسم الثروة والسلطة بين الشمال والجنوب، ومهدت لانفصال الجنوب عن السودان بعد الاستفتاء في 2011 وإنشاء دولة جنوب السودان.

وفي إقليم دارفور شن البشير حملة تطهير ضد السكان غير العرب بعد اندلاع المعارك بين “حركة تحرير السودان” و”حركة العدل والمساواة” وبين الحكومة السودانية في 2003، أدت إلى مقتل 300 ألف شخص ونزوح مليونين ونصف المليون شخص، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق البشير بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور، في 2009، ليكون أول رئيس في التاريخ تصدر بحقه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية.

أما على الجانب الاقتصادي فقد عانى الشعب السوداني من العقوبات الأمريكية، وانتشار الفساد وتدهور القطاعات الاقتصادية خاصة بعد انفصال الجنوب الذي يعتبر مركز الطاقة وفقدان 70% من نفط السودان.

وزادت الحالة الاقتصادية سوءًا خلال الأعوام الماضية، ومهدت للبدء بالاحتجاجات ضد البشير، المتزوج من امرأتين دون أولاد، لتبدأ منذ أربعة أشهر منددة بسوء الأحوال الاقتصادية ومن ثم تحولت إلى مطالبة باستقالته من حكم دام 30 عامًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة