مسلسل الانتظار.. خوف في دمشق من كل شيء

camera iconمشهد من مسلسل الانتظار 15 ايار 2015 (قناة غزل للإنتاج الفني على يوتيوب)

tag icon ع ع ع

يحتوي مسلسل الانتظار على تناقضات الحياة، بين المبادئ والمغريات، الفقر والغنى، الطمع والرضا. في خلطة متقنة، تمضي أحداث المسلسل، ليعالج واقع الحارات العشوائية في دمشق، ومخاوف سكان هذه الحارات وآمالهم وطموحاتهم.

في شخصيات الحارة، الجميع ينتظر، سواء كان الانتظار يخص الحب أو الأمل أو الخروج من هذه البقعة الجغرافية المكتظة بالمشاكل والآلام.

قدم المسلسل شخصيات متنوعة، ومختلفة، جمعتها “الحارة”، والعجز، على اختلاف مستوياتها التعليمية والثقافية، وشرّح بنية المجتمع السوري، ومشاكله الاجتماعية، وأسباب الفقر والجهل في المجتمع.

يفتتح المسلسل مشاهده الأولى، بلقطات لدمشق، والبنوك، والمسارح والسينما، وزحام السيارات، وجبل قاسيون، والساحات، ويرافقها صوت ضجيج السيارات وأحاديث الناس، بألوان باهتة، وكأن هذه المدينة، وبالمغريات الموجودة، فقدت معاني الحياة وبهجتها.

وينتقل بعدها مباشرةً، إلى الحارة العشوائية، الضيقة، والقبيحة، مقارنة بمباني دمشق ومغرياتها وتنوعها.

تسعى سميرة، للخروج من الحارة، لاقتناعها بأن الحارة ليست مكانًا صالحًا للحياة، ولا للحلم، وهو ما يصطدم بعدم رغبة وائل، الصحفي، بالخروج، وحالتهما مماثلة لحالة الأخوين، بسام وصابر، فالأول يريد الخروج أيضًا، ولا تنفصل الحالتان عن حالة باقي السكان أيضًا.

في المجمل، الجميع يريد الخلاص، حتى لو كان خلاصهم على حساب حياتهم نفسها، فضغوط الفقر والتهميش والحالة الاجتماعية المزرية، تجعلهم مستعدين لدفع أي ثمن كان للخروج إلى الحياة.

عبود، بطل المسلسل، والذي أدى دوره تيم حسن، في نقلة نوعية في مسيرته الفنية، خرج مسبقًا من هذه الدائرة، لأنه، وعلى عكس الباقين، لا شيء لديه ليخسره أساسًا.

دور عبود، يمشي خطوةً بخطوة، ليشكل ثورة أمل في الحارة، فيخلص غليص من إدمانه على “السيمو” ويساعد صابر على خطبة سعدة التي يحبها، ويحمي رجا من صبيان الشاويش، ويرد باسمة إلى منزلها ليمنع انزلاقها في محرمات المجتمع. عبود هو “جيفارا” هذه الحارة.

يتصاعد صراع عبود مع الشاويش، مهرب الدخان، وهو ما سيجعل نهاية عبود قريبة نتيجة دفاعه عن رجا، ابن الصحفي وائل.

عبود، صاحب مبادئ، يسطو على الصيدليات، ليسرق الأدوية غالية الثمن ويبيعها على البسطة بأسعار زهيدة، يمشي ليلًا ويوزع المعونات على بيوت الحارة.

في خلفيات الشخصية، كان عبود يومًا ما ضعيفًا، ولم يجد من يحميه سوى ذراعه، في ظل مجتمع ودولة لا ترحم، ممثلة بالشرطي فاضل.

غليص.. السيمو والأمل

يعاني غليص من فوبيا الآلة الحاسبة، إذ تم اتهامه سابقًا بقضية اختلاس، في وزارة الصناعة، نتيجة ضياع آلة حاسبة، ليصدر عليه حكم غيابي بالسجن، فهرب وانكفأ على نفسه، وبدأ يعمل على “طرطيرة”، وأدمن على شراب “السيمو”.

يساعده عبود للخلاص من هذه الحالة، بإعطائه وعدًا بشراء سيارة أفضل ليعمل عليها ويحسّن وضعه وهو ما يتجاوب معه غليص، لإحساسه بأن عبود تعامل معه كإنسان أولًا، خاصةً مع وجود نظرة دونية من أهل الحارة لغليص بسبب إدمانه.

في المشاهد الأخيرة، وبعد مقتل عبود، يبكي الجميع، وهم في طريق العودة إلى الحارة، ويعود المخرج للقطة الواسعة، في دلالة على اتساع الدوامة التي سيعود إليها الجميع، بعد مقتل الشخص الذي منحهم الأمل يومًا ما، برغم كل خلافاتهم وكرههم لبعضهم، يجتمع الكل لأجل عبود.

العمل من بطولة تيم حسن وبسام كوسا ويارا صبري و أندريه سكاف، ومن إخراج الليث حجو، وتأليف حسن سامي يوسف ونجيب نصير.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة