تحدي الجوع والنار

حملات رمضان قد تغير أهدافها في الشمال السوري

camera iconبائع عرق سوس في مدينة سلقين بإدلب - 21 حزيران 2018 (سيريا غراف)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

أطلقت ما يزيد على 20 منظمة إنسانية عاملة في الداخل السوري حملات للتبرع بالأموال، لشراء السلال الغذائية ولإفطار الصائمين ولتقديم كسوة العيد لمن هم في حاجة للمساعدة، لكن هذه المنظمات قد تضطر لتغيير برامجها مع الظروف الأمنية التي تهدد المنطقة.

مع اقتراب شهر رمضان، الثامن منذ بدء الصراع السوري، وتصاعد العنف في العديد من المناطق شمال غربي سوريا، من القصف المكثف للطائرات الروسية والطائرات المروحية التابعة للنظام السوري، ومع مقتل العديد من الضحايا واضطرار العديد من المواطنين للنزوح، تهدف هذه الحملات للتذكير بحال المدنيين ومعاناتهم المستمرة خلال شهر العبادة والتكافل.

وبعد موجات تهجير إلى إدلب على مدار السنوات الماضية، تشهد المنطقة قصفًا متواصلًا أدى منذ 2 من شباط 2019 إلى 312 ضحية، بحسب تقرير لفريق “منسقي الاستجابة” نشر في 29 من نيسان.

ومع استمرار التصعيد العسكري بلغت أعداد النازحين من المناطق المستهدفة حوالي 294 ألف نسمة، وسط مخاوف من ارتفاع أعداد النازحين نتيجة استمرار العمليات العسكرية، بحسب الفريق.

تحدي الجوع وسط النيران

الحال الأمني المتزعزع في سوريا ليس جديدًا بالنسبة لسكان الشمال السوري وبالنسبة للمنظمات العاملة فيه، وبالنسبة لـ”هيئة ساعد الخيرية” فإن تأثيره على عملها ليس كبيرًا، وأوضح منسق قطاع الأمن الغذائي في الهيئة، كمال المحيميد، متحدثًا لعنب بلدي، طريقة تعاملهم مع الأوضاع الخطرة.

وقال المحيميد، “نلتزم بمعايير الأمن والسلامة سواءً لفريقنا أو لمستفيدينا، ونحرص على عدم تجمع المستفيدين في نقاط التوزيع حينما يوجد طيران في الجو وحينما تحصل اشتباكات”. وتابع أن معايير العمل الإنساني لا تسمح لهم بترك منطقة ما إلا حينما تكون هناك أسباب تتجاوز قدرتهم على التحمل.

بحسب الحالة الأمنية، القصف، الاقتتال، يمكن أن تؤجل نشاطات المنظمة ليوم أو يومين أو بضع ساعات، بحسب المحيميد، مشيرًا إلى أن أغلب نشاطات المنظمة تتم في المخيمات التي يكون فيها الوضع الأمني جيدًا إلى حد ما.

تصاعد العنف يعني تغير أولويات الحملة، وحسبما قال مدير برنامج الأمن الغذائي وسبل العيش في منظمة “بنفسج”، عبد الرازق عوض، فإن الشرائح المستهدفة عادة في حملاتهم الرمضانية هي الأضعف في المجتمع، من الأيتام والمهجرين السابقين.

وقال عوض لعنب بلدي، “بسبب العنف الموجود والوضع القائم حاليًا من الممكن أن يتم توجيه كل الحملات للأهالي الذين نزحوا من جديد”، وأضاف أن هنالك خشية من ازدياد الوضع سوءًا وظهور احتياجات أكبر لم تكن في الحسبان من قبل.

ومن جانب آخر قال مدير “جمعية عطاء للإغاثة والتنمية” لمكتب فرع حماة، إياد النعسان، إن حملة التصعيد وما تبعتها من موجات للنزوح “ضاعفت المعاناة والحاجة لبذل المزيد من الجهود في الاستجابة لها من خلال تتبع أماكن المستضعفين المحتاجين لهذه المساعدة”.

الأكثر ضعفًا

شكل النازحون الجدد الشريحة “الأكثر ضعفًا” بالنسبة لأكثر المنظمات التي تواصلت معها عنب بلدي، وقال إياد النعسان، من جمعية عطاء، إن المقيمين الذين يعانون من الضعف، كالفقر والإعاقة وفقدان المعيل، جميعهم ستشملهم الحملة وفق “قوائم مدروسة”.

وذكرت “مؤسسة الشام الإنسانية” في رسالة لعنب بلدي أنها تستهدف في حملتها الرمضانية الثانية، كفالة الأيتام والأطفال المرضى، مع تقديم الوجبات الجاهزة للعائلات، بناءً على دراستها للوضع في الداخل إضافة إلى استفادتها من خبرتها السابقة.

وأوضح كمال المحيميد، من هيئة “ساعد”، أن الهيئة تعتمد آلية لتحديد الأولويات وفق معايير تشمل الأسر التي تعيلها نساء أو أطفال أو كبار في السن، والأسر التي لدى أحد أفرادها إعاقة أو أمراض مزمنة، وغير ذلك من المعايير التي تحدد لها درجات يتم فرز العائلات وفقها وتحديد أيها أكثر حاجة.

حاجات كبيرة ودعوات للتنسيق والتكاتف

رغم حصول هذه الحملات على دعم وإسهام كبير من المتبرعين، حسبما ذكرت معظم المنظمات، تبقى فجوة الحاجات أكبر من قدرتهم على تغطيتها.

وقال عبد الرازق عوض، من منظمة بنفسج، إن الكثير من المواقع في الشمال السوري، وخصوصًا مدينة إدلب، عانت من توقف العديد من المشاريع التي ضاعفت من حاجتها للمساعدة، “لا نكفي 5% من العوائل… الحاجة كبيرة جدًا، والمطلوب هو تضافر كل المنظمات الإغاثية الموجودة في المنطقة لمحاولة تغطيتها، ولن نستطيع للأسف”.

وذكرت “مؤسسة الشام الإنسانية” أن أثر المساعدات الكبيرة التي تصل لا يكاد يظهر.

في حين ردد منسق قطاع الأمن الغذائي في “هيئة ساعد الخيرية” تلك الرسالة، قائلًا إنه يأمل بتكاتف الجهود وأن تكون متناسقة لتغطية الحاجات الكبيرة جدًا، حسب تعبيره.

وقد قدرت الأمم المتحدة في إحصائياتها للحاجات الإنسانية المطلوبة لعام 2019 في سوريا أن 6.5 مليون شخص يعانون من نقص الأمن الغذائي و2.5 مليون في خطر فقدانه.

كما أحصت وجود 6.2 مليون نازح داخلي في سوريا، قرابة نصفهم في الشمال السوري، ووقوع ما يزيد على 83% من السكان تحت خط الفقر، بسبب طيلة أمد الصراع والخسائر الكبيرة التي عانت منها قطاعات الزراعة والإنتاج الغذائي.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة