تعا تفرج

النصرة تستعد للمبارزة مع الروس

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

أعجبني، وأبهرني، وخرقَ دماغي التهديدُ الصريح الذي وجهه الأخ “أبو خالد الشامي” المتحدثُ باسمِ الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام إلى القوات الروسية بأنها إذا دخلت إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل في الشمال السوري فسوف تواجَهُ بالحديد والنار. (المصدر: عنب بلدي).

سببُ إعجابي وانبهاري هو هذا الوضوح في الرؤية، وسلامة العبارة، وتوخي الصراحة في تحديد المادتين الأساسيتين للأسلحة التي ستستخدمها الهيئة في مواجهة الروس، وهما الحديد والنار، فهذا كله أبعدَ عن ساحة تفكيري أيَّ احتمال لمواجهات من نوع آخر يمكن للهيئة أن تمارسها في هذه الحرب.

أتذكرُ مواجهة من نوع فريد حصلت في بدايات الثورة، إذ كان الشبان الثائرون يشلحون القمصان الخارجية والداخلية ويحملون الورود وقناني مياه الدريكيش الباردة ويركبون الموتوسيكلات ويعترضون طريق دبابات الجيش السوري، ليواجهوا عناصره بالمحبة، والرجاء أن لا تقتلونا يا شباب فنحن إخوتُكم الباحثون عن الحرية والكرامة..

في العصور السابقة لوجود “هيئة تحرير الشام” كان الناس يتبارزون بالسيف، وبالمسدس، ويمارسون المصارعة الرومانية والحرة، وكانت بعض المصارعات تنتهي بتثبيت الأكتاف، وبعضها الآخر يستمر حتى الموت وينتهي بعبارة: أنْهِ خصمَك.. وفي مسلسلات البيئة الشامية، مثل باب الحارة وحباشاته، يتبادل الشبان القبضايات التحدي بـ “قلبة اليد”، أعني “المكاسرة” التي تكون الغلبة فيها لصاحب العضلات الأقوى.. وبالنَسْجِ على هذا المنوال أخبرني أحدُ أصدقائي أنه حينما يضطر للسهر في المنزل فإنه يلعب مع زوجته بـ “قَلْبة الوجه”!

وهناك المواجهة بالحكمة، والصبر، والاحتساب، وعندما لا يستطيع الإنسان الضعيف مواجهةَ خصمِه المستبد يرفع يديه إلى السماء ويقول: شكيته إلى الله، وحينما تدعو المرأة ربها أن يحقق لها أمرًا ما فإنها تمسك بثدييها وتقول: يا رب بجاه الحَلَّابات لا تردهن خايبات..

وفي عصر ما قبل الإسلام كانت القبائل تتواجه بالشعر، وهذا ما أدى إلى وجود سوق عكاظ، في وقت لاحق سوق المربد، وأما شعراء القبائل فكانوا يتبارزون بالكذب والادعاء والفشخرة، وكل واحد ينسج الأساطير عن قوة قبيلته، وأصلها، وفصلها، وجبروتها، ومقدرتها على البطش بالقبائل الأخرى، ويؤكد أن فرسان القبائل الأخرى لن يكونوا، في لحظة المواجهة الرهيبة، أكثر من دبان وبرغش وهوام تكفي لدعسها وطردها ذيولُ أحصنة قبيلة الشاعر المتفشخر، وقد استطاع الشاعر عمرو بنُ كلثوم أن يضرب الرقم القياسي في الفشخرة حينما زعم أن قبيلته التي تعيش في الصحراء قادرةٌ أن تملأ وجه البحر بالسفن، وأن الولد الرضيع عندهم بمجرد ما يبلغ سن الفطام يتنادى الجبابرةُ الموجودون في مختلف القبائل إلى اجتماع عاجل يذهبون بعده إلى حيث يجلس الفطيم ليخروا أمامه ساجدين! وهناك الدعوة الشهيرة التي وجهها رئيس حزب الله حسن نصر الله إلى أعوانه ليواجهوا غطرسة العدوين الإسرائيلي والأمريكي باللايكات والشيرات والتغريد على تويتر..

بقي لدي سؤال صغير أحب أن أطرحه على قبضايات هيئة تحرير الشام، وهو التالي: إذا اختار الروس الحقراء نوعًا واحدًا من الحرب، وهو القصف الجوي المتواصل، بطائرات من حديد، وقذائف من نار، كيف تواجهونهم في هذه الحالة؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة