للوقوف في وجه البلديات

أهالي ريف حمص يشترون المفارز الأمنية بالمال

camera iconدمار في قصف على ريف حمص الشمالي (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

حمص – عروة المنذر

بعد دخول الريف الشمالي لحمص في اتفاق “المصالحة” أفسحت المحافظة والبلديات المجال أمام السكان لإعادة ترميم منازلهم وبناء منازل جديدة دون التعرض لهم أو مطالبتهم باستصدار رخص البناء.

لكن الفسحة لم تدم أكثر من ستة أشهر، فقد بدأت البلديات بملاحقة المخالفين وتهديدهم بالهدم في حال عدم استصدار رخص البناء أو الترميم، ما اضطر السكان بالتعاون مع رؤساء الورش للجوء إلى رجالات النظام “المدعومين” والمفارز الأمنية، في خطوة للوقوف في وجه قرارات الهدم واستصدار الرخص.

رغم إصرار البلديات على إصدار الرخص وتهديدها بالهدم للمخالفين لم يلتزم أحد من سكان المنطقة، ولم يبدِ أي من المتعهدين ورؤساء الورش أي أهمية لقرارات البلدية، إذ اتفق متعهدو البناء مع رؤساء المفارز الأمنية وبعض الأشخاص المدعومين من أجهزة المخابرات لحمايتهم من البلدية، لقاء مبالغ مالية باهظة يتحملها صاحب البناء.

“أبو إسماعيل”، صاحب ورشة من سكان مدينة الرستن يقول لعنب بلدي، “منذ أن بدأت البلدية بملاحقة السكان على رخص البناء اضطررنا للتنسيق مع مفارز الأمن المنتشرة في المدينة، فلا يمكن العمل دون هذا التنسيق (…) صاحب البناء مهدد بالهدم وصاحب الورشة مهدد بمصادرة المعدات الخاصة بالبناء”.

ويضيف “أبو إسماعيل”، “ندفع للمفارز الأمنية عن كل بناء حسب حجمه، وتعتبر المبالغ المدفوعة رمزية إذا ما تمت مقارنتها مع الرخص”، موضحًا أنه يدفع للمفارز الأمنية مبلغ 25 ألف ليرة سوريا مقابل الحماية من البلدية خلال تجهيز بناء مساحته 200 متر مربع، بينما قد تصل تكاليف استصدار رخص بناء له إلى أكثر من 250 ألف ليرة سورية.

تراجع حركة البناء

بعد توقيع ريف حمص الشمالي اتفاق “المصالحة” مع النظام السوري بدأ السكان بالعمل على ترميم منازلهم وبناء منازل جديدة، بعد أن أمنوا من القذائف والقصف الجوي، ما أحدث ثورة حقيقية في مجال البناء، لكن بدء البلديات بالمطالبة برخص البناء والتهديد بالهدم للمخالفين انعكس بشكل سلبي على الأمر، إذ توقفت العجلة بشكل شبه كامل.

ويقول “أبو وليد”، وهو صاحب “مرملة” في ريف حمص الشمالي، إن الفترة التي سبقت التشديد من قبل البلديات كانت الورش تعمل فيها على مدار 24 ساعة، والتعاقد مع ورشة بحاجة إلى الانتظار لأشهر لبدء العمل.

أما الآن، فيضيف “أبو وليد”، “يمكنك البدء مباشرة بمجرد الاتفاق مع صاحب الورشة وصاحب المرملة (رئيس الورشة هو المسؤول عن البلدية والقيام بالعمل وصاحب المرملة المسؤول عن إمداد الورشة بالمواد اللازمة)”.

موقف محرج

بعد اعتماد رؤساء الورش على المفارز الأمنية، لم تفلح مساعي البلديات لضبط التمدد العشوائي للسكن، فلا سلطة تعلو فوق السلطة الأمنية التي يمكن شراؤها بالمال.

“محمد”، مهندس مدني من مدينة تلبيسة، (طلب عدم ذكر اسمه) يقول “نحن في دولة وهناك مخططات يتوجب على السكان الالتزام بها، لنستطيع البناء بشكل حضاري، لكن الطريقة التي تتبعها البلدية والمحافظة هي الطريقة الخاطئة في معالجة الموضوع.

ويضيف المهندس أن ارتفاع تكاليف الرخص دفع بالسكان إلى الطرق غير الشرعية ليتمكنوا من بناء منازلهم، فلا يعقل أن بناءً لا تتجاوز مساحته 200 متر تصل تكلفة رخصته إلى 400 ألف ليرة سورية عدا الرشاوى.

“سامر أبو منير”، من سكان كفرلاها في سهل الحولة، هُدم منزله جراء قصف الطيران الحربي في أثناء سيطرة فصائل المعارضة على المنطقة، يقول لعنب بلدي، “قررت بناء منزل جديد بشكل بسيط على أنقاض منزلي، واتفقت مع رئيس الورشة أن يتحمل مسؤولية حماية البناء من البلدية فتم الأمر بدفع مبلغ 160 ألفًا مقابل حماية البناء من الهدم من جانب البلدية”.

يضيف “أبو منير”، “الجيش والأمن هم من هدموا منازلنا، والآن نضطر لدفع المال لهم مقابل السماح ببناء منازل جديدة نأتوي بها”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة