سرطان الدم عند الأطفال

سرطان الدم
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

سرطان الدم، أو ما يسمى بابيضاض الدم، أو اللوكيميا Leukemia، هو أحد الأمراض الخبيثة الأكثر انتشارًا بين الأطفال، ومع أنه حالة نادرة، إلا أنها تهدد الحياة، وخاصة عندما يتأخر تشخيصها، الأمر الذي يجعل علاجها يكاد يكون مستحيلًا، لذا فإننا سنعرّف بهذا المرض وأعراضه وطرق تشخيصه وعلاجه، وينصح الآباء بالانتباه لبعض الأعراض التي قد تنقذ حياة أطفالهم من هذا المرض الفتاك.

ما هو سرطان الدم عند الأطفال

هو سرطان يصيب خلايا الدم والنسيج الذي يشكل خلايا الدم (النقي أو نخاع العظم) فيؤدي إلى تكاثر عشوائي ومخرب للكريات البيض الدموية.

في الشخص السليم، تنشأ خلايا الدم في نقي العظم كخلايا جذعية وتنضج لاحقا لتشكل أنواعًا مختلفة من خلايا الدم (خلايا دم حمراء وخلايا دم بيضاء وصفيحات) وتنتقل إلى مجرى الدم. في الشخص الذي يعاني من سرطان الدم، يبدأ نخاع العظم بإنتاج العديد من خلايا الدم البيضاء الشاذة والتي تدخل إلى مجرى الدم وتبدأ بمزاحمة خلايا الدم الطبيعية السليمة، وتمنعها من القيام بوظائفها بالشكل الصحيح، ويمكن أن تغزو وتخرب أعضاء أخرى في الجسم، ومن أهم هذه الأعضاء: الكبد، والطحال، والعقد الليمفاوية، والخصيتان، والجهاز العصبي المركزي المُتمثل بالدماغ والحبل الشوكي.

كيف يصنف سرطان الدم؟

يتم التصنيف على أساس سرعة تطور المرض وعلى أساس نوع الخلايا المتضمنة.

التصنيف بناءً على مدى سرعة تطور سرطان الدم:

  • ابيضاض الدم الحاد: ينمو ويتفاقم بسرعة كبيرة جدًا، وقد يهدد الحياة لدرجة كبيرة، وتكون خلايا الدم غير الطبيعية خلايا دم غير ناضجة (أرومات)، وهذ الخلايا غير الطبيعية لا يمكنها تنفيذ وظائفها الطبيعية.
  • ابيضاض الدم المزمن: يتطور ببطء ويتفاقم تدريجيًا، وقد تحتاج الأعراض لفترة طويلة قبل أن تبدأ بالظهور، حيث يكون جزء كبير من الخلايا السرطانية في هذه الحالة ناضجًا لدرجة كافية للقيام بوظائفها مثلها مثل خلايا الدم البيضاء الطبيعية، قبل أن تبدأ بالتفاقم.

التصنيف حسب نوع خلية الدم البيضاء المتأثرة:

  • ابيضاض الدم اللمفاوي: يؤثر هذا النوع من ابيضاض الدم على الخلايا اللمفاوية، والمسؤولة عن تكوين الأنسجة اللمفاوية.
  • ابيضاض الدم النقوي: يؤثر هذا النوع من ابيضاض الدم على الخلايا النقوية، لذا تزيد الخلايا النقوية من خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والخلايا المنتجة للصفائح الدموية.

وبالتالي لسرطان الدم أربعة أنواع:

  1. سرطان الدم الليمفاوي الحاد (ALL): وهو الأكثر شيوعًا من بين الأنواع الأخرى للوكيميا الأطفال (75-80%)، مع قمة حدوث بعمر 4 سنوات.
  2. سرطان الدم النقوي الحاد (AML): يكون مسؤولا عن خمس الحالات عند الأطفال (20%)، مع معدل حدوث ثابت منذ الولادة وحتى عمر 10 سنوات، ثم يزداد ببطء خلال سنوات المراهقة.
  3. سرطان الدم الليمفاوي المزمن (CLL): من النادر جدًا مشاهدته عند الأطفال.
  4. سرطان الدم النقوي المزمن (CML): يشكل بقية الابيضاضات عند الأطفال.

 ما أسباب سرطان الدم؟

لا يعرف العلماء، حتى الآن، المسببات الحقيقية لمرض ابيضاض الدم، ولكن يبدو أنه يتولد ويتطور نتيجة اجتماع عدة عوامل:

  • استعداد وراثي.
  • عوامل بيئية (التعرض للأشعة والسموم).
  • إنتانات فيروسية.

ما أعراض الإصابة بسرطان الدم؟

تختلف الأعراض والعلامات التي تظهر في حال الإصابة بسرطان الدم من طفل إلى آخر ومن نوع لآخر، وقد يتغاضى المرء عن العلامات والأعراض الأولية للمرض لأنها تشبه علامات وأعراض النزلة الوافدة (الإنفلونزا) أو أمراض شائعة أخرى. أكثر الأعراض شيوعًا:

  • الحمى أو الارتعاد.
  • التعب الدائم، الوهن.
  • العدوى المتكررة.
  • فـَقـْد الشهية، أو انخفاض الوزن.
  • انتفاخ الغدد اللمفاوية، تضخم الكبد أو الطحال.
  • سهولة النزف أو ظهور الكدمات.
  • ضيق النفس خلال النشاط البدني أو عند صعود الدرجات.
  • ظهور بقع صغيرة حمراء اللون على الجلد (نزف موضعي).
  • فرط التعرق، وخاصة في ساعات الليل.
  • أوجاع في العظام والمفاصل.
  • فقر دم، ما يؤدي إلى الشحوب والضعف.

كيف يتم تشخيص سرطان الدم عند الأطفال؟

عند الاشتباه بالإصابة يجب القيام بالإجراءات التشخيصية التالية لتشخيص المرض بدقة وتحديد مرحلته ومدى انتشاره:

  • فحوصات الدم العامة: فحص تعداد الدم الكامل (CBC)، وفحص وظائف الكلى، وفحص وظائف الكبد، وفحص تحديد مستوى حامض البول.
  • فحص مسحة الدم تحت المجهر: ضروري للبحث عن أي خلايا سرطانية.
  • خزعة نخاع العظم: هي أكثر الفحوصات شيوعًا لتحديد نوع سرطان الدم.
  • البزل القطني: للبحث عن خلايا سرطانية في السائل الشوكي.
  • فحص الوراثيات الخلوية: حيث ينظر المختبر إلى الكروموسومات في الخلايا من عينات الدم أو نخاع العظم أو الغدد الليمفاوية لتحديد ما إذا كانت هناك أي مشاكل وراثية محددة.
  • التشخيص الجزيئي (فحوصات PCR وFISH): يتمكن فحص تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR) من الكشف عن آثار الخلايا السرطانية في الجسم، بينما يعمل فحص ومضان التهجين في الموقع (FISH) على الكشف عن أي عيوب في الكروموسومات في الحمض النووي للخلية.

كيف يتم علاج سرطان الدم عند الأطفال؟

يتم تحديد الخطة العلاجية للطفل المريض بسرطان الدم من قبل، وتعتمد الخطة العلاجية على العديد من العوامل، مثل عمر المريض ومرحلة المرض.

علاج سرطان الدم اللمفاوي الحاد:

هذا النوع من السرطان قابل للشفاء بشكل كبير عند الأطفال، ويتضمن العلاج ثلاث مراحل رئيسية (المعالجة الأولية، والمعالجة المكثفة، والمعالجة المعززة).

  1. مرحلة المعالجة الأولية أو الحثية، خلال أول خمسة أسابيع من العلاج يتلقى المريض مجموعة من العلاجات الكيماوية، ويمكنه في هذه الفترة العودة إلى منزله مع الحرص على زيارة المستشفى بشكل متكرر، وتعتبر هذه المرحلة الأصعب في العلاج، حيث يحرص الأطباء على التأكد من استجابة الطفل للعلاج عن طريق إعادة فحص نقي العظم قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من العلاج.
  2. مرحلة المعالجة المكثفة، وتتكون من أربع جرعات من العلاج الكيماوي الوريدي بالإضافة إلى علاج كيماوي عن طريق الفم.
  3. مرحلة الاستمرار أو المعالجة المعززة، وهي مرحلة طويلة يكون خلالها غالبًا العلاج الكيماوي عن طريق الفم وبعض الأدوية عن طريق الوريد.

في بعض الحالات قد يحتاج المريض إلى عملية زراعة نخاع العظم، ولكن الأغلب لا يحتاجون لهذا الإجراء.

علاج سرطان الدم النقوي الحاد:

تتكون الخطة العلاجية لعلاج سرطان الدم النقوي الحاد عند الأطفال عادة  من دورتين من المعالجة الأولية (الحثية)  لتسكين المرض. بعد تسكين المرض من الضروري إعطاء معالجة ما بعد الحث لأن معظم المرضى سيتعرضون إلى انتكاسة إذا لم يحصلوا على المزيد من العلاج. يتم إعطاء المرضى الذين لا يوجد لهم مطابق لزراعة نخاع العظم ضمن عائلتهم دورات متتابعة من العلاج الكيماوي. بالمثل، فإن المرضى الذين يحملون جينات ملائمة (عوامل جينية وكروموسومية) يمكن أن يحصلوا على علاج فعال من خلال العلاج الكيماوي فقط. وقد أظهرت العديد من الدراسات معدل نجاة عاليًا عند المرضى الذين يجرون زراعة نخاع العظم المتماثل.

علاج سرطان الدم النقوي المزمن:

يتم للأطفال المصابين بسرطان الدم النقوي المزمن إجراء عملية زراعة نخاع العظم أو الخلايا الجذعية بالإضافة إلى العلاج الكيماوي.

الهدف الرئيسي من علاج هذا النوع من سرطان الدم هو القضاء على خلايا الدم التي تحتوي على الجينات الشاذة. وكونه مرضًا “مزمنًا”، فإن العلاج لن يشفي المريض، ولكنه قد يتمكن من عيش حياة طبيعية إلى حد ما.

علاج سرطان الدم اللمفاوي المزمن:

تستخدم طرق مختلفة لعلاج هذا النوع، وأكثرها شيوعًا هو العلاج الكيماوي، والعلاج الإشعاعي والعلاجات الموجهة (وهي العلاجات التي تستهدف خلايا سرطانية محددة دون التأثير على الخلايا الأخرى)، وفي بعض الأحيان قد تلزم الجراحة لإزالة طحال متضخم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة