سلسلة الأمراض والاضطرابات النفسية للمعتقلين في سوريا

أساليب الضغط

tag icon ع ع ع

نستمر في عرض أساليب التعذيب النفسي للمعتقلين في سجون النظام، بعد أن عرضنا في العدد السابق جزءًا من الأساليب المتمثلة بالإذلال وإزالة المؤثرات البصرية وسماع المعتقل لأصوات تعذيب بقية المعتقلين، وسنذكر هنا أيضًا أساليب أخرى من التعذيب النفسي.

الحبس الانفرادي لفترات طويلة:

يعزل المعتقل عن العالم الخارجي بشكل كامل حيث يوضع بما يسمى «الزنزانة الإفرادية»؛ وتكون هذه الغرف عبارة عن مكان لا يتعدى المتر في متر ولا يوجد فيها سوى الفتحة التي يلقي منها السجان الأوامر والطعام للمعتقل.

مما يساعد المعتقل عادة على التكيف مع وضعه هو رؤيته لآخرين يعيشون ما يعيشه، لكن في المنفردة يشعر المعتقل أنه وحيدٌ لا مواسي له ولا سند ولا شريك، وهذا يجعله عرضة للانهيار النفسي الكامل.

وفي هذه الحالة يصبح مستعدًا لأي اعتراف، ليس بغية الخروج من المعتقل، ولكن ليوضع في زنزانة جماعية؛ يقول محمد «وضعت في المنفردة في فرع الأمن العسكري بحماة لمدة 15 يومًا وبعد أيام بدأت أهلوس، ولم أعد مدركًا حقيقة ما يجري حولي، كان نومي يختلط بيقظتي وأرى الكوابيس وأنا مستيقظ، كان أنسي الوحيد صوت المعتقلين في الزنزانات الجماعية وكان المحقق في كل مرة أخرج للتحقيق يقول لي: اعترف بضرب الحواجز حتى أخرجك للزنزانة الجماعية حتى استسلمت أخيرًا، واعترفت بما يريد وبما لم أفعله».

غسيل الدماغ بإنهاك المعتقل جسديًا عن طريق «الشبح»:

يعلّق المعتقل من يديه بالجنازير للأعلى وترفع قدماه عن الأرض، بالإضافة إلى تعرضه للضرب بين الفترة والأخرى؛ ويبقى المعتقل عادة يومين أو ثلاثة بهذه الحال، حتى يصيبه إنهاك جسدي كبير جدًا ووهن.

وعادة، يصبح المعتقل في هذه اللحظة مهيئًا لـ «غسيل الدماغ» حيث تكون دفاعاته الجسدية قد أنهكت بالكامل وفي حالةٍ أشبه بالهذيان، وجاهزًا لتقبل أي معلومات تلقى عليه.

في هذه اللحظات يأتي المحقق ويقول «أنت فعلت كذا وكذا»، بصيغة التقرير وليس السؤال، ويجيب المعتقل «نعم»، معترفًا بما لم يفعل، ثم يبصم على أقواله.

بعد عودته إلى وعيه يستغرب المعتقل بما اعترف به؛ أسامة أحد المعتقلين في فرع الجوية يقول: «شبحوني لمدة ثلاثة أيام، وبعدها قال المحقق كلامًا لا أتذكره وبصمت عليه، ثم حولوني إلى زنزانة جماعية واستغربت حينها عندما قال لي المعتقلون أنني اعترفت بالعمل في مجال الإعلام وكنت أتلقى الأموال من الخارج ولفقت الأخبار».

استغلال خوف المعتقل واستخدامه ضده

ينوّع المحقق في أساليب التخويف ضد المعتقل، فتارة يهدد بالشبح وتارة بالضرب الشديد وبالمنفردة، ويتعدى الأمر ذلك إلى التهديد باعتقال الأبوين، أو أن يأتي بزوجته.

ويراقب المحقق في كل مرة ردة فعل المعتقل على ما يهدده به، وعند ظهور علامات الاضطراب والخوف يستمر بالتركيز والضغط من خلال هذا العامل حتى ينتزع الاعتراف الذي يريده.

يقول زاهر «كنت وحيدًا لأبوَي وقد ضربني المحقق حتى انكسرت قدمي دون جدوى، لم أعترف بشيء، لكنه قال لي مرةً: ما رأيك أن نأتي بأبيك إلى هنا كي يقول ما كنت تفعله؛ لم أتمالك نفسي وصرخت قائلًا: لا لا تفعل ذلك».

وعندها بدأ المحقق بإلقاء التهم على زاهر وتذكيره في كل مرة بأنه سوف يحضر والده إن لم يعترف، يضيف «لم يكن أمامي سوى الاعتراف بما يريد خوفًا على والدي… عندما تكون معتقلًا تشعر بأن المحقق صاحب مملكة ويستطيع تنفيذ أي شيء .




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة