شركات إنتاج عربية تستعد لدخول دمشق

camera iconستيفاني صليبا وعابد فهد من مسلسل دقيقة صمت (مجلة لها)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – يامن مغربي

شهد الموسم الرمضاني الفائت غزارة إنتاجية سورية على صعيد الكم، ليصل عدد الأعمال السورية المنتجة لهذا العام إلى 30 مسلسلًا دراميًا في خط بياني متصاعد عن الأعوام السابقة.

ترافق هذا الإنتاج مع دخول عدة شركات عربية على خط الإنتاج الدرامي السوري، سواء بالإنتاج المباشر كمسلسل “عندما تشيخ الذئاب”، من إنتاج “أبو ظبي للإعلام”، أو من خلال ما يعرف “بالبان أراب” أو “الإنتاجات العربية المشتركة”، التي أنتجتها شركتا “الصباح” و”إيغل فيلم”، كمسلسلي “الهيبة” و”الكاتب” اللذين تم تصويرهما في بيروت، أو من خلال مسلسل “دقيقة صمت” الذي تم تصويره بشكل كامل في سوريا.

مع دخول “أبو ظبي” على خط الإنتاج، وتوقعات بافتتاح مكاتب للشركتين اللبنانيتين في سوريا، يثار التساؤل عن سبب هذه العودة، وهل ستفتح الباب لشركات عربية أخرى للاستثمار الدرامي في البلد التي تعاني أزمات متلاحقة؟ وما علاقة هذه العودة بالتطبيع العربي مع سوريا بعد افتتاح الإمارات سفارتها في سوريا نهاية عام 2018؟

دخول الشركات العربية.. استثمار مالي

يرى المخرج السوري أيهم سلمان عودة هذه الشركات منطقية لأن الإنتاج الدرامي العربي تضرر كثيرًا بسبب اختلال الأوضاع الأمنية في سوريا، ويشير إلى أن العامل الأهم هو أن تكاليف الإنتاج الدرامي في سوريا قليلة مقارنة بالدول الأخرى المجاورة كلبنان ومصر ودبي، بسبب انخفاض أجور الفنيين وأماكن التصوير المتاحة.

ولا تزال الدراما السورية سلعة رائجة ورخيصة بالمقارنة مع الإنتاجات الأخرى بما يشمل أجور الفنانين أنفسهم، بالمقارنة بين أجور الممثل السوري والممثل المصري أو الخليجي.

بينما يرى المخرج السوري دلير يوسف أن الاستقرار النسبي بمناطق سيطرة النظام في سوريا، وعودة بعض الفنانين السوريين للعمل في الدراما السورية في الموسم الماضي يعطي انطباعًا بوجود فرصة لصنع دراما سورية مرة أخرى.

دخول السوق السورية لا يقتصر على الجانب الإماراتي، إذ نقلت مجلة “سيدتي” الفنية، في 2 من تموز الماضي، نية المنتج اللبناني صادق الصباح إنشاء فرع لشركته داخل الأراضي السورية.

وقال مصدر من داخل الشركة إن كل الأمور مطروحة على الطاولة، ما يفتح الباب أمام دخول شركة “إيغل فيلم” وصاحبها جمال سنان، نظرًا للتنافس الكبير بين الشركتين.

الدراما لا تنفصل عن السياسية

أثار افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق، في كانون الأول من عام 2018، جدلًا كبيرًا مع رغبة الإمارات بتطبيع العلاقات مع النظام السوري، وهو ما يضع ضخ الأموال الإماراتية في الدراما السورية في خط موازٍ للتحركات السياسية.

هل يمكن حقًا فصل الدراما عن السياسة في سوريا؟ لا يعد هذا السؤال ترفًا في الحالة السورية تحديدًا، إذ إن سيطرة النظام على كل تفاصيل الحياة السورية لا تجعل متابعي الإنتاجات الدرامية ينظرون للأمر من زاوية مختلفة، وهذا ما يؤكده دلير يوسف لعنب بلدي.

ويقول دلير إن السياسة بالشكل العام تتدخل في أدق تفاصيل حياة الإنسان، وبالتأكيد فإن الفن الذي يتم إنتاجه في سوريا مرتبط بالسياسة، بينما يرى أيهم سلمان أن المعيار الأساسي للاستثمار الدرامي هو معيار اقتصادي، لا يأخذ بعين الاعتبار الوضع السياسي.

وأوضح سلمان، “المنتجون العرب لم يقطعوا علاقاتهم مع المنتجين السوريين بغض النظر عن التباينات السياسية، وعمليًا المنتج العربي لا يملك وجهة نظر سياسية عن سوريا، ولا يعنيه الملف السوري، ربما يكون متعاطفًا مع طرف دون الآخر وتتضمن أعماله رسائل سياسية معينة، وستجد في العمل التالي مباشرة رسائل سياسية مختلفة، لكن الأهم بالنسبة له هو الاستثمار فقط”.

سياسي اقتصادي.. الأسد يستثمر في القطاع الدرامي

بإمكان النظام السوري استثمار عودة المنتجين العرب لتصوير الأوضاع الاقتصادية والأمنية في سوريا على طبيعتها، وأنها عادت كما كانت قبل عام 2011، وهو قادر على توجيه رسائل اقتصادية للمستثمرين العرب في قطاعات أخرى أيضًا.

ويرى أيهم سلمان النظام لم يكف أصلًا عن استثمار هذا الأمر، ففي أكثر اللحظات العسكرية حرجًا له عندما كانت المعارك في محيط دمشق لم يتوقف عن تصوير الحياة على أنها وردية وتوجيه رسائل التطمين للخارج رغم العقوبات، واليوم للأسف صار الموضوع أمرًا واقعًا، خاصة مع تقديم التسهيلات الاستثمارية والتراخيص اللازمة، مع توجيه رسائل غير مباشرة للمستثمرين في قطاعات أخرى.

ويشير سلمان إلى أن هذه العودة ربما تكون مهمة اقتصاديًا لتأمينها فرص عمل لشريحة معينة من الناس، إلا أنها مهمة للنظام لأنها تغطي جزءًا من العجز الاقتصادي- الاجتماعي وتروج لقدرته على إعادة إحياء البلاد.

كلام سلمان يتفق معه المخرج السوري هوزان عبدو، الذي يؤكد لعنب بلدي أن الدراما صناعة متكاملة ومن شأنها أن تسهم ولو بجزء يسير بتحسين حياة الناس اقتصاديًا.

بينما يرى المخرج يامن عبد النور أن عودة الدراما تؤثر على الأشخاص العاملين والقائمين على الأعمال الدرامية وليس على الصعيد الاقتصادي ككل، فالأرباح التي تجنيها الأعمال الدرامية تؤثر على أصحابها فقط، أما دخولها في دائرة اقتصادية كاملة في سوريا فهذا أمر صعب.

المخرج دلير يوسف يختلف مع تصريحات سلمان وعبدو، إذ يرى أنه من المعيب أصلًا الحديث عن تحسن اقتصادي من خلال الدراما في بلد يعيش الملايين من مواطنيه تحت خط الفقر وسط مئات البيوت المهدمة، وعدم توفير المياه النظيفة على الأقل لسكانه.

ويضيف دلير، فيما يخص الشق السياسي، أن “الأسد كأي ديكتاتور آخر يستغل أي خطوة لتعزيز موقعه في السلطة، ونرى جيدًا كيف يستغل الدراما والأفلام لتلميع صورته وكيف يحاول محو الذاكرة الجمعية للسوريين، ويبني قصته الخاصة الذي يريد بقاءها”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة