“من يشتري أثاثًا منزليًا؟”.. سوريون يودعون اسطنبول ببيع ممتلكاتهم

camera iconسوريون وأتراك في حي إسنيورت في مدينة إسطنبول -28 من أيار 2018 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

محمد الريس – برنامج “مارِس” التدريبي

لم يكن عمر يبحث عن حياة أفضل حين قصد مدينة اسطنبول، بل عن حياة يستطيع أن يدفع فيها إيجار منزله وثمن طعامه، ولو مقابل عمل متعب بمهام صعبة.

عمر حسنين، شاب سوري من مدينة حمص، انتقل من مدينة الريحانية جنوبي تركيا إلى اسطنبول منذ ثلاث سنوات، ولم يكن يملك حينها سوى ثيابه التي تغطي جسده، بحسب ما يؤكده لـ “برنامج مارِس” التدريبي.

وخلال تلك الفترة، اضطر عمر (30 عامًا) لحرمان نفسه من جل ما يشتهي ليدخر مئة ليرة شهريًا (18 دولارًا أمريكيًا)، ليبدأ بشراء أثاث منزله المستأجر قطعة تلو الأخرى، ليحصل بعد ثلاثة أعوام على “منزل متكامل لا ينقصه شيء”.

واليوم، أمام عمر مهلة قصيرة لبيع جميع الأثاث الذي اشتراه خلال الفترة الماضية، قبل العودة إلى الولاية التي استخرج منها بطاقة الحماية المؤقتة الخاصة به، استجابة للإجراءات التركية الأخيرة.

يقول عمر، “كنت أعيش في الريحانية حيث فرص العمل محدودة جدًا والرواتب قليلة، فأتيت إلى اسطنبول لتأسيس حياتي. عانيت في البداية لأن الرواتب في السنة الأولى من العمل كانت قليلة”.

ويتابع، “أريد الآن بيع أثاث منزلي، الذي دفعت من أجله نحو أربعة آلاف ليرة. عرضته بنصف سعره، بينما تنتظرني أجرة الطريق إلى الريحانية، ودفع إيجار منزل هناك، وشراء أثاث مجددًا”.

يتخوف عمر مما سمع به عن “استغلال لأحوال المستأجرين الجدد في هاتاي، فالمنزل الذي كان يؤجر بـ 500 ليرة، أصبح بـ 1000، عدا عن طلب المؤجرين إيجارات ثلاثة أشهر سلفًا”.

وكانت وزارة الداخلية التركية أعطت، في 22 من تموز الماضي، مهلة للسوريين الذين يعيشون في اسطنبول ويملكون بطاقة حماية مؤقتة من ولاية أخرى للعودة إليها، أما بالنسبة لأثاثهم المنزلي، فهم أمام خيارات أحلاها مرّ.

يلجأ قسم من السوريين العائدين من اسطنبول إلى ولاياتهم الأساسية، لبيع أثاثهم، وهذا يعني بالضرورة خسارة قيمتها، إذ باتت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالسوريين في اسطنبول، تذخر بصور الأساس المعروض للبيع.

وعلى اعتبار أن السلع تنخفض قيمتها بكثرة العرض وندرة الطلب، يخسر أغلب السوريين القيمة المجزية لأثاثهم، ويكتفون بمبالغ قليلة مقابلها، تسند أيامهم المقبلة، وهو ما حصل مع عمر.

ثاني الخيارات هو أن ينقل العائد أثاثه عبر سيارة نقل، وهو ما سيكلفه ما يزيد على سعر الأثاث المنزلي ذاته، أما ثالثها فهو أن يستفيد من عروض شركات الشحن التي تنقل الأثاث بمبالغ أقل مما تطلبه سيارات النقل.

محمد (23 عامًا)، هو شاب سوري ينحدر من مدينة حماة، قرر العودة من اسطنبول إلى ولاية هاتاي، لكنه لم يتخذ قرارًا بعد حول الطريقة التي سينقل بها أثاثه.

يقول محمد (تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية) في حديثه لـ “برنامج مارِس” التدريبي، “لم أقرر بعد في أي مدينة سأستقر ضمن ولايتي، أمامي خيارات إسكندرون وأنطاكيا والريحانية، كما لا أدري ما العمل الذي سأحظى به. سأعود ومصيري مجهول تمامًا”.

وكان “منبر الجمعيات السورية” (منظمة تعنى بشؤون اللاجئين السوريين في اسطنبول)، نشر في 31 من تموز، رابطًا عبر صفحته على “فيس بوك”، دعا فيه السوريين العائدين والراغبين بالعودة إلى ولاياتهم، إلى تسجيل بياناتهم لمساعدتهم على نقل أثاثهم مجانًا.

عرض “المنبر” قوبل بالتشكيك من قبل بعض متابعي صفحته، ومنهم بهاء الدين الدمشقي، الذي اعتبر أن مهلة التسجيل (ثلاثة أيام) غير كافية، وأن آلية النقل غير واضحة.

أما عمر حسنين، فيقول لعنب بلدي، “أخبرونا (منبر الجمعيات السورية) أن من أراد نقل أثاثه المنزلي فليتواصل معنا. تواصلنا فقالوا انتظروا منا خبرًا”، ويتساءل، “كيف ننتظر وأمامنا أسبوعان لمغادرة المدينة؟ اقترب العيد، وينتظرنا الموسم الدراسي، ولم نحصل على رد منهم حتى الآن”.

ويؤكد محمد كلام عمر، مضيفًا، “لم نر شيئًا من المنبر الذي قال إنه سيتكفل بنقل الأثاث المنزلي، ولم نسمع أن أحدًا نقل أثاث منزله عن طريقهم”.

وبينما تقتصر مشكلة محمد وعمر على نقل أثاث منزلهما، يضطر أصحاب محال بيع الأثاث السوريون “المخالفون” في اسطنبول، إلى إفراغ محلاتهم ومستودعاتهم، وهو ما يجعل المهمة أصعب وأكثر تكلفة بالنسبة إليهم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة