العمل الإنساني في يومه العالمي: الأمم المتحدة.. أذن من طين وأخرى من عجين؟

tag icon ع ع ع

منصور العمري

يحتفل العالم سنويًا في 19 من آب/أغسطس بـ “اليوم العالمي للعمل الإنساني”، تكريمًا للعاملين في مجالات الإغاثة والمعونة الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم هذه الخدمات الإنسانية، كما يحشد الدعم للمتضررين من الأزمات في جميع أنحاء العالم. اختير هذا التاريخ تخليدًا لذكرى 22 شخصًا قُتلوا في تفجير لمبنى الأمم المتحدة ببغداد عام 2003، تبناه الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي.

كما أطلقت الأمم المتحدة شعار “المرأة في العمل الإنساني” على حملتها في “اليوم العالمي للعمل الإنساني” لعام 2019، تكريمًا للعاملات في المجال الإغاثي.

تقدم الأمم المتحدة، بمختلف وكالاتها داخل سوريا، خدمات إنسانية لملايين المدنيين، وتلعب دورًا مهمًا في دعم ضحايا الحرب في سوريا، وخاصة أولئك الأكثر تأثرًا وضعفًا، في إطار تنفيذها لمهامها الجوهرية في صون السلم والأمن الدوليين، وتعزيز التنمية المستدامة، وحماية حقوق الإنسان، واحترام القانون الدولي، وإيصال الإغاثة الإنسانية.

لكن أخطاء الأمم المتحدة، المنبر والممثل الأكبر للعمل الإنساني، ومسؤولياتها عن انحرافات هذا العمل في سوريا، تزايدت إلى حد كبير لم تعد تندرج في إطار الخطأ البشري غير المقصود. شملت هذه الأخطاء التسبب غير المباشر في مقتل المدنيين السوريين، والترويج لبروباغاندا نظام الأسد المجرم، وتوجيه أموال المانحين في خدمة نظام الأسد، وتزويد روسيا بإحداثيات المرافق الطبية التي قصفتها مع الأسد أكثر من مرة، وتمويلها لجماعات مسلحة ترتكب جرائم حرب، ومؤسسات أمنية سورية مسؤولة عن جرائم كبرى ضد الإنسانية، وجرائم حرب.

تعددت الاتهامات لهذه المؤسسة الإنسانية، من تقديمها دعمًا ماليًا لرجال أعمال يدعمون النظام السوري وتخضع شركاتهم لعقوبات أمريكية وأوروبية، إلى استفادة مؤسسات حكومية وعسكرية سورية من دعم وكالات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى منظمات “خيرية” تابعة لأسماء الأسد، زوجة بشار الأسد، وابن خالته رامي مخلوف، إلى اتهامها بالتواطؤ في جرائم حرب. لا تنتهي قائمة الأخطاء المميتة التي ترتكبها الأمم المتحدة في إطار عملها الإنساني في سوريا. بالمقابل تم تنبيه الأمم المتحدة مرات كثيرة إلى ما انكشف من هذه الأخطاء، لكن دون جدوى.

ففي حزيران 2016، أطلقت منظمة “حملة سوريا الدولية” مع 66 منظمة سورية تقريرًا ونداءً إلى الأمم المتحدة تطالبها بالتوقف عن دعم طرف على حساب طرف آخر، واتهمتها بفقدان النزاهة والاستقلال والحياد في سوريا، وأنها تقدم 99% من الدعم إلى مناطق سيطرة نظام الأسد، أي أن الأمم المتحدة تحرم آلاف العاملات في المجال الإنساني من دعمها.

في آب 2016، نشرت صحيفة الجارديان تحليلًا لعقود بين الأمم المتحدة والنظام السوري تظهر تقديمها عشرات ملايين الدولارات لأسماء الأسد، المروجة للتغطية على جرائم الأسد، ولرامي مخلوف، اللص والممول لجرائم الحرب، ولمؤسسات حكومية أخرى تخضع للعقوبات الأوروبية والأمريكية.

في كانون الأول 2017، اتهمت الموظفة الأممية السابقة، آن سبارو، منظمة الصحة العالمية ووكالات دولية أخرى بالتواطؤ في جرائم الحرب من خلال التزام الصمت حيال تدمير الحكومة قطاع الرعاية الصحية.

في شباط 2018، نشرت مجلة فورن بوليسي مقالًا لسبارو تتهم منظمة الصحة العالمية والوكالات الدولية الأخرى بمساعدة الأسد في حربه ضد المدنيين السوريين.

في كانون الأول 2018، كشف تحقيق نشره موقع درج بعنوان “قروض (أونروا) في سوريا في خدمة عناصر ميليشيات النظام“، عن تورط الأونروا، في تمويل أشخاص وجهات مشاركة بالمعركة في سوريا لصالح بشار الأسد، بالإضافة إلى مؤسسات سورية ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مثل الأمن السياسي والمخابرات العامة.

في حزيران 2019، وأخيرًا وليس آخرًا على ما يبدو، نشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرًا فاحصًا وفاضحًا لعمل الأمم المتحدة في سوريا بعنوان “نظام مغشوش، سياسات الحكومة السورية لاستغلال المساعدات الإنسانية وتمويل إعادة الإعمار”.

في تموز 2019 أصدر مركز “تشاتام هاوس” بحثًا يتحدث عن تطبيع النظام السوري سيطرته على عمل الأمم المتحدة وغيرها، ويقدم توصيات للعمل الإنساني في سوريا.

في آب 2019، نشر “المركز السوري للعدالة والمساءلة” وثائق من قاعدة بياناته الخاصة بالوثائق التي أصدرتها الحكومة السورية، تكشف دور المخابرات السورية في توجيه المساعدات الإنسانية، واستخدامها لمعاقبة السكان الذين تعتبرهم معادين لها، ومكافأة الموالين للحكومة.

تطلب الأمم المتحدة في موقعها “شاركونا بما عرفتموه من تكريس النساء العاملات في المجال الإنساني لحياتهن ووقتهن في مساعدة الآخرين عبر الوسم “#WomenHumanitarians

ربما من الأجدر بالأمم المتحدة استبدال شعار “انحراف العمل الإنساني وحرمان السوريات من دعمنا”، أو “الأمم المتحدة: أذن من طين وأخرى من عجين”، بشعارها “المرأة في العمل الإنساني”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة